في طفولتنا كان لدينا حلوى إسمها (الفيصلية) ..عبارة عن (قضامة) ومغطاة بالسكر ..وكنت قبل ذهابي للمدرسة أترس جيوبي بها , وأحيانا أوزع على رفاق الصف الرابع (ب) , القصة بإختصار أن والدي ذات يوم عاد إلى المنزل ومعه الشوال ...ولأني حصلت على معدل في الصف الثالث مقداره (92) قال أبي عني بأني نشمي وشاطر وبأنه نظيرا لإجتهادي قرر أن يحضر لي شوال فيصلية ..
فيما بعد وحين كبرت سألت أبي وتبين أن تاجرا ما استدان منه مبلغا من المال وحين عجز عن السداد (نتع) والدي الشوال الموجود في الدكان وعاد به ...
عام كامل ومخزوني من الفيصلية لم ينفذ , وأتذكر أن معلمة لمادة العربي جاءتنا من عمان كان اسمها (سهيل) ...ولشدة إعجابي بها وبرائحة عطرها وجمالها ..نسيت نفسي وأنا أتأملها وبدأت اقضم الفيصلية أثناء الحصة..أنتبهت لي وقالت:- (شو عم تئرش) ...أجبتها :- (ما معي قروش) ..وهي كانت تلح علي في السؤال :- (بحكيلك شو عم تئرش).. وأنا مصر أني لا أملك (قروش) ...فيما بعد أكتشفت الأمر وأفرغت جيوبي من (الفيصلية ) وتم طردي من الصف ... أتذكر أنها قالت لي أيضا :- (يا حيوان بتوكل بالحصة؟) وأنا فرحت لأنها مسكت أذني وشدتها كنت أتمنى أن تستسرل في الشد أكثر وفي الشتم أكثر .
أتذكر أني أمضيت عاما مدججا بها , وكنت أتودد لبنات الصف الرابع عبرها ..هذا لاينفي بأني كنت امنح بعض البنات قليلا من الفيصلية لقاء أن اشاركهن لعبة (الحجلة) وأحيانا كنت اقوم برشوة عريف الصف كي يشطب إسم ليلى من قائمة المشاغبين ...وفي بعض المرات وحين أهرب من الحصة الثالثة أقوم بمنح بعض الزملاء من مرتب الخامس قليلا من الفيصلية لقاء مراقبة سور المدرسة .
كنت اصحوا كل صباح وأتفقد (شوالي)..وأخبرت كل رفاق الصف بما أحضره أبي لي لأني (شاطر) .. وأتذكر أني نتيجة لحبي للفيصلية بذلت مجهودا مضاعفا في الرابع وحصلت على معدل مقداره (94) ومع نهاية السنة كان شوال الفيصلية قد شارف على النفاذ ...وحين أحضرت الشهادة قال لي أبي وقتها :-(عفيه النشمي شو بدك) ...طلبته شوال (فيصلية )اخر , ولكنه أحضر لي صندل ماركة (باتا) .
قبل أيام كررت ما فعله أبي معي في الصف الرابع وأحضرت لأولادي شوال (فيصلية) اشتريته من البلد قلت في داخلي الأبناء تكرار للاباء ...وأجلست أولادي جميعهم وأخبرتهم بأن جدهم قد احضر لي مثل هذا الشوال هدية حين كنت في عمرهم أخبرتهم أني كنت مجتهدا واسمع كلام أبي واني لم أقم يوما بحشي اعواد تنظيف الاذان في (أباريز) المنزل الكهربائية أبدا...وأنا سأفعل مثل جدهم ...وأهديهم الشوال .
كانت النتيجة أن جميع المصارف في المنزل قد سدت ..وأدراج العمارة امتلأت بالفيصلية , والأخطر أن شاشة التلفاز كسرت نتيجة قيامهم بإستعمالها كمقذوفات قادرة على إصابة الجسد ...
لست أدري لماذا نبشت ذكرياتي عبر المقال ..ولكن على ما يبدو أنه في هذا العمر يعتريني حنين غريب لزمن (الفيصلية )...على الأقل تركت في أفواهنا حلاوة العمر وحلاوة الذكريات ....كل ما أريده وطنا بطعم (الفيصلية)
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو