خلال السنوات الأخيرة، صارت أوضاع الدول العربية وأحوالها أبعد ما تكون عن 'العادية'؛ حتى بمعايير هذه المنطقة التي طالما عانت الاختلال. لكن مع استثنائية الواقع العربي الحالي وفق كل المقاييس، فقد ظل العمل العربي المشترك، بمستوياته المتعددة كافة، أدنى بكثير من المستوى المطلوب لتقديم حلول ترتقي إلى حجم الأزمات العربية.
تبرز هنا خصوصاً مؤتمرات القمة العربية التي عُقدت خلال السنوات الماضية، إلا أنها كانت أقرب إلى العدم في تأثيرها؛ فلا يكاد المرء يتذكر قرارا واحدا خرج عنها، ساعد في طي ملف واحد من الملفات الكثيرة المشتعلة في الإقليم. على العكس، بقيت 'مؤسسة' القمة العربية مناسبة لإظهار الخلافات العربية-العربية أساساً، كما تتجسد وفق أكثر من معيار؛ أهمها مستوى التمثيل، والمدة التي يقضيها الزعيم في القمة، ونوعية الخطاب الذي يلقيه. هذا بالإضافة إلى حجم المبالغ المالية التي تقدمها الدول العربية المانحة لملف بعينه؛ إذ ينعكس حجم الاهتمام بارتفاع قيمة المنح المقدمة.
اليوم، تنطلق اجتماعات القمة في شرم الشيخ بمصر، والدول العربية تمر بأزمة على مستوى الدول، كما على مستوى التحالفات. فمع تعمق حالة الوهن العربي، وغياب الرؤية العربية المشتركة في مواجهة التحديات، يبدو المد الإيراني -مدفوعا بدعم أميركي كبير- في ذروته، ساعياً إلى السطو على باقي المنطقة العربية.
وإذ لا تبدو التهديدات ذات حدود، فهي تكاد تطل برأسها من كل صوب وفي كل دولة، إلا أنه تغيب، مع ذلك، الرؤية الجامعة والقواسم المشتركة بين الدول العربية، لاسيما في مواجهة أكبر تحديين، وهما: التنظيمات الإرهابية التي تسطو على أكثر من دولة، فيما تختبئ خلاياها النائمة في دول أخرى؛ والتهديد الإيراني الآخذ بالاتساع مقابل انحسار الدور العربي، وغياب الإرادة لمواجهة هذا التحدي وتبعاته.
غالباً، ستمر هذه القمة وفق سيناريو سابقاتها، وإن كان الملف الأكثر سخونة الذي يتصدرها هو الحرب التي أعلنتها السعودية على الحوثيين في اليمن، ضمن تحالف عريض يدعم المملكة، في رسالة ربما تمثل لأول مرة منذ سنوات، 'فعلاً' وليس 'رد فعل'. لكن ماذا غير ذلك؟
القمة سيحضرها رئيس يمني هارب من العاصمة الأصيلة (صنعاء)، ومن العاصمة البديلة (عدن)، بسبب ملاحقته من قبل الحوثيين وفلول الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح. كما سيحضرها رئيس عراقي يدرك تماماً أن قرار بلاده ليس في بغداد، وإنما في طهران. فيما يظل مقعد رئيس لبنان شاغرا، لأن العرافات أنفسهن يجهلن من سيكون. هذا عدا عن غياب كثير من القادة الذين أقعدهم المرض، لكنهم يصرون على البقاء في السلطة.
وهل للسلطة الفلسطينية، التي مزقتها خلافات 'فتح' و'حماس'، أن تنبئنا كيف ستتكلم باسم الفلسطينيين؟! فالسلطة ما تزال تؤمن بشرعيتها، حتى في ظل عجزها عن لم شمل بيتها الداخلي. ويثور السؤال بشأن سورية؛ فهل يمثلها النظام الدموي الذي قتل وشرد الملايين من شعبه، أم معارضات الفنادق التي تبيع وتشتري بحقوق شعبها المسكين؟! ومن سيتحدث باسم الليبيين أيضاً، الذين لم يكادوا يفرحون بالخلاص من الدكتاتور القذافي، حتى جاء تنازع السلطة ليقضي على كل أحلامهم بعيش كريم، يوفره قادة يحترمون عقولهم؟!
بالمحصلة، يبدو الجامع الأبرز هو استمرار شعور الشعوب العربية بالإقصاء والتهميش، وعجز الغالبية العظمى من قادتها عن بناء مستقبل أفضل لها، إذ هم منشغلون بخلافاتهم، إن لم يكن بزيادة أرصدتهم في البنوك، ودائماً على حساب قوت المواطن العربي وكرامته.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو