الجمعة 2024-12-13 02:34 م
 

الكَذِبُ الجَمِيل

03:16 م

مي المصري - شَعْرٌ جَميل عَلى الكَتِفَينِ يَسِيل
يَهطلُ كأمْطارٍ رَبِيعِيّة على الخَصْرِ ويَميل اضافة اعلان

وعُيونٌ تُلاحِقُه كَيفَما تُحَرّك
ذَهاباً وإياباً .... فتَسْتَميل
وجَسَدٌ حُدّدَت مَلامِحُهُ بأقلامِ الفَحْمِ القاسِي الحَنون
وأنامِلٌ تًقطُرُ رِقّة كأوراقِ الياسَمين
وعَينَينِ ذابِلتَينِ كَشمْسِ مَغيب خَجِلة تُخَبّئ الرِواية والقِصّة
وصَوتٌ يَدَندِنُ بإيقاعاتٍ شَقيّة
ليَشُدّ جَميعَ الناظِرينْ
ووَجْهٌ طُفولِي يَحتارُ الصَباحُ بِه، فَهَل تَتَوسّطُهُ الذَهَبِيّة أمْ يَتَوسّطُه هَذا الوَجْهُ الجَمِيل!
فَاخْتارَ مِنْ بَسْمَةٍ مِنهُ تُذِيبُ الهَمّ فِي القَلْبِ الحَزِين
وتُحْي الوَرْدَ على الوَجْنَتَينِ الناعِمَتَين
وشَهَواتٌ مُسْتَذئِبة تَركُضُ وَرَاءَ الجَسَدِ النَحِيل
حامِلَةَ الروحَ البَرِيئَة والحُبّ الجَمِيل
...............
فَتَدخلُ أنْتَ مِن بابِكَ الصَغِير مُعْلِناً أنّكَ مَكَانها الكَبِير
فتُصَدّقُكَ لأنّكَ الحُلُم والمَلجَأ
ظَنْاً مِنْها بِأنّها سَتَنْجَح
لَكِنْ ما تسكنهُ النفْسُ هوَ ما سَيَحْدُث
فاصْطَدتَ القَلبَ بِمَهارَة وأرْضَخْتَهُ لِلهَوى والعِشْق
وابْتَدَأ مِشوَارُها بِالمُقاوَمَة والرَفْض
لَكِنْ مَنْ صَمّمَ على أخْذِ مُبْتَغاهُ قَد صَمّم
فأصْبَحَتِ المَشَاعِرُ تَخْتَلجُ القلبَ كالأمْواجِ التّائِهة أينَ تَضَعُ حِمْلَها حائِرَة
فَقَلبٌ قَد عَشِقَ وانتهى الأمر .....
وباتَت جَمِيعُ المُقاوَماتِ رَمادٌ يَبْحَث عَن الهَواءِ ليَتَطايَر
فَكُلّ ما يُقال، أصْبَحَ يُنَفّذ وكُلّما أعْطَيتْ انهَزَمتْ أكثَر
وخَسِرتْ أكثَر وأكثَر
وكُلّما بَنَت جُسوراً فِي قَلْبِهِ يأتِيها الهَدْمُ بِسُرعَةِ البَرْق
ليَكْسِرَها ويُفَتّتَها وتَنْدَثِر
......................
تَعَلّقَتْ بِهِ بِجُنونْ لُكِنّهُ جَفَاها
وَنَعَتَ حُبّها بِتَصَرّفاتٍ صِبْيانِيّة قَد سَبَقَ أنْ سَلاها
فَبَعدَما اشتَمّ عِطرَها وذَاقَ الكَرَزَ مِن شَفَتَاها
وسَرَقَ البَسْمَة مِن عَيناها
قال لَها أمَامَكِ خَيارَينْ :
أحَدُهُما العَيشُ لِي بِقوانِيني مِن غَيرِ اعتِراض
أو لَكِ حُريّةُ الذهاب، فأنا مَعَكِ لأفرَح ولَيسَ لأكْتَئب
فَهَذا هُوَ طَريقي ومَنْهَجي ولنْ أغْتَرِب
................
جَلَسَتْ تُرَاجِعُ أوراقَها مُسْرِعة فَإنّ ما قالَهُ صَعْبُ الاحْتِمال
وحاوَرَتْ جُروحَها طَالِبَةً مِنها مُسامَحتَه لإنّهُ مَهما طَعَنَ القَلْبَ أَحَبّهُ أكْتَر
فَقاوَمَتْها مُطالِبةُ بِتَحريرِها فالضُلوعُ ضَاقَت بِهذا الحُبّ الأكْبَر
والفُؤادُ عَلِيلٌ بِهُمومِهِ أكْثَر
والشَوقُ يَزِيدُ أكْثَرَ وأكْثَرْ ولَيسَ هُنالِكَ مِن مُجِيب
فَجوُع الجَسَدِ لا يَرْوي عَطَشَ الروح
وإنْ أشعَلَ النّار وقَلَبَ الأسْحار
فَروحٌ تُريدُ مَن يَحتَضِنُها ويَرعَاها كَمَن يَرْعى وَليدَهُ الجَدِيد
وعلى الرُغْمِ مِن ذَلِك فأنّها تَحْتاجُهُ وتُنادِيه
فَماذا يَفْعَلُ الغَريقُ بِمُصابِيه!؟
وماذا يَفْعَلُ العَليلُ بِمَرَضِه!؟
......
الحِيرَة هِيَ كُلّ ما أحاطَها والضَعْفُ هوَ كُلّ ما أصابَها
فَبُعْدُهُ شَوكٌ يُدْمي القَلْبَ وقُرْبُهُ نِيرانٌ تَحرِقُ الإحْساس
فاخْتَارَتِ القَمَرَ المُضِيء وَجَعَلَت مِن نَفْسِها الثُريا
لِتُنيرَ دَرْبَهُ وتَجْعَلَ الرِضَى مُصاحِباٌ لِوَجْهِه
لَكِنّهُ غَدَرَ وَخانْ، وأطاحَ بِحلمِها أرْضَاً مُسْتَهان
بِحُبٍّ جَمَعَ بَينَ أضْلاعِهِ اللُؤلؤَ والمَرْجان
وَخانَ وَفَرّ كَجَبان
مُخَلّفاً وَرَائَهُ عَينانِ مَوجوعَتان
فَيا لَيتَ الأيّام تَعود، لَكِنْ ما كانَ كان
فَلَيسَ هُنالِكَ الآنَ خَيارانْ
بَل صَمْتٌ على جُرْحٍ مَكْبوت
وقَرَارٌ لاعَودَةَ فِيه رَدّاً عَلى الكَذِبِ الجَمِيل
رَحيلٌ طَويل فَمَنْ جُبِلَ بِالغَدْرِ لَنْ يَعْرِفَ الوَفاءَ ولا قَلِيل


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة