الوكيل الاخباري - بات منظر غرق قوارب المهاجرين إلى أوروبا عبر البحر المتوسط مشهدا شبه يومي، وسط تقديرات متبيانة للوصول الى حل لهذه المشكلة الانسانية المتفاقمة التي اضحت تجارة رابحة للمهربين.
ويشكل اضطرار اللاجئين لترك بلدانهم نزيفا هائلا للثروة الوطنية كما هو عليه الحال في ظل الأزمة السورية، لكن اللجوء يشكل في حالات كثيرة نعمة للبلدان التي تحتاج اقتصادياتها للعمالة الأجنبية المؤهلة كالاقتصاد الألماني.
وتُقدّر تكلفة إعداد الطبيب السوري لمدة سبع سنوات نحو مليون دولار تتضمن تكاليف الدراسة الجامعية والبنية التحتية التعليمية والتدريبية التي تسبق حصوله على شهادة ممارسة المهنة. وبالنسبة للمهندس تتراوح التكلفة ما بين نصف إلى ثلاثة أرباع المليون دولار. على ضوء ذلك يمكن للمرء وبحساب بسيط تصور حجم الاستنزاف الهائل للثروة البشرية والاقتصادية التي تتعرض له سورية خلال أزمتها الحالية إذا أخذنا بعين الاعتبار أن حملة الشهادات الجامعية العليا، لاسيما من المهندسين والأطباء يشكلون نسبة تزيد على 15 بالمائة من مجمل اللاجئين السوريين. أما حملة الشهادة الثانوية فيشكلون 35 بالمائة منهم. وفي العالم العربي تعاني من استنزاف كهذا بلدان أخرى ولو بشكل أقل حدة كالعراق ومصر وتونس والمغرب.
نزيف هائل للثروة
يضطر اللاجئون لأسباب قاهرة إلى ترك بلدانهم لأسباب مختلفة في مقدمتها الحروب والفقر والاضطهاد السياسي والاجتماعي. غير أن اللجوء أو الهجرة الجماعية كالذي يحصل حاليا، يشكل نزيفا لا يمكن تعويضه لهذه البلدان، وبالمقابل فإن الهجرة تشكل في حالات كثيرة رحمة للدول المستقبلة للاجئين، لاسيما التي تعاني من شيخوخة مجتمعاتها وقلة الولادات فيها.
ومن الأمثلة البارزة على ذلك الأطباء والمهندسون السوريون في ألمانيا، فخلال الأزمة السورية لجأ إلى ألمانيا 5 آلاف طبيب سوري وما يقارب هذا العدد من المهندسين أيضا. ومما يعنيه ذلك نحو 8 مليارات دولار انفقتها سورية على تأهيلهم انتقلت عبر هؤلاء إلى مختلف الولايات الألمانية. وهو رقم يزيد على تكاليف استيعاب اللاجئين السوريين وغير السوريين الذي خصصت له الحكومة الألمانية 6 مليارات دولار. وإذا أخذنا بعين الاعتبار أن القسم الأكبر من هؤلاء دخل بالفعل سوق العمل والقسم المتبقي يعد نفسه لذلك، فإن بضعة مليارات أخرى سترفد الناتج المحلي الإجمالي الألماني بمزيد من الازدهار خلال السنوات القليلة القادمة. في هذا السياق يتحدث عدد من الخبراء الألمان عما يسميه بعضهم 'أسطورة الطبيب السوري' الذي يتمتع بسمعة ممتازة في ألمانيا بسبب مستوى تأهيله الذي يعادل نظراءه في أوروبا، وهو الأمر الذي يساعده على الاندماج في سوق العمل الألماني والأوروبي بسهولة.
ألمانيا والحاجة الماسة للهجرة
بيد ان تدفق اللاجئين من سورية والعراق وباكستان وأفغانستان وأفريقيا ومناطق أخرى إلى ألمانيا وأوروبا بالآلاف يوميا يشكل أيضا احدى أكبر التحديات الاقتصادية والاجتماعية للقارة العجوز خلال العقود الستة المنصرمة. فمثل هذا التدفق يتطلب التحضير له ببنية تحتية عالية التكلفة تتضمن مقومات العيش الكريم وفي مقدمتها السكن والتعليم والصحة. كما أن هناك شرائح واسعة في المجتمعات الأوروبية ترفض اللاجئين لأسباب عديدة أبرزها الخوف من تراجع فرص العمل ومعها مستوى المعيشة، والخشية من التطرف والعنصرية. وعلى الرغم من المبالغة في هذه المخاوف فإنها بالفعل موجودة وتشكل إعاقة فعلية لعملية دمج قسم كبير من اللاجئين رغم حاجة الاقتصاد الألماني لهم. وهو الأمر الذي عبر عنه أكثر من مرة مسؤولون ألمان مؤخرا وفي مقدمتهم ينس فايدمان رئيس البنك المركزي الألماني الذي صرح أنه يدعم الهجرة، 'لأن ألمانيا تواجه تحديات ديمغرافية خطيرة تتمثل في تزايد شيخوخة المجتمع وقلة الولادات وزيادة التنافسية مع الاقتصاديات الصاعدة'. ونظرا لهذه التحديات فإن ألمانيا والكلام لفايدمان بحاجة إلى المزيد من العمال الأجانب للحفاظ على ازدهارها.
وتقدر هيئات واتحادات أرباب العمل في ألمانيا أن الاقتصاد الألماني يحتاج في الوقت الحاضر إلى نحو مائة ألف من الكفاءات الأجنبية، وهنا تبرز الحاجة إلى الكفاءات الهندسية في مختلف المجالات وفي مقدمتها تكنولوجيا المعلومات. في هذا السياق جاء في دراسة بتكليف من مؤسسة 'بيرتلسمان' الألمانية أن ألمانيا تحتاج سنويا إلى أكثر من نصف مليون مهاجر خلال العقود القادمة من أجل الحفاظ على إمداد سوق العمل ونظم الضمان الاجتماعي بالقوة العاملة اللازمة لاستقرار هذه النظم حتى العام 2050. وعلى هذا الأساس يطالب يورغ دريغر رئيس بيرتلسمان بسن قانون للهجرة واتخذا الإجراءات اللازمة لجعل ألمانيا هدفا للكفاءات من خارج دول الاتحاد الأوروبي.
ويعتقد المتخصصون الالمان أنه، إذا كانت الهجرة المنظمة تقوم على تحضير المهاجرين للاندماج في المجتمع وسوق العمل من خلال توفير متطلبات ذلك من أطر قانونية وتعليمية، فإن اللاجئين لأسباب خارجة عن إرادتهم يرفدون أيضا هذه السوق بكفاءات كثيرة في حال نجح بلد يستقبلهم مثل ألمانيا في توفير فرص عملية الاندماج في المجتمع.
ومن أبرز متطلبات هذا الاندماج حسب الخبير الاقتصادي ناجح العبيدي 'إزالة العوائق البيروقراطية والإسراع في منح اللجوء وتراخيص العمل لمن يستحقها '. لكن العبيدي يرى أن مواجهة تحديات الاندماج لا تقع على عاتق السلطات الألمانية المعنية فقط، بل أيضا على عاتق اللاجئين أنفسهم. فالاندماج والكلام للعبيدي يتطلب منهم أيضا تقبل ثقافة وقيم وقوانين المجتمع الألماني، إضافة لتعلم اللغة الألمانية والاستعداد للانخراط في سوق العمل'.
وعلى صعيد المآسي المتواصلة للاجئين، انقذ 2281 مهاجرا بالاجمال كانوا يحاولون السبت العبور الى اوروبا من السواحل الليبية، خلال ثماني عمليات مختلفة، كما اعلن خفر السواحل الايطاليون، موضحين ان عشر عمليات انقاذ اخرى ما تزال جارية.- (وكالات)
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو