الجمعة 2024-12-13 08:39 م
 

الله يستر

02:55 م

اسامة الخمايسة - في إحدى الدول التي تشهد ما يعرف بالربيع العربي، طالب لا يتجاوز من العمر عشر سنوات. وبالرغم من أنه متوسط الذكاء في دراسته، فإنه يتمتع بشخصية بارزة على مستوى أقرانه ويحظى باهتمام مدرسيه.اضافة اعلان


في الأيام الأخيرة لاحظ مدرس التاريخ، أنه يجلس وحيداً شارد الذهن خلال فترة الاستراحة.

جلس مدرسه إلى جانبه وأراد أن يعرف السبب وراء شرود ذهنه.

أجابه الطفل: إنني مندهش مما يشاهده والدي على شاشة التلفاز، حيث يأتي متعباً من العمل ويجلس ساعات طويلة أمام التلفاز.

استغرب المدرس الأمر؛ لأنه يعلم أن أباه يعمل حمالاً، ومن يمتهن تلك المهنة يسابق الزمن لكسب الدقائق كي يريح بدنه بالنوم، لكن المدرس أخفى دهشته ليسمع ما لدى الطفل، فسأل الطفل: ما الذي يدهشك؟

تابع الطفل كلامه: أشاهد مع والدي التلفاز وأسمع كلاماً غريباً لا أجد له تفسيراً.

تحمس المدرس وزاد فضوله، وأراد أن يعرف ما الذي يدور ببال هذا الطفل، فشجعه على الاستمرار في الحديث، إلى أن بدأ الطفل الكلام من دون توقف وتساءل قائلاً: أعرف أن فصل الربيع هو الذي تنبت فيه الأزهار، لماذا يسمون الفصل الذي تسيل على جوانبه الدماء ويقتل فيه الناس.. ربيعاً؟

وأعرف أن فصل الربيع مدته ثلاثة شهور.. لماذا فصل الربيع هذا العام جاء طويلاً؟

و أعرف أن الإسلام هو دين موجود منذ القدم .. لماذا يتحدثون عن الإسلام وكأنه دين جديد؟

و أعرف أنه بالعمل نجني المال لنشتري الطعام والملابس.. فهل صحيح أننا بعد عمليات القتل سيصبح مع والدي المال الوفير ليشتري لنا الثياب الجديدة والطعام النظيف؟

بعد هذه التساؤلات همّ المدرس بالإجابة على هذه الأسئلة ،، إلا أن الطفل سارع إلى القول بأن أكثر ما يقلقه هو أن يستمر فصل الربيع هذا و ما فيه من أحداث، إلى أن يكبر ويذهب إلى الجامعة، متسائلاً مرة أخرى: إذا ذهبت إلى الجامعة بدون أخي الكبير الذي يصحبني معه إلى المدرسة، هل سيضربني رجال الشرطة أم الناس الذين يقولون عنهم الشبيحة أو البلطجية؟

عندها دخل المدرس في حالة من شرود الذهن ، بعد تذكره أن ذهاب الطفل إلى الجامعة سيكون بعد نحو عشر سنوات، ولم يستطع أن يقول للطفل شيئاً.

توجه المدرس بخطى بطيئة من حيث أتى، وربط يديه خلف ظهره وهو يتمتم قائلاً: الله يستر.. الله يستر.


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة