الوكيل - تنوعت المناهل الثقافية للمخرج السينمائي العراقي جودي الكناني المقيم في الدنمارك حالياً. فهو من مواليد بغداد عام 1953.
تخرّج في معهد الفنون الجميلة، قسم الفنون المسرحية عام 1976، لكنه غادر خشبه المسرح بعد بضعة سنوات ليتخصص بدراسة الإخراج السينمائي في معهد يون لوكا كارجيالي في العاصمة الرومانية بُخارست حيث أنجز هناك سبعة خمسة أفلام وثائقية وفيلمين روائيين، لكنه سرعان ما انتقل إلى اليمن ليدّرس في معهد الفنون الجميلة مدة ثلاث سنوات قبل أن ينتقل إلى الدنمارك عام 1986 ليُخرج عدداً من أفلامه المهمة نذكر منها ‘معرضي الجوّال’، ‘عندما تغضب الجنرالات’، ‘رحلة إلى الينابيع′، ‘الضحية الحي’، ‘الأخضر بن يوسف’ وفلمه الروائي الجديد ‘السيّاب’ الذي وضع لمساته الأخيرة عليه وسوف يُعرض خلال الشهرين القادمين. وبغية تسليط الضوء على تجربته الإخراجية وتعلّقه الشديد بالفيلم الوثائقي الثقافي أو ‘البورتريت السينمائي’ التقته ‘العرب’ فكان هذا الحوار:
بورتريت سينمائي
*تتمحور تجربتك الاخراجية على الفيلم الوثائقي الثقافي. ما سبب ميلكَ لهذا النوع من الأفلام؟ وهل في نيتكَ التوسّع خارج إطار الشعر والشعراء لتشمل جوانب أخرى من الثقافة كأن توثّق حيوات ومنجزات القصاصين والروائيين والتشكيليين والموسيقيين العراقيين وما إلى ذالك؟
- تجربتي الإخراجية لا تتمحور على هذا النوع من الأفلام فقط، بل هي تجربة مفتوحة. ربما تمحورت الأفلام الثلاثه الأخيره على هذا النمط الذي بدأ بفيلم ‘رحلة إلى الينابيع′ ثم فيلم ‘الأخضر بن يوسف’ والآن ‘السيّاب’، لكن تجربتي في شطرها السابق تناولت أعمالاً أخرى تختلف من ناحية صيغة التقديم، أي شكل تقديم الماده الفنيه وصياغة البناء الفني. أنجزت افلاماً روائية في رومانيا وفي الدنمارك، ولكن هذه الأفلام لها أيضاً خصوصيات مختلفة من ناحية الشكل كما في فيلم ‘اللقاء’ الذي أخرجته في بُخارست، فهو فيلم روائي، لكن المساحه التي يتحرك فيها الحدث الفيلمي والممثل هي مساحة صغيرة جداً لاتتجاوز 2 متر مربع حيث أن الحدث يجري في مصعد كهربائي عاطل وكان هذا الفيلم اختباراً صعبا لي اخترته بإرادتي. الأفلام الثلاثة الأخيرة التي أسميتها أنت بالفيلم الوثائقي الثقافي أنا أسمّيها بورتريت سينمائي حيث يتم التركيز على شخص واحد وعلاقته بالمحيط وبنفسه هو أيضاً، فأنا في أي شخصية فنية أحاول أن أصوغ علاقتها بالمحيط الخارجي من خلال دراسة دواخلها التي تُحدد شكل العلاقه مع المحيط. لذا أنا لست متأكداً من مصطلح الوثائقية الذي ورد في سؤالك.
في كل الأفلام التي صنعتها من المؤكد أن هناك جوانب في الشخصيات التي أتناولها تشدني كثيراً وهذه الجوانب هي التي تفرض علي تتبعها. سبب ميلي لهذه الشخصيات هو وجودها العميق في النسيج الثقافي العراقي بالإضافه إلى البعد الإنساني العميق في تكوينها الروحي والثقافي. خلق السياب ذاكرة عربية وعراقية جمعية في ميدان الشعر وسعدي يوسف في نظري هو الذي واصل بثبات عملية التجديد والتحديث في الشعر العربي، كما أنني أرى أن المبدع في العراق مغبون حقه كثيراً وكلمة مغبون مصطلح يعني جوانب عدة. موقفي الشخصي تجاه ثقافتنا ومبدعيها يدفعني إلى سلوك هذا الطريق أو هذا النوع من الأفلام وبشكل مؤقت. بخصوص الشق الثاني من السؤال حول الاستمرار في ‘التوثيق’ لفنانين من أجناس فنيه أخرى. إن الجنس الأدبي والفني الذي يشدّني الآن أكثر هو الشعر ولذا فإن حلمي الكبير هو أن أحقق فيلماً عن الشاعر المعجزه أبو الطيب المتنبي.
اشتراطات بنائية
*هل يجمع فيلمك الجديد ‘السيّاب’ بين التقنيات الروائية والوثائقية أم أنك تروّض الوثيقة لمصلحة الفيلم الروائي ذي الطبيعة الدرامية المتصاعدة؟
* بالتأكيد تختلف تقنية بناء الفيلم الروائي عنها في الفيلم الوثائقي، فالوثائقية لها اشتراطات بنائية خاصة، بمعنى أن الهدف هو التركيز على فحوى الوثيقة لإظهار أهميتها ودلالتها في سير الحدث الفيلمي، هذا اذا كان الفيلم وثائقياً، لكن في حالة فيلم ‘السياب’ وهو فيلم روائي يخضع فيه استخدام الوثيقة لاشتراطات مغايرة وهذه الاشتراطات تختلف من مخرج لآخر حسب رؤيته الفنية ومستوى أدواته التي يعمل بها علماً بأن الكثير من جوانب الفيلم لها أساس وثائقي، بمعنى أن القصيده التي أعمل على بنائها درامياً وروائياً هي في النهايه وثيقة شعرية مرتبطة بالسياب، لكن طبيعة عملي هو إخضاع الوثيقة وتحويلها إلى حدث يتأسس فيه الرمز والدلالة الخاصة بي. بمعنى أن الوثيقه هنا تحمل رؤيتي وتفسيري بعد أن أعيد صياغتها، ولن أقدِّمها كما هي. أنا أولّف حدثاً جديداً مستلهماً من شعر السياب أحافظ فيه على الخط العام للحيثيات الخاصه به كشاعر، كما أحاول إخضاع الوثيقه لرؤيتي، ولن أخضع للوثيقة نفسها، بمعنى أن أقدم رؤيتي وقراءتي الخاصة للسياب.
تجربة جريئة
*درست الاخراج السينمائي في معهد يون لوكا كاراجيالي في العاصمة الرومانية بُخارست وأنجزت سبعة أفلام هناك. هل لك أن تحدثنا عن طبيعة هذه الأفلام وثيماتها؟ وهل أنها تعني المُشاهد العراقي أو العربي بقدرٍ أو بآخر؟
* الأفلام التي أنجزتها في بُخارست هي ذات موضوعات وثيمات مختلفه، خمسة منها وثائقيه واثنان روائيان، لكن جميعها أو معظمها فيها شييء من المغامره. خذ مثلاً فيلم ‘ليلة على الدانوب’ الذي أتناول فيه حياة الصيادين ومعاناتهم وبقاءهم أياماً طوالا في النهر بعيداً عن عوائلهم وخوفهم من العواصف المفاجئة. وفيلم عن الهزات الأرضية الذي أنجزته لحساب الجامعة التكنولوجية في بُخارست كمادة تعليمية وتم تصويره في مناطق مختلفة من رومانيا. أما الأفلام التي تلامس الواقع العراقي فيمكن أن نذكر فيلم ‘اللقاء’ وأنا أعتبر هذا الفيلم تجربة جريئة لأن أحداثه تدور في مصعد صغير والشخصيتان عراقيتان، لكن الممثلين من رومانيا والموضوع عن عراقي تطارده المخابرات العراقيه بهدف تصفيته. وفي المصعد يفاجأ العراقي برجل المخابرات المكلّف بالمهمة، لكن الحظ يلعب دوراً في انقاذ حياته. فقبل تنفيذ العملية يتعطل المصعد ويضطر رجل المخابرات إلى تاجيل مهمته، وهنا تبدأ محاورة فكرية عن مفهوم القتل لتعرية عمل المخابرات وهما بانتظار أن يأتي المسؤولون عن تصليح المصعد. أما الفيلم الآخر فهو عن القضية الفيتنامية ويحمل عنوان ‘هل قتلت أحداً يا أبي؟’. ومن عنوان هذا الفيلم نعرف أنه يدين الحرب الأميركيه الفيتنامية على لسان طفل أميركي مريض يتصور أن كل أميركي شارك في هذه الحرب هو قاتل، وأن علامات الاستفهام التي يضعها على والده كبيرة لأنه شارك في الحرب كطبيب.
مفهوم مريب
*ما حدود إفادتك من النقد السينمائي العراقي خاصة والعربي عامة في تطوير تجربتك الإخراجية في مجال الفيلم الوثائقي والروائي القصير؟
* أنا لست على تماس مع مفهوم النقد السينمائي العراقي، لأنني وكما تعرف بحكم الجغرافيا بعيد عن العراق وأفلامي لم تُقدَّم في العراق، لكنها عُرضت في فضائيات عربيه. كما أن مفهوم النقد السينمائي بالنسبة لي هو مفهوم مريب! أنا أعتقد أن الناقد الجيد للفيلم هو مخرجه الذي صنعه، فبعد إتمام الفيلم وقبل عرضه، عليه أن يتفحّصه بطريقة نقدية محايدة من دون انحياز مسبق لتلمّس مكامنَ الضعف فيه. قرأت كتابات عديده عن أفلامي لكتّاب عراقيين وعرب وهي موجوده على الإنترنت، وأنا أتفحّص ما يُكتب عني وعن الآخرين بدقه لأنني أرى نفسي في الكيفية التي يراني فيها الآخرون أو في الأقل أرى جزءاً من حقيقتي.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو