يذهب ذكاء النظام السوري الى نظرية جديدة هي - كما تقول اوساط روسية - السيطرة على 80% من مساحة سوريا قبل جنيف 2، ليخرج من مأزق الحل السياسي، ببقاء بشار الأسد رئيساً وبقاء جهازه القمعي الإرهابي مسلطاً على أعناق السوريين.
وهذا الذكاء الغريب يتطلب التعامل معه بسؤال بسيط: لم تستطع الحفاظ على النظام وعلى وحدة سوريا ورفاه شعبها حين كنت مسيطراً على 100% منها. فلماذا تسيطر الآن؟
هذا التفكير المسخ ليس مقتصراً على النظام السوري، فهو تفكير عربي يقيس السيطرة بمساحة امتداد قوى القمع والارهاب الامنية على كل الوطن.. ومع كل هذا الذي يجري ما يزال هناك من يصرُّ على «انتصارات» الربيع العربي. وان هذا الربيع هو مؤشر النهضة العربية، ببرقع اسلاموي!
ونقول: لا الربيع العربي، ولا موجات العسكرتاريا التي امسكت بعنق الأمة نصف قرن كامل، اوصلتنا على اول طريق النهضة، وايقظت في اجيالنا صحوة الوحدة والحرية والحياة الفضلى، وفيما عدا ثورة الحسين بن علي التحررية من النير العثماني، فان الحركات الوطنية على جديتها لم تمنع الاستعمار البريطاني - الفرنسي من تقسيم الوطن، ولم تمنع بالتالي تعاسة دول الاستقلال التي ربيت وتدربت على النمط الاستعماري.
امامنا حالة الفشل الثالثة، وما زلنا لم نتفق على تعريف حقيقي لنهضة الأمة المنشودة، لكننا نملك اول الخيط، فقد عرّف المعلم سعادة النهضة بأنها: الخروج من التخبط والفوضى الى الوضوح والنظام! وهذا التعريف يقربنا اكثر من فهم هذه الفوضى الفكرية والسياسية التي نعيشها، ويقربنا من التعامل مع هذا التخبط الذي يشبه تخبط الغريق في الماء!
واستطرادا، فان النهضة لا تبدأ بالانجازات المادية، وانما تبدأ بالفكر الواضح، والنظام المتجدد.. وفي التاريخ بدأت مصر نهضتها في الوقت ذاته الذي بدأت فيه نهضة اليابان، وبدراسة الجذور التاريخية للحالين نلاحظ ان محمد علي «لتمكين» دولته انجز صناعة السلاح، وانشأ اسطولا تفوق في حداثته على الاسطول البريطاني من حيث نسبة السفن التي تُدار بالآلات البخارية، وتلك التي تقلع بالاشرعة، وبادر محمد علي ببعوثه العلمية لفرنسا، وفي عهد ابنائه انتهى العمل بقناة السويس، وكانت القاهرة مهد اول دار اوبرا في آسيا وافريقيا. لكن اليابان ابقت حركتها الداخلية مغلقة عن العالم فيما عدا سفينة اشرعتها برتقالية شهرية تصل الى ميناء محدد، وتبقى وقتا محددا، وتمركزت حركتها الداخلية في الخلاص من عصر «الساموراي» والاقطاع «الشوغن» الى عهد الامبراطورية ووحدة الاديان والولاء، ومفاهيم النهضة، ومن هذا التحشيد الداخلي خرجت اليابان الى العالم بانتصارها المدوي على روسيا عام 1905.. وانتشارها قوة مهابة بين امم الارض.
لقد استطاع الفرنسيون، ثم الانجليز غزو مصر لان الحكم لم يكن وطنيا، وكان النظام - على طريقة دمشق - هو الاساس، ولم ينجح عرابي ابن الفلاحين في طرد قوى الغزو.. وبقيت مصر داخل دائرة التخبط والفوضى حتى كان 23 يوليو ولكن لفترة!
ولقد خسرت اليابان الحرب بكارثة هيروشيما وناكازاكي، واستسلمت للمنتصر الاميركي، لكنها وخلال ثلاثة عقود فرضت نهوضها القومي على المنتصر، واستغلت السلام المحمي بالقوة الاميركية بخروج صادم من التخبط الذي يفرضه الهزيمة، الى الوضوح الذي يبدأ به النهوض، وبالخروج العارم من الفوضى الى النظام!!.
الوحدة، حرية الوطن، الحياة الفضلى هي حصيلة نهضة تصنعها العقول العلمية والاقتصادية والعسكرية والثقافية في الامة، وتحملها اجيال من الشباب تعرف من هي، وماذا تريد!
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو