اختارت من تطلق على نفسها 'الهيئة العليا للمفاوضات السورية المنبثقة عن مؤتمر الرياض لقوى الثورة والمعارضة السورية'، الهروب من جنيف، وترك المفاوضات السورية، التي ترعاها الأمم المتحدة لوقف شلال الدم النازف في كل شبر من الأرض السورية.
اختارت 'الهيئة' ترك جنيف لأيام والخروج منها، لالتقاط الأنفاس، وإعلان تعليقها المشاركة في المفاوضات. كل هذا جاء بعد أن رأت تلك المعارضة أن الجيش العربي السوري يحرز تقدما عسكريا ميدانيا على الأرض، ويقوم بطرد العصابات الإرهابية (داعش والنصرة)، ومن لف لفهما، من أرجاء الوطن السوري.
التطورات الميدانية كانت متسارعة، وحجم هروب تنظيم 'النصرة' و'داعش' من ساحة المعركة كان كبيرا، فلم يستطع الجالسون في جنيف، والذين كان يتسنى لهم الوقوف أمام عدسات التلفاز والإعلام، إلا إظهار الوجه الحقيقي الذي يخفونه خلف ربطات العنق والبدلات الرسمية، فما كان منهم إلا التحريض على قتل أفراد الجيش السوري، كما فعل كبير مفاوضيهم، الذي دعا جماعته من جنيف للقتال.
مغادرة وفد المعارضة لم يكن سببا في إعلان فشل المفاوضات، فالدول الراعية والأمم المتحدة، أعلنت تمسكها بالمفاوضات، الأمر الذي أوقع مجموعة 'الحردانين' من جنيف لإعادة الحسابات من جديد، بعد أن تلمست أن حسابات العالم لم تعد مرتبطة بحساباتها، وأن العالم بات أكثر تفهما من ذي قبل لواقع تلك المعارضات، وباتت بعض الدول تعرف أكثر من ذي قبل حقيقتهم، والأدوار التي يلعبونها، ولذلك أعلن الكرملين والبيت الأبيض، رغم هروب وفد المعارضة ومغادرته جنيف، أن المفاوضات السورية لم تفشل، وأنها مستمرة، فيما كان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أكثر وضوحا، وهو يقلل من أهمية مغادرة وفد المعارضة، معتبرا أن مغادرتهم 'لا تشكل خسارة لأحد غيرهم'، فقال: 'إذا كان أعضاء الهيئة العليا للمفاوضات التي تضم مختلف أطياف المعارضة السورية، يرفضون قبول فكرة أن السوريين وحدهم يجب أن يقرروا مصير بلادهم، وغادروا طاولة المفاوضات، فهذا الأمر لا يشكل خسارة لأحد غيرهم على الأرجح'، وإن من غادر ليس هم المعارضين الوحيدين، ويتوجب عدم استجدائهم.
وفي كلام أقرب إلى التوبيخ، قال لافروف 'إذا كان أعضاء الهيئة العليا للمفاوضات يريدون المشاركة فقط عبر توجيه إنذارات، يجب على الجميع قبولها، فهذه مشكلتهم (...) يجب عدم التعامل مع هؤلاء الذين لا يفكرون سوى بمسيرتهم أو بإرضاء الجهات الحامية لهم في الخارج، لكن مع هؤلاء الذين يفكرون بمصير بلادهم'، معتبرا أن السلوك المتقلب يدلل على وجود جهات تحمِي أولئك المعارضين.
مشكلة بعض المعارضين، الذين ذهبوا إلى جنيف، أنهم اعتقدوا أنه بمجرد وصولهم إلى هناك، سيتم منحهم مفاتيح الحكم في دمشق، وسيطلب منهم تشكيل حكومتهم التي يريدون، وتسمية ممثليهم للرئيس ورئيس الوزراء وغيرها من المواقع، وسيعودون من جنيف إلى دمشق للجلوس على مقاعد الرئاسة، وهم أيضا يرفضون الاعتراف بمعارضين آخرين غيرهم، لأن بعض المعارضين، بخلافهم، لهم وجهات نظر تتعارض مع رغبات هذه الدولة أو تلك، ممن توفر لهم دعما لوجستيا وميدانيا.
رهان أولئك كان بأن يستطيعوا من خلال المفاوضات والهدنة على الأرض، إعادة تموضع عصابات إرهابية، وإعادة تسليحها، والسماح لها بشن هجوم على أفراد الجيش السوري، لإعادة ما تم استعادته منهم قبل بدء المفاوضات.
الواقع الجديد على ما يبدو يقول بخلاف ما يرنو إليه بعض المعارضين 'الحردانين'، فأولئك باتوا أكثر التصاقا بالحائط، وأوراقهم شبه مكشوفة وغاياتهم واضحة، ولم تعد أصواتهم عالية كما كانت سابقا، لاسيما وأن مراميهم ومساعيهم واضحة.
أولئك بات عليهم أن يعرفوا أنهم لن يتسلموا مفاتيح الحكم في دمشق، إلا عبر الحوار السلمي وعبر الديمقراطية، وأن سورية لا يمكن إلا أن تكون دولة مدنية علمانية ديمقراطية تتسع للجميع، ولا مجال فيها لحكم جماعة أو طرف من دون الآخر، كما عليهم أن يعرفوا أن سورية لا تتسع لأطراف إرهابية تحرض على الجيش السوري وتجلس على طاولة المفاوضات.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو