مع التقدير للطوائف والمذاهب والأثنيات أيضا فإنه لا يمكن إلا وصف وإعتبار أن هذا الزمن رديئاً بالفعل عندما تحشر كل هذه الطوائف والمذاهب والأثنيات في الصراعات والألاعيب السياسية وذلك في حين أنَّ الإنحيازات الحزبية كانت حتى قبل نحو قرن بأكمله هي الأساس وكان عنوان التباعد والتقارب سياسيا وكان الإصطفاف لا علاقة له بالدين فـ'الدين لله والوطن للجميع' وكانت الإتجاهات التي تتحكم بمسار الأحداث إما يسارية أو يمينية وإما قومية أو قُطرية وإقليمية وهذا كان ينطبق حتى على بعض الأحزاب والجماعات التي تحمل عناوين دينية إسلامية كانت أم مسيحية.
لقد تحكمت بمسار التباعد والتقارب وبإتجاهات صراعات القرن الماضي بمعظمه إن ليس كله ثلاثة تيارات رئيسية: حزب البعث وحركة القوميين والحزب الشيوعي مع وجود كان في بعض الأحيان فاعلاً لما يسمى الأحزاب القطرية أو الإقليمية وهذا كان محصور على نحو خاص بلبنان ومصر والمملكة المغربية.. وإلى حدٍّ ما بالجزائر وذلك مع أن هذه الأحزاب الإقليمية كانت لها توجهات عامة إما قومية أو يسارية..وإما أميركية أو سوفياتية في مرحلة صراعات المعسكرات التي سادت معظم سنوات النصف الثاني من الألفية الأولى.
لقد إحتدم الصراع بين هذه المكونات السياسية الثلاثة الأساسية الآنفة الذكر في العديد من الدول والأقطار العربية وبخاصة العراق ووصل احيانا حتى حدود التصفيات والمواجهات العسكرية لكنه لم يتخذ الطابع الطائفي إطلاقاً إذ أن الفرز في بلاد الرافدين وفي سورية ولبنان واليمن والسودان وليبيا وموريتانيا أيضاً كان على أساس حزبي فإما بعثي وإما قومي أي (حركة القوميين العرب) وإما يساري – شيوعي أو بميول شيوعية.
لم تكن للإنحيازات المذهبية والطائفية المتفاقمة الآن في بلاد الرافدين (شيعة وسنة) أي دور على الإطلاق في الحياة السياسية فالصراع كان أساساً بين حزب البعث ومعه بعض الإتجاهات القومية وبين الحزب الشيوعي ومعه بعض الإتجاهات الإشتراكية وهذا ما كان قائما في سورية قبل وصول البعثيين للسلطة وبعد ذلك وقبل المرحلة الناصرية وخلالها وهنا مع وجود للحزب السوري القومي الإجتماعي قبل إنكماشه الذي إقترب من التلاشي بعد إغتيال الجنرال رياض المالكي الذي تبعه إغتيال غسان جديد شقيق صلاح جديد بعد لجوئه للبنان بعد مقتل المالكي الذي كان يعتبر أبرز الضباط البعثيين في الجيش السوري وكان المهيأ لإنقلاب عسكري بعثي كالإنقلاب اللاحق الذي تم في 8 مارس عام 1963.
الآن هناك'ردة'سياسية بكل معنى الكلمة فالداء الطائفي والمذهبي والإثني (العرقي) بات ينخر جسد هذه الأمة التي وصفها حزب البعث في شعاره التعريفي الرئيسي بأنها'واحدة'وأنها :'ذات رسالة خالدة'وهكذا فإننا كعرب بتنا نعيش مرحلة مريضة بالفعل ولعل إن ما لا نقاش فيه هو أن'فايروس'هذا المرض قد إنتقل إلى هذه المنطقة بمعظمها.. إلى العراق وسورية ولبنان واليمن أيضاً ودول عربية أخرى من إيران بعد عام 1979 فقبل ذلك كانت كل هذه المذاهب متآخية ومتكاملة لأنها كانت بعيدة عن السياسة ولأن الصراعات السياسية كانت تقتصر على الأحزاب بإتجاهاتها المختلفة.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو