ما يحزن أن هذا الوطن الأب الحاني المهاب المهيب الذي أعطى الهيبة لكل هؤلاء وأولئك من شماله حتى جنوبه ، ومن شرقه حتى غربه ، بات أشبه بالشيخ الطاعن الذي لم يعد يسمع له ولا يسمع منه ، ولا ينظر له بعين العطف ، ولا يتلمسه بيد الحنان ، هذا الوطن وهذه الدولة باتا « مطعما» يدخله الجائعون مهرولون ، حتى إذا ما شبعوا وأتخموا خرجوا منه دون التفاته .
في هذا الوطن وفي هذا الوقت بات من يدافع عن الوطن والدولة وكأنه خارج عن الملّة مذموما ، فكل من شبع من أكتاف الدولة يحاول الخروج من الباب الخلفي ، حتى لا يراه أحد ، وهذا مخطط قديم لضرب الثقة بالوطن والدولة وبات ينجح يوما فيوم .
هذه الأرض الأم الرؤوم التي ضمت بين جنباتها كل الخائفين وكل المحتاجين لا تجد كثيرا ممن يمدحها ، حتى أصبح الأردن مذموما من أبنائه ، والدولة مستهدفة من أبنائها ، والوطن ساحة للأشقياء يستبيحون دماء بعض على أتفه سبب ، ثم يقولون لك أين هيبة الدولة ؟ ألا نزال نسأل رغم كل الشروحات التي تقدمت ، وكل الأحداث اليومية التي تتفجر فيها الصراعات بين أبناء العمومة وأبناء البلدة الواحدة والمدينة الواحدة ، وكل الدسائس والنمائم والشتائم المستترة التي يمارسها الموظفون ضد زملائهم في المؤسسات .
هذا الوطن لن يعود له الألق إلا إذا وقف المسؤول ودافع عن موقفه ، وخرج أرباب الوظائف الكبرى ودافعوا عن الدولة ، وتحملت القيادات المسؤولية الكاملة عن أي فعل أو سياسة تكون فيها مصلحة الوطن ، وقام الموظف العام بواجبه وآمن أن وظيفته هي خدمة الناس لا التسلط والتعالي عليهم أو تحويل المكاتب الى غرف تسلية ، فالإيمان بالوطن والدولة يعطي الإنسان روحا وثابة للمزيد من احترام الدولة ورموزها والانتماء للوطن وثوابته .
اليوم لم يعد أحد يدافع عن الوطن بحق ، إلا من رحم الله من الفئة الطيبة المزروعة في أرض لا يتغير لونها ، كنخل الصحراء الذي ينبت أطيب الثمر رغم ظروف المناخ الصعبة وشح الماء وسخونة الهواء ، أما أولئك الذين فضّلت عليهم الدولة ، أو جعل منهم الوطن رجالات ، فلا أحد يسمع منهم سوى كلمات من هنا وهناك ، مقتضبات خجلات ، رغم تنعمهم بالماء البارد سيله ونسائم المكيفات التي تزرع حدائق الزهور حول مقاعدهم الوثيرة ومغامراتهم المثيرة .
لقد طفت عددا من المساجد في الصلاة خلال شهر رمضان المبارك ، ابتداء من قريتنا وحتى أعماق العاصمة عمان ، ولم أسمع إماما فاضلا ممن جزاهم الله الخير يؤمون الناس ، لم أسمع واحدا منهم يدعو الله في هذه الأيام المباركة أن يجعل هذا البلد آمنا مطمئنا ويرزق أهله من الثمرات ، لقد انشغل الجميع بالدعاء لله للمجاهدين في سوريا وفلسطين والعراق وبورما وكل مكان ،
و يدعون الله ان ينتقم من الأعداء وإسرائيل ، وهم يعلمون أن الله لا يستجيب لدعائنا لأننا نكذب على أنفسنا وعلى من حولنا ونتآمر على وطننا ، ثم نسوق أنفسنا على أننا مصلحون ، أفلا يخرج من بين أصلابكم من يقف خمس دقائق يدعو الله مخلصا أن يحمي هذا الوطن وأهله وقيادته .
لقد أصبح البعض يظن أن مهاجمته الدولة والوطن مثلا تعطيه شهادة الوطنية وتسجله في مصاف الرجال المخلصين ، ولكن المشكلة أن الناس كلها تعرف هؤلاء البعض وتعرف وضاعة نفسياتهم و ضيق مصالحهم الشخصية ومع هذا فهي تجاملهم في كل ما يقولونه ، أفلم يعد هناك من يدافع عن الوطن لوجه الله ، ألا يدافعون إلا بالمقابل .. فهل تحولنا الى مرتزقة وطنية في وطننا ؟
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو