في مقالة لافتة للانتباه، من سفير بريطانيا، في الأردن، بيتر ميليت، عن الربيع العربي، ونشرها موقع الخارجية البريطاني الإلكتروني، يحلل السفير ملف الربيع العربي بشكل عام، وحالة تونس تحديداً.
يروي السفير انطباعاته عن زيارة قام بها الى تونس، وعبر هذه الانطباعات، يدخل الى ملف الربيع العربي، ورأي السفير قد لا يعبِّر عن الخارجية البريطانية، وقد يحمل تعبيرا غير مباشر، لأن السفير في النهاية، لا يمكن أن يكتب بمعزل عن وظيفته، والمقالة تحمل إشارات توجب التوقف عندها.
يسأل السفير ويجيب قائلا: « لماذا اختارت تونس التسوية بدلا من الصراع، السبب الرئيس هو أن تونس لديها شعور قوي بالهوية الوطنية التي تضع المصلحة الوطنية الجماعية في المرتبة الأولى وهذا يعني أن جميع شرائح المجتمع من الجماعات العلمانية والإسلامية ورجال الأعمال والنقابات جميعها شاركت بهدف القيام بما هو أفضل للأمَّة وليس من أجل مصالحهم»؟!.
إجابة السفير حول مبدأ التسوية بدلا عن الصراع، تشخص كل المشهد في العالم العربي، فأغلب الدول العربية التي عصف بها الربيع العربي، اختارت مكوناتها بدلا من الصراع، غير ان السطر الناقص في تأويلات السفير يتعلق حول منسوب العنف الموروث في الشخصية العربية، بين بلد وآخر، وفي تونس فإن منسوب العنف في التكوين الاجتماعي، منخفض جدا، وهذا يسمح بسيطرة مبدأ التسوية على الصراع، لأن غياب العنف عن الشخصية الاجتماعية، يؤدي ضمنيا، الى مجتمع لا دموي، ويتجنب الصراع وانفجاره وكلفته.
في دول عربية أخرى، يقول تحليل الشخصية الاجتماعية، ان العنف كامن أو ظاهر، وموروث في الشخصية الاجتماعية، إذ نادرا ما يتم تخليق العنف في يوم وليلة، وبالتالي الصراع الدموي، وهذا يعني أننا في دول أخرى مثل ليبيا وسورية وغيرها من دول، لم تنزع شعوبها للصراع، لولا وجود جينات العنف لدى احد طرفين، النظام او المعارضة-الشارع، وبالتالي فإن انفجار الصراع، جاء طبيعيا جدا، جراء الاختلاف، وتعريف كل طرف للمصلحة الوطنية الجماعية.
للمفارقة فإن التسوية في تونس، تعبير عن الحرص على المصلحة الوطنية الجماعية، مثلما يقول فرقاء الصراع الدموي، في دول أخرى، إن صراعهم الدموي تعبير عن فهم كل طرف، للمصلحة الوطنية الجماعية.
بقية مقال ماهر ابو طير
المنشور على الصفحة اولى الجزء الثاني
لقرَّاءة الربيع العربي، لا يمكن أن نعزل سمات الشخصية الاجتماعية لكل شعب، أو نظام حكم، واذا كانت تونس في الصف الاول، فهذا لم يأت نتاجا للربيع العربي، بل لأن الموروث الاجتماعي المتراكم عبر عقود، سمح بتفوق مبدأ التسوية على الصراع الدموي، ولا يصح هنا أن نقرأ المشهد ونحلل معانيه، اعتمادا فقط على تأريخ الربيع العربي فقط، وتجاهل ما سبقه من إيجابيات أو سلبيات لدى كل شعب.
الخلاف مع السفير يأتي أيضا عند اعتقاده الذي يقول فيه... «الموضوعات الرئيسة من تونس صالحة للبلدان الأخرى،الحكم وسيادة القانون، الحوار والنقاش السياسي، التسوية والإجماع، احترام آراء الآخرين والموافقة من خلال الشمولية»... وأعتقد بصراحة اتكاء على النقطة الأولى، أي قياسات العنف في التكوين الاجتماعي المتراكمة والموروثة، لفهم الحاضر، ان استخلاص السفير هذا غير صحيح، لأن السلبية ذاتها ستنطبق على بقية شعوب الدول الأخرى، بذات قدر الدموية، لأن المحرك السلبي يطغى على الحوار بفعل ما في التكوين الداخلي، من عنف كامن يميل الى الرفض والصراع والاختلاف.
خلاصة الكلام، إن إمكانية نسخ انموذج تونس في دول الربيع العربي الأخرى، تبدو مستحيلة لاعتبارات كثيرة، والمطابقة تبدو جائرة وغير موضوعية.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو