الوكيل- وكالات - ولد مجلس التعاون لدول الخليج العربية في مطلع ثمانينات القرن الماضي في ظل أزمات أحاطت به، الاتحاد السوفيتي في ذلك الزمان رمى بثقله العسكري في أفغانستان لمناصرة النظام اليساري الأفغاني في مواجهة معارضيه، إعلان الثورة الإيرانية وسقوط نظام شاه إيران، والحديث عن تصدير الثورة الإيرانية إلى دول جوارها العربي، بوادر نشوب مواجهة مسلحة بين العراق وإيران الثورة، وفي ذات السياق خروج مصر من جامعة الدول العربية بعد توقيع اتفاقية سلام مع إسرائيل كل تلك العوامل وغيرها أدركت بعض دول الخليج العربية أنها أصبحت مكشوفة أمنيا فتداعوا لاتفاق يجمع هذه الدول من أجل الحفاظ على أمن المنطقة واستقرارها فكان مجلس التعاون لدول الخليج العربية.
(2)
لم يسلم هذا التنظيم من النقد من عرب الجوار على وجه الخصوص وجواره العجمي، قيل عنه عربيا بأنه نادي الأغنياء، وفي مواجهة هذا النادي قام تجمع آخر هو مجلس التعاون العربي الذي يضم كلا من العراق ومصر والأردن واليمن الأول استمر في الحياة بالرغم من علله والآخر أفل نجمه قبل أن يشتد ساعده . كان رأي الكاتب بأن مجلس التعاون لن يكتب له النجاح والعراق واليمن والأردن في ذلك الزمان خارج دائرته وما زال هذا الرأي قائما حتى هذه اللحظة.
(3)
انعقدت قمة مجلس التعاون في دورتها الـ 33 في مملكة البحرين وغلب على هذه القمة طبيعة التمثيل إذ أن ممثلي الدول الأعضاء كان معظمهم من الصف الثاني في القيادة ولكل أسبابه، ولكن المتابعين والمهتمين بالشأن الخليجي راح كل واحد منهم يدلي برأيه في مستوى التمثيل، والإجماع حول هذا الشأن يقول بأن الأجواء السياسية بين القادة الخليجيين ليست في أحسن حالاتها يكاد المتابع لهذا الشأن يقول إن هناك قضايا وأزمات داخلية في بعض دول المجلس يرى البعض أن مناقشة تلك القضايا أمر في غاية الأهمية لكن البعض الآخر يرفض ذلك المنحى، مثال صغير أورده للدلالة لماذا منعت محطة الجزيرة الفضائية من تغطية مؤتمر القمة؟ برغم كل الأسباب التي أوردتها وزارة الإعلام البحرينية إلا أنها أسباب واهية غير مقبولة جملة وتفصيلا البعض الآخر من حكامنا الميامين ليس راضيا بما يجري في مصر العزيزة وتقدم الإخوان المسلمين في العملية السياسية بينما البعض الآخر يعتبر أن ذلك شأن داخلي لا يجب الوقوف عنده، وآخرون ليسوا على وفاق بما يجري في سورية إما بدافع الغيرة أو بدافع عمى البصر والبصيرة، وكذلك الشأن اليمني والعراقي والأردني والمتغيرات المتلاحقة في تلك الدول ولهذا جاء البيان
الختامي باهتا لا روح فيه.
(4)
إذاً، جاءت الدورة 33 لقمة مجلس التعاون والأزمات من حوله تتصاعد، إيران تسير بخطوات سريعة نحو الولوج في معراج التسلح النووي، ومناورات عسكرية برا وبحرا وجوا تجري على حوض الخليج العربي وفي مداخله، تجريب أسلحة صاروخية طويلة وقصيرة المدى، استفزازات عسكرية على شواطئ الإمارات العربية المتحدة ' الجزر الثلاث المحتلة ' إيران تتمدد وقد وصلت طلائعها الفقهية والمالية والاستقطاب إلى جنوب الجزيرة العربية وعلى البحر الأحمر في مواجهة معامل البترول في ينبع السعودية أنها تقوم أي إيران بعملية تطويق لدول مجلس التعاون شرقا البحرين والكويت والسعودية وغربا في البحر الأحمر في موانئ السودان والقرن الإفريقي، وفي الشمال مرشحة لاختراق الأردن الشقيق إلى جانب وجودها في سورية ولبنان والعراق تحت الاحتلالين أحدهما مباشر وهو إيراني والآخر أميركي، والأردن تعتصره أزمات لم يتقدم أحد من دول المجلس لانتشاله من أزماته قبل أن تختطفه قوى أخرى يصعب علينا فيما بعد التعامل معها، واليمن لم تعمل دول المجلس مجتمعة أو فردية على العون الفعلي للشعب اليمني للخروج من أزماته التي تنعكس سلبا على جواره الخليجي وعلى وجه الخصوص السعودية وعمان .، مصر الجديدة يجري
استعداؤها من قبل بعض دول المجلس وهذا في غير صالح الخليج عامة ولا أريد تفصيلا في هذا المجال .أزمات داخلية تعتصر دول المجلس والمطلوب حوار وطني صادق من أجل الإصلاح والابتعاد عن معالجة تلك الأزمات بالمنهج الأمني لأن ذلك يقود إلى تصعيد الأزمات لا حلا لها.
(4)
في سياق الحلول الأمنية التي تتبعها معظم دول المجلس لمواجهة الأزمات تم اعتماد الاتفاقية الأمنية من قبل المجلس الأعلى في قمة البحرين الـ 33 بعد مخاض عسير . هذه الاتفاقية بقيت في ملف سري للغاية لا يعلم بنودها غير الله ووزراء الداخلية ومستشاريهم لسنوات طويلة، يقول السيد الزياني الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي: ' إننا لم ننشر الاتفاقية على وسائل الإعلام لأننا كنا ننتظر هذا اليوم المبارك لتصديقها من قبل القادة، ولكن يمكنكم الاطلاع عليها في القريب العاجل'.
نعلم أن هناك اتفاقيات أمنية وقعت بين دول مجلس التعاون كل على انفراد مع أمريكا وبريطانيا وفرنسا وما برحت تلك الاتفاقيات سرية حتى الآن علما بأن مثل هذه الاتفاقيات يجب أن تكون علنية حسب قواعد القانون الدولي الذي يحرم الاتفاقيات السرية بين الدول.
الاتفاقية الأمنية التي وقعت في البحرين تخص جماعة الدول الأعضاء في مجلس التعاون ولكونها تمس أمن المواطن في منطقة الخليج فكان واجب إعلان نصوصها قبل التوقيع النهائي من قبل المجلس الأعلى ليتناولها أهل العلم والقلم بالشرح والتحليل بغية الوصول إلى نصوص متفق عليها وتحوز على الإجماع الشعبي لكي يكونوا حماة هذه الاتفاقية، ولأننا شركاء في الوطن فمن حق المواطن أن يشارك في وضع قواعد قانونية تحقق أمنه وسلامته وحقه في الحرية والمشاركة في صياغة أي قانون يمسه .
*محمد صالح المسفر - كاتب واكاديمي قطري
الشرق القطرية
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو