لا يوجد اكرم واسخى من الدول العربية في إصدار المواثيق وصياغة القرارات التي تتعلق بالشؤون الداخلية وبالعلاقات البينية بين الدول ، ومع كل هذا هناك تدهور في العلاقات العربية العربية وتقطع جسور بين الشعوب والحكومات مع تنامي حالة غياب الثقة التي تترجم بالفوضى والعنف او بشعار ( ما لي دخل ) .
مسلسل تاريخ اللجان لم ينقطع على الارض العربية ومقررات التضامن والتعاون التي كتبت تحت مظلة الجامعة العربية ومؤسساتها لا تستوعبها مكتبة الإسكندرية من فرط حجمها ومع ذلك لا نكوص عن عادة تشكيل اللجان ولا اعتراف بان كل ذلك مضيعة للوقت وضحك على النفس وعلى الناس .
ما تحتاجه الشعوب العربية هو وضع دساتير تحترم وتنفذ ويتم الالتزام بها الى حد القداسة , دساتير فرغت الشعوب الأوروبية والأمريكية من وضعها قبل مئات السنين ، لم تنتهك خلالها ولم يجر عليها من تعديلات الا من اجل الغاء او اضافة بنود تعطي حقوقا جديدة للمواطنين ، فيما لا تزال الدول العربية منشغلة في الخلاف على شكل الدستور، وحتى ان كتب على نمط افضل دساتير العالم، فانه يتحول في العالم العربي عند التطبيق الى مجرد ورقة يتم تعطيلها او التخلي عنها بجرة قلم ، وصياغة دستور آخر بديل بجرة قلم أيضاً .
لقد تصدر هدف وضع دساتير ديموقراطية شعارات الربيع العربي غير انه وبعد ثلاثة أعوام من بدايته ظهرت معارضات عنيدة لهذا الهدف من قبل قوى في النظم القديمة ومن مجموعات متطرفة معادية للحرية والديموقراطية ومنادية بالاستبداد والنظام الشمولي بحجة ان الحكم ( تعبير عن ارادة مقدسة ) وبان ارادة الشعب كمرجع للسلطات هي هرطقة وكفر .
يسمى الدستور ، بالقانون الأعظم او أبا القوانين والدولة التي تلتزم بتطبيق دستور عصري بدون انتهاك له او تعطيل تسمى دولة القانون ، اما أسلوب الوعظ والمواثيق كنهج تدار به الدول وتحكم به الشعوب كما يحدث في معظم الأنظمة العربية فلا قيمة له امام نهج الالتزام الدستوري والقانوني وفق الصيغ الليبرالية الديموقراطية الغربية التي تحدد الواجبات والحقوق بكل دقة وتفصيل و لا يوجد غيرها في هذا العالم من صيغ ، الا نماذج دستورية تقترب من الاستبداد والديكتاتورية .
لو ان المواعظ والمواثيق تغير الواقع الى افضل لكانت المجتمعات العربية مجتمعات ملائكية تعيش في سلام ووئام لكثرة ما يضخ على اسماعها من بيانات في الوحدة والتضامن والإصلاح والفلاح، وفي تعظيم وتمجيد الوحدة الوطنية والتعامل الأخلاقي في بيانات ومواثيق مآلها على ارض الواقع كالماء في الغربال ، وما كان لهذا الواقع المؤلم ان يستفحل مؤشراً على التدهور السياسي والاجتماعي في جميع الميادين ، من الوعي بسلامة الأوطان الى ابسط ممارسات السلوك بين المواطنين .
المواطن مهما بلغ من العلم والوعي يظل إنسانا تسيره مشاعر مختلطة من الحب والكراهية ، من نوازع الرغبة بالتملك والأنانية والسيطرة ، وبدون وجود القانون وتنفيذه بعدالة ومساواة من السلطة الحاكمة تحت مظلة الدستور ، واحترامه واطاعته من قبل الناس لا تكون قيمة او فاعلية لاي مواعظ ومواثيق .
البديل عن دولة القانون هو ضياع هيبة الحكومات ونشر الفوضى وتفتت المجتمع كما يجري في العديد من الدول العربية التي يسود فيها حكم المصالح المحدودة لفئة او جماعة او طبقة على حساب الشعب وتختفي فيها عملية بناء دساتير تقيم دولة القانون على الجميع حكاما ومحكومين .
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو