بَسْ أرجع

كاد الرجل الذي يعرض ملابس»البالة» في «وسط البلد» يفتك بي،بعد أن اخترتُ»جاكيتا» محترما بسعر «طريّ»،وقلتُ له:خليلي ايّاه بَسْ أرجع!اضافة اعلان


فقام مُزْبدا، مُعَرْبِدا، غاضبا. وحينها أدركتُ أنني ربما «عكّيت» وأخطأتُ بحق الرجل،فغدتُ أستفسر عن «سر»غضبه وانزعاجه.
ردّ عليّ: ما بكره كلمة في الدنيا زي كلمة»بس أرجع».لأن الناس يستعملونها للتهرب من الشراء.ونادرا ما يقولها احدهم ويرجع.
تفهّمتُ سبب ثورته ونحن في زمن الثورات،المنظمة والفالتة،العفوية،والموجّهة.
قلتُ في نفسي: يعني أجت عليك،حقّك عليّ، وتناولتُ»الجاكيت» وعدتُ الى السيارة،ومن ثمّ تابعتُ سيري نحو «مطعم هاشم» لتناول الفول والحمّص مع العائلة الكريمة.
وفي منطقة» الجورة» في «سقف السّيل»،عاينتُ «حذاء» من «البالة» طبعا،واعجبني، وترددتُ في شرائه،بعد أن اعترض احد أفراد العائلة على ثمنه،وقالت ابنتي الصغرى،أنه»لا يساوي عشرة دنانير»يمكن ان نأخذه في مكان آخر بسبعة دنانير.فقلت للرجل:أوكي،خليلي اياه بس أرجع.
فغضب البائع،ويبدو أنه اعتقد أننا «عائلة قطيعة رزق».
وفي الذاكرة الكثير من استخدامات الكلمة التي ربما ترتبط بعقدة» الرجوع»،سواء تاريخيا،منذ هجرة الفلسطينيين او طرهم من بلادهم،وكان بعضهم،يأمل أن «يعود» فاحتفظ ب»مفتاح البيت».
وفي حياتنا العادية حين تستعد للذهاب الى العمل،تقول لك زوجتك،حابي احكيلك بهالموضوع. فترد عليها:خليه لما «أرجع». وكالعادة،تنشغل وتنسى ما وعدت به.
حتى في الزواج،والارتباط، تجد الشاب المقبل على الزواج،يقول للفتاة التي يحبها،خلينا نقرأ الفاتحة وبس»أرجع» بخطبك.
ويذهب الشاب وتذهب أحلام الفتاة بلا رجعة.
يبدو اننا اعتدنا الرّهان على شيء مطلوب لكنه مؤجَّل وغير مضمون.
منّا مَنْ اعتاد على ذلك، ومنا مَنْ فهم اللعبة جيدا،فأدرك أن «بس أرجع» تعني،نقيضها.
.....
عندي،مشوار، «بس أرجع» بكمّل المقال.!