بطر يا دنيا بطر

بعد أن زاد من راتبي (كمشة مش بطّالة) الشهر الماضي ..احترتُ ماذا سأفعل بالزائد من المصاري ..ولأنهم دائما يقولون : المصاري وسخ ايدين ..فلم أرغب مطلقاً أن تبقى يداي متسختان ..! لذا ؛ وبعد أن صحوتُ من النوم فرحاً و أنا أصفّر و أدندن ..صحا أولادي أيضاً فرحين مستبشرين ..وتوجهوا إليّ كالعادة و باسوا على يدي و قالوا لي : صباح الخير يا أحلى أب في الدنيا ..! اعتقدتُ بأنهم يهزّون لي (ذنباً) لأن هزّ الذنب ماشي حلو بهذين اليومين ..ولكنهم خيّبوا أملي عندما رجوتهم أن يأخذوا مصروفهم ورفضوا بشدّة قائلين : عيب يا بابا ؛ هو إحنا بيننا مصاري ..خبي فلوسك عيب ..!

حتى زوجتي ..طلبت منها قائمة أغراض البيت ..فقالت لي بكشرة عاتبة : ما تخليني أزعل منك ..القائمة مسؤوليتي أنا ..انت بس ارجع لنا بالسلامة ..وأشرفت على تلبيسي و تعطيري و توديعي للباب ومن ثم شوّحت لي بيدها من على البلكونة بابتسامة ساحرة كدتُ من فرط سحرها ارجع اركض على الدرجات و احضنها و أقول لها : بحبك يا بِتْ ..!

ذهبتُ لشركة الكهرباء ..اعطيته فاتورة ..قام الموظف ..عبطني ..وقال لي : الحساب مدفوع ..! قلت له : من دفعه ؟ قال لي : فاعل خير اسمه الحكومة ..! لاااا ؛ هيك كثير عليّ ..!

وين أروح بالمصاري..وين ..؟ دخلتُ مطعماً ..وطبشتها و طلبتُ : نص كيلو كباباً ..وعند الحساب لم أجد (الكاشير) ..ولم أجد أحداً يرضى أن يأخذ الحساب : ما الناش دعوى وروحْ روِّح أحسنلك ..! يا الله ..ما هذا .؟!

حاولتُ الاتصال بأكثر من حدا كان بحاجة ..قلتُ أتصدق ..قال لي أحدهم : إذا بدك بعطيك ..وآخر قال لي : بغرقك مصاري ..وثالث صرخ في وجهي : إذا بتعيدها مرّة ثانية عمري ما أكلمك ..!

قلت لا يوجد حل في صرف المصاري إلا إني أعمل عزومة منسفيّة لأقاربي ..زمان ما تبطرت ..اتصلت بهم فوافقوا كلّهم على العزومة ..ولكنهم اشترطوا عليّ ألا أكلف نفسي بشيء إلا باستقبالهم في بيتي ..وهم سيأتون بكل شيء جاهز حتى البصل و الجرجير ..!

وبعدين مع أخت هالشغلة ..؟ لازم أطيّر المصاري..أنا متعوّد هيك ..فقررتُ أن أتبرع بها كلّها إلى إحدى الجمعيات الخيرية التي تقوم بعمل انساني ..وحفيت قدماي على أن أجد جمعية بهذه المواصفات فلم أجد ..!

أخيراً وفي لحظة برد شديد ..أحضرتُ كمشة المصاري ووضعتها في صينية و أشعلتها كي اتدفأ بها قليلاً ..!
بطر يا دنيا بطر..!