قبل عامين من يومنا هذا كان النظام السوري على وشك السقوط. لم يكن لأحد أن يتنبأ بمستقبل سورية بعد ذلك؛ عشرات الفصائل المتناحرة يغلب على معظمها النزعة المتطرفة، وتدين بالولاء لدول خارجية.
نقطة التحول الكبرى في المواجهة الكونية تمثلت بالتدخل العسكري الروسي. منذ ذلك اليوم تغير ميزان القوى بشكل جذري. أكثر من ثلاثين ألف طلعة جوية كانت كفيلة بخلق واقع جديد، رافقها عمليات في الميدان، ومقاربة سياسية ودبلوماسية منحت النظام فرصة استعادة المبادرة.
كان دور روسيا ومصالحها الدولية على المحك، مثلما الحال مع زعامة بوتين. ولم يكن أمام القوى الغربية والعربية المنخرطة في اللعبة السورية سوى الوقوف متفرجة على الدب الروسي وهو يصول في سورية.
واشنطن على وجه الخصوص كانت تمر في مرحلة انتقالية مضطربة بين عهدين. لم يكن بوسعها أن تفعل الكثير ولم تكن إدارة أوباما في الأصل ترغب بدور مباشر في الحرب الطاحنة. ومنذ اللحظة التي تراجع فيها الرئيس الأميركي عن خططه لقصف مواقع النظام بعد قصة الكيماوي، أدركت روسيا ومعها كل الأطراف أن الولايات المتحدة الأميركية سلّمت بالدور الروسي في سورية.
وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض سهّل المهمة الروسية، فالرئيس الشعبوي لم يكن يهمه شيء سوى محاربة الإرهاب 'الإسلامي' والقضاء على تنظيم داعش الإرهابي.
امتلكت موسكو منذ اليوم الأول لدخولها سورية استراتيجية واضحة لتعزيز قدرات النظام في الميدان ومساعدته على استعادة السيطرة على المناطق الحيوية ضمن خطة متدرجة، بدأت بتحصين دمشق وتحرير مدينة حلب الاستراتيجية وتسوية الأرض في مدن وأرياف سورية لتمكين قوات النظام من التقدم على جميع المحاور.
آخر المعارك الاستراتيجية التي خاضها سلاح الجو الروسي كانت معركة دير الزور الحاسمة ضد تنظيم داعش الإرهابي، فيما قوات سورية الديمقراطية تجهز على معقل التنظيم في مدينة الرقة ومحيطها.
تطورات الحرب في سورية منحت روسيا الأفضلية، فمع تنامي الطموح الكردي هناك أجبرت تركيا على تغيير استراتيجيتها في سورية بشكل كامل. وبعد مواجهة أولية مع روسيا 'حادثة إسقاط الطائرة الروسية' ومحاولة الانقلاب المرعبة، وتفاقم الخلافات مع واشنطن والدول الغربية، وجد أردوغان نفسه في حضن الدب الروسي. فانقلب على مواقفه السابقة وتخلى عن دعم المعارضة السورية، خصوصا في معركة حلب، وانخرط في عملية أستانة إلى جانب روسيا وإيران، لوقف إطلاق النار وإنشاء مناطق خفض التوتر في عموم سورية.
دول الخليج التي ساندت المعارضة السورية بشكل يفوق أي طرف آخر استسلمت للواقع الجديد وبدأت بنفض أيديها من الملف السوري برمته.
الأردن الذي راهن منذ البداية على التدخل الروسي استثمر علاقاته الوثيقة مع موسكو لتأمين حدوده الشمالية، وإحياء اتفاق وقف إطلاق النار، وكان اتفاق عمان ثمرة لهذا التعاون، في خطوة على طريق استعادة علاقاته الطبيعية مع سورية.
تدرك موسكو أن النجاحات التي تحققت في العامين الماضيين ليست نهاية المطاف. ثمة حاجة ماسة لمقاربة سياسية تضع سورية على طريق الاستقرار السياسي ومرحلة إعادة الإعمار وعودة اللاجئين والمهجرين.
ربما تحتاج إدارة بوتين لسنتين إضافيتين لتحقيق هدفها النهائي في سورية، هذا إذا ما تمكنت من التفاهم على صيغة للحل مع إيران.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو