الجمعة 2024-12-13 08:10 م
 

تحت المراقبة

07:25 ص

من الآن فصاعدا، سيعيش طلبة الجامعة الأردنية تحت المراقبة على مدار الساعة؛ إدارة الجامعة، وفي مسعى منها للحد من ظاهرة العنف الجامعي، نشرت 246 كاميرا في ساحات وشوارع وأروقة الجامعة 'للحفاظ على ممتلكات الجامعة، وللإسهام في الحد من العنف الطلابي ومراقبة حركة دخول المركبات وخروجها من الجامعة'، وفق بيان إدارة الجامعة.اضافة اعلان

اعتقد أن جامعات أخرى تعاني من داء العنف الجامعي ستحذو حذو الجامعة 'الأم' قريبا؛ فـ'ترشم' ساحاتها وقاعاتها بالكاميرات، لتسجيل كل حركة، وتصوير 'الطوشات' الطلابية أولا بأول، وبثها على الهواء مباشرة لمركز 'التحكم الإلكتروني'.
ربما يكون لمثل هذا الشكل من أشكال المراقبة أضرار جانبية على جمهور عريض من الطلاب والطالبات المسالمين، كما يمكن أن يُصنّف الأمر على أنه تعد على الخصوصيات، وما أكثرها في الجامعات. لكن أيا كانت الاعتراضات، فإنها تهون أمام الحاجة الملحة لاحتواء ظاهرة العنف الطلابي.
لقد سبقت مؤسسات كثيرة الجامعات في استخدام أنظمة المراقبة؛ المستشفيات، والبنوك، والشركات الكبرى، والمصانع، والمطارات. وحتى المنازل الفارهة عادة ما تحيط بواباتها وأسوارها بكاميرات المراقبة. وقبل هذا وذاك، هناك كاميرات مراقبة السرعة على أطراف الشوارع والطرق السريعة.
لم نصل بعد في الأردن إلى مرحلة تركيب الكاميرات في الشوارع العامة، على غرار عواصم ومدن عالمية عديدة، مثل لندن ونيويورك ودبي. في الماضي، لم تكن حياة الناس في تلك المدن تخضع لهذا القدر من المراقبة والتحكم، لكن بعد أن ضرب الإرهاب في أكثر من مكان، أصبح الملايين من الناس في الشوارع تحت المراقبة الكاملة.
في كل زاوية من زوايا المدن الأوروبية والأميركية، هناك كاميرات حساسة ترصد 'حركة النملة'؛ توثق الوجوه والملامح الدقيقة للمارة من دون أن يشعر أحد بوجودها.
وما تزال في الذاكرة الصور وتسجيلات الفيديو لشرطة دبي، التي سجلت حركة عملاء 'الموساد' الذين اغتالوا القيادي في حركة حماس محمود المبحوح؛ منذ لحظة وصولهم إلى المطار، وحتى مغادرة الفندق بعد ارتكاب الجريمة.
لسنوات مضت، لم تكن الحكومات وأجهزتها الأمنية في الدول الديمقراطية لتجرؤ على فعلٍ كهذا، ينطوي على تعد صارخ على خصوصيات الناس وينتهك حرياتهم. لكن شعور الناس بالتهديد دفعهم إلى القبول بهذا الإجراء المتشدد.
بالعودة إلى 'ريادة' الجامعة الأردنية في هذا الميدان، فإن المهم ليس التسجيل الروتيني واليومي لتحركات الطلبة، وتوثيق معاركهم الطلابية، بل محاسبة المتورطين استنادا للأدلة القاطعة التي يوفرها نظام المراقبة. ففي حوادث سابقة، ضُبط مثيرو الشغب بالجرم المشهود، لكنهم أفلتوا من المحاسبة بقدرة قادر. الكاميرات تُوفر الدليل، لكن المهم تَوفر الإرادة والقرار لمعاقبة الخارجين عن القانون.
العالم اليوم يخضع كله للمراقبة؛ من البحر والبر والفضاء. الهواتف ومواقع التواصل الاجتماعي، وشبكة الإنترنت عموما، تخضع للمراقبة. وفي مطارات بعض المدن الكبرى، تصور أجهزة التفتيش المسافرين عراة من غير أن يلحظوا ذلك. وها نحن نلتحق بالركب العالمي، والبداية من الجامعات.


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة