السبت 2024-12-14 02:57 ص
 

تخوين ساذج

07:30 ص

الاحتجاجات السلمية على اي قرار، امر طبيعي، ومصان قانونيا، في الاردن، ويعبر اساسا عن وعي المحتجين، الذين لا يريدون ان يحتجوا بعنف، ولا يقبلون ايضا، ان يحرقوا البلد، من اجل التعبير، عن مواقفهم، وهي مواقف في حالات كثيرة، تعبر عن ذات مواقف الصامتين والحياديين والسلبيين الذين لم يشاركوا في هذه الاحتجاجات السلمية.

اضافة اعلان


احيانا تتسلل قوى سياسية، وتحاول توظيف هذه الاحتجاجات، من اجل حساباتها الحزبية او السياسية، وهذا امر نراه في كل دول العالم، والتوظيف يكون مقبولا، اذا لم يخرق السقوف، ولم يكن تغذية لحسابات خطيرة، غير ظاهرة، والكل يعرف ان لكل جهة حدا مرسوما.


وسط هذه الاجواء، وبعد ان شهدنا عدة احتجاجات في عدة محافظات، جراء القرارات الاقتصادية الاخيرة، يخرج من يريد اهانة المحتجين،وهذه الطريقة باتت تتسبب اصلا، بإثارة ردود فعل اضافية، بدلا من التهدئة، وقد سمعنا اتهامات عن مندسين ومندسات، وعن ايد خفية تريد تخريب البلد، والتسبب بفوضى، والذي يظن انه بهكذا كلام يخدم الدولة، وامن البلد، مخطئ، لانه هنا يستثير طبقة مستثارة اصلا، لفقرها، فإذ بك تستثيرها في شرفها الوطني، وتتهمها بأنها مأجورة فعليا.


هذه مصطلحات تليق بزمن غير هذا الزمن، وبأنظمة شمولية حديدية، لكن في الاردن، لا يمكن تفهم هذه المصطلحات، ولا صرفها بأي عملة، فلماذا كلما حدث تعبير معين، تتطاول الالسن، وتتحدث عن مؤامرة، وعن مندسين ومندسات، يريدون تخريب البلد، وهي قصة، تتكرر منذ اكثر من عشرين عاما، وباتت فاقدة لالوانها، بل باهتة جدا، وغير مقنعة؟!.


الذي يريد بيع هذه الرواية، عليه ان يتنبه الى ان وراء هذا الكلام، اهانة لمشاعر الناس، وتخوينا لهم، بطريقة غير ذكية ابدا، عبر التشكيك في وطنية هؤلاء من جهة، وعبر القول ضمنيا لمن لا يشاركون، ان عليهم ان لا يشاركوا، لان هناك « جهات خفية» وهناك «مؤامرة كبرى»!.


لم يعد احد يصدق هذا الكلام، واذا كنا نقر ونعترف ان هناك حسابات شخصية احيانا وراء ردود الفعل على بعض القرارات، وان هناك تصفيات لحسابات عالقة، بين رموز واسماء، الا انه لا يجوز الطعن في دوافع الاغلبية، فهذا طعن مؤلم، وجائر، فهو طعن لا يريد حتى ان يسمع توجعا مؤدبا من المواطن، تحت سقف القانون، واشتراطاته.


القرارات صعبة، ولا احد ينكر ذلك، والمحتجون يتصرفون برقي، ولا يعيثون فسادا في بلدهم، بل ان تعبيرهم بهذا الشكل يعبر اساسا عن حرصهم على بلدهم، فقد تجنبوا العنف، وبقية اشكال التعبير التي لا يحتملها البلد، فلا يكون جزاء هؤلاء تخوينهم، والتشكيك بهم، عبر الكلام عن ايد خفية تديرهم، وعن مندسين ومندسات!!.


لنخيط بغير هذه المسلة، ولو من باب التجديد، وكثرة من اصحاب هذه اللغة، هم العبء فعليا على الاردن، اكثر بكثير، من المحتجين ذاتهم.


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة