الأحد 2024-12-15 12:56 ص
 

تركيا والاتحاد الأُوروبي: هل تتسع «الهُوّة»؟

09:15 ص



أنْ تدعو فيديريكا موغيريني وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي ومن أنقرة، الى وقف «فوري» لإطلاق النار في جنوب شرق تركيا (حيث تدور معارك عنيفة وبالأسلحة كافة الثقيل منها والخفيف، بين قوات الأمن التركية وحزب العمال الكردستاني PKK) يعني أن «بروكسل» بدأت وعلى نحو خجول,تُبدي نوعاً من الاحتجاج على ما يجري في تلك المناطق التي تسكنها غالبية كردية (تركية) حيث تمنع القوات العسكرية التجوال في مدن وقرى ذات اغلبية كردية وتُقيم الحواجز والدشم وتعتقل وتقتل دون اي وازع قانوني ,بذريعة محاربة مقاتلي حزب العمال, والذي لا يمكن لمُنصف, ان يقبل بتساوي «الثِقل» العسكري بين حفنة من حاملي البنادق الآلية مقابل ما يوفره تجريد حملة عسكرية كاملة العديد والعدة والعتاد, لمواجهتهم في منطقة ذات مساحة شاسعة, ما يعني ان تلك الحملة تستبطن تحقيق اهداف اخرى, ليس اقلها قمع كل تحركات او احتجاجات مُقبلة, اذا ما، وعندما ينجح اردوغان في زج الرئيس المُشارك لحزب الشعوب الديمقراطي صلاح الدين ديميرطاش وبعض نواب كتلة الحزب, في السجن (وربما تجريدهم عضوية البرلمان) بتهمة الخيانة، التي وُجهّت لهم، عندما زار موسكو والتقى وزير خارجيتها لافروف وانتقد في تصريحات علنية, اسقاط انقرة الطائرة الروسية في 24 تشرين الثاني الماضي..اضافة اعلان



ما علينا..


مجرد دعوة موغريني الى وقف اطلاق النار في جنوب شرق تركيا، يعني ان دول الاتحاد لم تعد مُقتنعة بأن ما يدور في تلك المناطق من تركيا, يستهدف فقط محاربة PKK بل ثمة رابط واضح بين العمليات العسكرية هناك والتطورات المُتسارعة على الساحة السورية وخصوصاً في جانبها العسكري, حيث بدأ الارهابيون من «عملاء» أنقرة يخسرون مواقعهم في ريف اللاذقية الشمالي, فيما يواصل الجيش السوري ضرباته القاصمة, ولم يعد وصوله الى الحدود المشتركة مع تركيا, الاّ مسألة وقت تُسهم حال الطقس في تأخيرها, إلاّ أنّ النتيجة باتت مكتوبة على الجدار، وهي ان هزيمة المشروع التركي في سوريا باتت ماثلة.


هذا يعني الارتباط الوثيق بين الجدل الدائر في المنطقة وعبر العواصم ذات التأثير في الازمة السورية حول مشاركة اكراد سوريا أو حزب الاتحاد الديمقراطي (pyd) برئاسة صالح مسلم في مؤتمر «جنيف 3» الذي حسم ديميستورا موعده (يوم بعد غد الجمعة 29/1) والذي سيكون – وفق المبعوث الدولي نفسه – بمن حضر,ما يسحب أي ذريعة من اي طرف يُهدِّد بالمقاطعة أو يضع شروطاً لمشاركته, فضلاً عن معارضة انقرة «الحاسم والقاطع» (ولكن غير المؤثِّر كما يجب التنويه) لمشاركة هذا الحزب الذي تصفه بالارهابي بما هو, في نظرها, الذراع العسكري لحزب العمال الكردستاني..


هنا تكمن القطبة المخفية بين الحرب الشاملة والمُدمرة التي تشنها انقرة ضد قرى واماكن تواجد الكرد الكثيف في جنوب شرق البلاد, وبين «خوفها» من جلوس كرد سوريا على طاولة المفاوضات, بكل ما يعنيه وجودهم في جنيف 3, من امكانية لبلورة «صيغة ما» تخص كرد سوريا في مرحلة ما بعد هزيمة الارهاب, الامر الذي تتوجس منه انقرة خيفة, حدود الرعب, من ان «تتسلّل» تلك الصيغة (ربما تكون اقرب الى الحكم الذاتي) الى كردستان تركيا, وهو ما كان صلاح الدين ديميرطاش قد طالب به علناً, ما اثار نقمة اردوغان ورهطه عليه ونظموا حملة اساءات واتهامات لاذعة له, ليس أقلها أنه ذراع سياسي لحزب العمال الكردستاني الارهابي.دون إهمال حقيقة عن اكراد سوريا هم حلفاء واشنطن التي تقدم لهم دعما سياسيا وخصوصا عسكريا ,وهي التي وقفت خلف تشكيل ما يُعرف بـِ»قوات سوريا الديموقراطية» حتى تخفف من «روع» انقرة. ليس مفاجئاً والحال هذه, أن يرد داود تشاويش اوغلو على تصريح موغريني في انقرة: بأن «محادثات السلام السورية, يجب أن تكون شاملة وأن مبعوث الامم المتحدة يعمل بشكل جاد لتحقيق ذلك» بالقول في حِدّة وغضب استبطنه تصريحه: «إن جهود ضم جماعات ارهابية, مثل وحدات حماية الشعب (السورية الكردية) مع ممثلي المعارضة, في محادثات السلام خطير جداً وان ذلك سيقوّض العملية»..


الصورة واضحة اذاً, تركيا اردوغان تريد استدراك المزيد من الخسائر والفشل الذريع الذي لَحِق بحربها الاجرامية على سوريا ومحاولة تقسيمها وارتهانها للمشروع العثماني الجديد الذي حَلُمَ به ذات يوم اردوغان, وها هو ينهار امامه كقصر من ورق..


فضلاً عن «تجارته» المكشوفة بمسألة اللاجئين, كورقة يُخيف بها اوروبا ويبتزّها في الآن ذاته, ولهذا ها هو وزير خارجيته تشاويش اوغلو يجأر بالشكوى أمام موغريني في انقرة ويُبدي أسفه لـ»البطء» في تسديد «الاموال» ويقصد بالطبع المليارات الثلاثة التي وعد الاتحاد الاوروبي دفعها لتركيا مقابل «وقفها» هجرة اللاجئين.

(وفتح فصول جديدة في ملف دخولها النادي الاوروبي بالطبع)


هل بعد ذلك كله, يمكن لأحد مواصلة الزعم بأن تركيا اردوغان, نصير للحرية وصاحبة مبادئ وسياسات انسانية واخلاقية؟؟


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة