الأحد 2024-12-15 12:18 ص
 

تفاؤل طفيف!

08:01 ص

نقطة التحول في مؤشرات استطلاع الرأي الأخير الذي أجراه مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية، وأُعلنت نتائجه أمس، تتمثّل في مدى رضا العينة الوطنية عن المسار العام. إذ كانت ارتفعت نسبة من يعتقدون أنّ الأمور تسير في الاتجاه الخاطئ، في الاستطلاع السابق (تشرين الأول (أكتوبر) 2013)، بصورة رهيبة، إلى 64 %؛ وهي نسبة مقلقة جداً. لكنّ نسبة من يمتلكون هذه النزعة التشاؤمية، من الشارع، عادت إلى الانخفاض في الاستطلاع الحالي إلى 53 %، أي في حدود المعدل العام للحكومات، بينما ارتفعت نسبة من يعتقدون بأنّ الأمور تسير في الاتجاه الصحيح من 29 % فقط، في الاستطلاع السابق، إلى 42 % الآن، وهو تحسن ملحوظ وكبير!اضافة اعلان

المؤشرات السابقة تطابقت بين عينة الشارع وقادة الرأي؛ إذ ارتفعت، بشكل ملحوظ، نسبة من يرون من قادة الرأي أنّ الأمور تسير في الاتجاه الصحيح من 42 % (سابقا) إلى 55 % حاليا. في المقابل، انخفضت نسبة من يرون أنّ الأمور تسير في الاتجاه الخاطئ من 47 % إلى 38 %؛ وهي قفزة إيجابية مهمة، في صالح رئيس الوزراء د. عبدالله النسور، وفريقه.
مع أنّ الاستطلاع يذكّرنا، كما هي حال جميع الاستطلاعات السابقة، بأنّ الشأن الاقتصادي هو المهيمن والطاغي على اهتمامات الشارع، وأنّ الأغلبية ما تزال متشائمة وغير متفائلة حيال مواجهة أزماتها المالية، إلاّ أنّ ثمّة أسبابا متعددة تفسّر هذا التحسّن الطفيف في رؤية المواطنين للواقع؛ في مقدمة ذلك أنّ الاستطلاع السابق جاء في سياق رفع الأسعار، وجملة من الأزمات التي ضربت العلاقة بين حكومة النسور والشارع، بينما لم يسبق الاستطلاع الأخير أي قرارات اقتصادية قاسية وصعبة على المواطنين، وهو ما انعكس في استقرار وضع الحكومة شعبياً.
السبب الثاني الذي يفسّر عدم تدهور شعبية الحكومة أكثر، هو أنّ الرئيس تجنّب الدخول في أي مواجهات سياسية أو صدامية مع المعارضة أو القوى السياسية الأخرى. وبالرغم من قرار دول خليجية بشأن جماعة الإخوان المسلمين والأحداث في مصر، لم تتغير تصريحات د. النسور ومواقفه تجاه المعارضة؛ فهو من النخبة السياسية التصالحية التوافقية، ولديه سعة صدر كبيرة ومشهودة مع المخالفين بالرأي، يتجنب الصدامات الجزئية والثانوية، ويتحلّى بقدر كبير من ضبط النفس، ما خلق أجواءً هادئة مريحة له في أوساط الدولة، وفي علاقته مع مراكز القرار. كما لم تخرج إلى الجمهور أخبار الخلافات والصدامات داخل الفريق الوزاري، كما كان يحدث مع حكومات سابقة!
السبب الثالث، وراء هذا التحسّن، يتمثّل في أنّ الرئيس وحكومته لم يواجها اتهامات في قضايا فساد كبيرة، كما هي الحال مع حكومات سابقة؛ فتجنّبت الحكومة تلك الآفة الكبيرة، بالرغم من قضايا متناثرة هنا وهناك.
بإمكان الرئيس إحداث طفرة حقيقية في مساره، والاستدراك على ما أصاب حكومته خلال الفترة الماضية، عبر ثلاثة أمور: الأول، هو إعادة تحريك موضوع قانون الانتخاب، واعتماد صيغة ديمقراطية جديدة، تمّ إعدادها عبر وزير الشؤون السياسية والبرلمانية. والثاني، التحلي بالشفافية والوضوح في قضايا النزاهة. والثالث، هو المضي قدماً في إجراءات فرض القانون وتجفيف منابع التنمّر والتمرّد عليه، وهي الظاهرة الخطرة التي سادت خلال الأعوام الماضية.
تبقى نقطة الضعف الحقيقية في رؤية 'مطبخ القرار' للحكومة متمثلة في البرنامج الاقتصادي. ولعلّ ذلك يفسّر الرسالة الملكية التي تتحدث عن خطة طويلة المدى. وهو الموضوع الذي يقدّم فيه الرئيس مرافعة دفاعية، إلا أنّ خصومه (المقربين من مطبخ القرار) نجحوا في تعزيز هذه الصورة عن الرئيس، بتأييد من رجال أعمال وقيادات في القطاع الخاص.


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة