الجمعة 2024-12-13 05:46 ص
 

تقرير اخباري: "الآذن المدرسي" .. معلم بالوكالة أم خادم مطيع؟!

12:57 ص

الوكيل - في مطلع الشهر الحالي كشفت وزارة التربية والتعليم عن قيام 'أذنة' في مدارس حكومية يمارسون مهنة تدريس الطلبة بدلا من معلمين، الأمر الذي اضطرها الى تشكيل لجنة تحقيق، والوقوف على أبعاد وتداعيات واحدة من القضايا المثيرة للجدل، في وقت يشهد فيه نظام التعليم تراجعا غير مسبوق.اضافة اعلان


وتفتح قضية 'الآذن المعلم' باب النقاش حول طبيعة الدور المفترض الذي يمارسه أذنة المدارس الحكومية، وحجم العلاقة الممتدة بين هؤلاء الموظفين والمعلمين في المدارس، وهل تبدل دور الآذن من مجرد موظف يقوم بأعباء التنظيف وتلبية طلبات المعلمين على اختلافها، الى قائم بأعمال 'المعلم البديل' يدير الحصص ويعطي الدروس، ويوبخ الطلبة الكسالى، مستندا في ذلك الى شرعية مدير المدرسة والمجتمع المحلي الذي ينتمي اليه.

في السابق كان للآذن في المدرسة الحكومية حضور لافت، ويمتلك سلطة لا تقهر، وتجده في كثير من الأحيان يتدخل في قرارات ادارة المدرسة، يوقف هذا القرار ويبدي تحفظه على آخر، وكل ذلك يتم عن طيب خاطر من مدير المدرسة الذي يعتبر الآذن سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به، الى جانب أن هذا الموظف الصغير يعد حلقة وصل رئيسية بين مدير المدرسة والمجتمع لا سيما في المواقف التي تحتاج الى انهاء خلاف بين ادارة المدرسة واهالي الطلبة خاصة إذا كان هذا المدير من خارج المنطقة.

يقول أبو اياد وهو آذن سابق في إحدى المدارس الحكومية إن المدرسة بالنسبة للآذن اكثر من مجرد وظيفة، فهي الى جانب كونها البيت الثاني، هي أيضا مكان للتواصل وبناء العلاقات، ففي أحيان يجلس الآذن مع مدير التربية الذي قد يكون في زيارة للمدرسة أو يبدي رأيه في قضية ما.

وتعد المعلمة أحلام الآذنة بمثابة زميلة لها وتقول إن الطالبات في مدرستها ينادين على الآذنة بـ 'المس' فادية، وهي في مناسبات كثيرة توبخ الطالبات على تصرفات غير مسؤولة، ولا تتوانى عن دعوة طلبة الى استدعاء أولياء أمورهم من دون علم المديرة أو معلمة الصف، حيث أتفاجأ بقدوم بعض الأهالي الى المدرسة، تقول أحلام.

صحيح أن 'الآذن المدرسي' يمارس دور الوسيط بين الطالب أو الأهل وبين ادارة المدرسة غير أن ثمة صورا أخرى وتنحصر بين الآذن والطالب مثل طلب وساطته في 'تنجيح' طالب في مادة دراسية أو حماية آخر من العقاب بعد تغيبه عن مدرسته أو طلب يوم استراحة، لثالث بسبب حالة وفاة أو مرض، ولا تستغرب مشهد أهالي الطلبة وهم يتقاطرون الى منزل 'الآذن' لطلب الوساطة في قضية ما، فهو يلعب دورا مهما في المدرسة.

كما أن هيبة الآذن ربما تطغى على هيبة بعض المعلمين أو حتى مدير المدرسة نفسه وغالبا ما تجده يمارس هذه الهيبة أو السلطة المعنوية في حل الخلافات التي تنشب بين الطلبة الذين كانوا يهابونه بقدر ما كانوا يحترمونه، وذلك لأن دوره كان يتجاوز دور المراسل أو الخادم المطيع الذي يكتفي بإحضار الشاي والقهوة للمدرسين، وتدوين اسماء الطلبة الغائبين عن المدرسة، وفي ايام كثيرة تجده يقف أمام البوابة الرئيسية للمدرسة يراقب ويحرس الطلبة بعد انتهاء الدوام، وبالمثل يفعل في صباح اليوم التالي.

فهو يراقب الطلبة داخل المدرسة وخارجها ويتفقدهم داخل الغرف الصفية ويخبر أهاليهم عن تصرفاتهم قبل مدير المدرسة، ففي مرات عديدة كان الطلبة يهربون من 'الفرصة' ولا يعودون أو تجدهم يتسكعون في الشوارع، غير أن الآذن الرقيب يكون لهم بالمرصاد فلا تغيب عنه شاردة أو واردة في المدرسة الا أحصاها هو عين المدير التي لا تنام.

ويرى المعلم ايهاب عبد الرؤوف أن الدور الذي كان يمارسه الآذن في السابق صار الآن من الماضي، نظرا لتغير ثقافة المدرسة سواء لجهة السلطة الأخلاقية التي يعتمد عليها أو 'التفويض' النظري الذي يمنحه إياه مدير المدرسة او حتى المجتمع، فبعض المعلمين اليوم ينظرون الى الآذن باعتباره مراسلا أو خادما لا فرق وهذا يعود الى تشظي العلاقة بين المعلم والآذن باعتباره عضوا فاعلا في المدرسة.

بيد أن عبد الرؤوف يعزو هذا التغيير الى اسباب أخرى غير ثقافة المدرسة، وذلك مثل ان معظم 'أذنة المدارس' هم من صغار السن وتغلب على تصرفاتهم عدم الاتزان، ولعل هذا سبب مهم في ضعف العلاقة بين المعلم والآذن.

ويعتقد المعلم مأمون العبادي ان العلاقة بين المعلم والآذن لا تنحصر فقط في تقديم خدمات معينة مثل التنظيف أو اعداد فنجان قهوة لضيف انما هي علاقة تشاركية بين الطرفين'، مؤكدا أن أمام الجهد الكبير الذي يقوم به الآذن لا يتوانى مدير المدرسة عن تنفيذ بعض طلباته، خاصة في مواسم الحصاد أو قطف الزيتون، حيث يذهب الطلاب لمساعدة الآذن،

ومن الواجبات غير الرسمية التي يقوم بها الآذن تسليم نتائج الامتحانات 'الشهادات الورقية' للطلبة لكن بعد أن يدفع كل طالب مبلغا من المال لا يتجاوز عشرة قروش أو 'شلن'، وفي بعض الأحيان تظل شهادات بعض الطلبة محجوزة لدى الآذن أياما حتى يدفع الطلبة ثمنها.

ربما هذا كله في السابق لكن في الوقت الحاضر فإن دور الآذن لا يتجاوز دور الخادم المطيع الذي ينفذ أوامر مدير المدرسة وممنوع عليه التدخل في أي من قرارات ادارتها.

العرب اليوم


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة