السبت 2024-12-14 07:29 م
 

تكتيك القطط

01:33 ص




أسمع شتائم من كل الأنواع في الأسواق. شتائم أرض أرض، وأخرى أرض جو، وأحياناً شتائم عابرة للقارات. فالذي لا يعجبه ثمن ضمة البقدونس مثلاً، يشتم البلد، ويسب الجشع، والجشعين والإنتهازيين، ووزارة التموين، ناسياً أنه لا وجود لهذه الوزارة. ثم يتردد قليلاً، ويهز الضمة، بقبضة يده، وكأنه يشاور نفسه، ثم يشتريها، ويمضي.اضافة اعلان


والذي يقف مساوماً صاحب بسطة البصل أخضر، التي وصل سعر باقتها الصغيرة ديناراً، أو أكثر، أيضا يشتم البلد، والبصل وريحته الطالعة، شتيمة من تحت الدست، والغريب أنه يشتري البصل، ويمضي، وكأنه مفطوم عليه.

عندما تدوس على ذيل قط بيتي، فسيطلق مواء يشبه شتيمة أيضاً، فأنت سببت له ألماً استطاع امتصاصه بهذا المواء الطويل، وكذلك البشر، فقد كانوا يصرخون عند تعرضهم للألم، ثم تحولت هذه الصرخات إلى شتائم، هذا ما يقوله (ريتشارد ستيفنز) أخصائي الطب النفسي البريطاني، بعد أن قام بدراسة أفادت أن استخدام الشتائم، وحتى المقذعة منها، له تأثير إيجابي على جسم الإنسان، بل إنه يسكّن الآلام، ويساعد على إراحة الأعصاب.

ربما تريحنا الشتائم، وخاصة الكبيرة منها، ولربما تروّح عنا، ولكننا نحتاج إلى دراسة أخرى لنفسية للمواطن الأردني، وردود أفعاله، وتصرفاته خلال موجات سعار الأسعار، فهو لا يستخدم التكتيك المعروف، في كثير من بلاد العالم، التي تنتابها مثل تلك الموجات، أي تكتيك (أطلب واهرب)، أي أطلب شيئاً ما، ثم اهرب دون أن تشتريه، مستغنياً عنه، حتى يعود لسعره الطبيعي. لكننا شعب (برنجه)، أو (خوش شعب)، فنحن لا نتهافت على شيء بشكل عجيب، إلا حين يرتفع سعره بطفرة كبيرة.

أرخصوه، فلا أحد يضربك على يدك، ولا أحد يأمرك أن تأخذ قرضاً بنكياً لمواجهة شهر رمضان، وكأنه شهر الأكل وزيادة الوزن. يا أخي إذا لم يعجبك سعر الفجل، فدعه يذوي، ويخيس ويبور، في حضرة أصحابه، وإذا لم يعجبك سعر البصل الأخضر، فأتركه يصفرُّ و(يطنن) على بسطته، وإذا لم يعجبك سعر الخيار، فدعه يكبر ويشيخ، ويصبح شماماً عند الدكان.

فكم نحتاج إلى فكرة إرخاص الأشياء، بالإستغناء عنها، ولو لحين يسير. وهنا يأتي دور جمعيات حماية المستهلك. التي نفتقرها في بلادنا، رغم إصابتنا المزمنة بمرض ارتفاع الأسعار. نريد جمعيات حماية مستهلك حقيقية تنبثق من الناس،


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة