في ظل التحولات الكبيرة التي شهدتها الدولة خلال الربع قرن الأخير، وتغير دور الدولة الاقتصادي في حياة الأردنيين من حيث قدرتها على التوظيف الحقيقي أو الوهمي، أو قدرتها على الاستجابة السريعة للمطالب الخدماتية، والأهم عدم قدرة الحكومات على امتلاك مسار حقيقي منتظم للتنمية في المحافظات لتحولها إلى مناطق ليست طاردة لأبنائها في الحد الأدنى.
وطبيعة الدولة الأردنية مثل معظم دولنا العربية قامت على أساس اقتصاد تقوده بل تمارسه الدولة بشكل أساسي، وحتى المواد الأساسية كانت تستوردها الدولة، وحتى الأمطار فإنها إن تأخرت أو كانت قليلة فإن الحكومة مطالبة بتعويض المتضررين، وإن جاء الثلج أو كميات كبيرة من المطر فألحقت الأذى بالأرض الزراعية وما فيها كانت الحكومة هي المطالبة بالتعويض، وهي التي تشتري البذار وتبيعه للمواطنين ثم تشتري القمح، وحتى دعم المواد الأساسية والمحروقات، ثم كان الانسحاب المنظم أحياناً في هذا الدور كلياً أو جزئياً عبر أكثر من عشرين عاماً مضت.
وكنا جميعاً في عقود مضت لا نعاني من مشكلة الوظيفة وبخاصة في المحافظات، فالمتعلم أو من لا يحمل شهادة له طريق ليس فيه عوائق للعمل في المؤسسة العسكرية بتفاصيلها، فضلاً عن وظائف الجهاز المدني، وكانت وظيفة الفئة الرابعة والبلديات والمياومة طريق سهل لوظيفة تؤمن لصاحبها دخلاً وتجعله أكثر جرأة على الزواج أو شراء سيارة وربما بناء بيت صغير على أرض يملكها الأب أو تركها الجد.
وثقافة الحصول على الوظيفة ليس فيها منافسة، ولا تلزم صاحبها بالتحدي لإثبات النفس والكفاءة، وهي الأمان الدائم إلى التقاعد أو توفر ( وظيفة أفضل )، ولم يكن الأمر يكلف أحياناً أكثر من توقيع وزير أو أمين عام مع قليل من الواسطة، فكانت ثقافة الحصول على الوظيفة غالبة ولا تفرض تطويراً للمهارات أو الأداء إلا لمن رغب وحتى أي دورات تطوير وتأهيل فإنها لدى هذه الفئات كانت ( أياماً تمر)، علماً بأن الجهاز الحكومي قام على كفاءات وتعليم وخبرة، لكنني أتحدث عن ثقافة الوظيفة حيث لم يكن الموظف تحت أي ضغط للمنافسة أو التطوير إلا من أحب ورغب.
لكن الدولة أنسحبت من هذا الدور بشكل سريع، وأصبحت الوظيفة صعبة، مع وجود مواسم تفتح فيها أبواب التعيين للفئة الرابعة، لكن هذه المواسم أوصلت كل المؤسسات إلى حالة التخمة، فالجامعات والبلديات والوزارات وحتى الشركات التي تقودها الحكومة فإنها تعاني من كثافة الأعداد سواء من حملة الشهادات أو غيرهم، والمحصلة أن الوظيفة بمفهوهمها التاريخي لم تعد موجودة إلا في إطار محدود، وبالتالي أصبح الأردني في كل المحافظات يبحث عن ( فرصة عمل )، لكن الأمر أصعب على أبناء المحافظات الفقيرة في التنمية، والذين أعتادوا على الوظيفة، وربما ما زالوا يبحثون عن بقايا المسار السابق.
« فرصة العمل « لها ثقافة مختلفة حيث المنافسة والتأهيل والتدريب، والأهم الواقعية في البحث وقبول الممكن، وحتى الواسطة فإنها في مجال فرصة العمل لها أبعاد أخرى، ولعلنا ونحن نعيش التغير بحاجة إلى إعادة بناء أبعاد ثقافية جديدة، لأن البعض ما زال يعتقد أن تنمية المحافظات تعني أن تقوم الدولة بإنشاء شركات توظف فيها الناس بذات طريقة التوظيف التاريخية، تماماً مثلما كان الحرص على إنشاء جامعات حكومية في كل مكان حيث الغاية الرئيسة توفير فرص عمل فيها.
« فرصة العمل « تفرض ثقافة جديدة ليس فيها ثقافة العيب، وليس فيها « من دخل دار أبو سفيان فهو آمن «، وتعني الواقعية، وتعني أن الشهادة الجامعية لا تحدد وحدها الوظيفة، وأن صاحب العمل يريد انتاجاً وقدرة على العطاء، ولم يعد لقاء رئيس الوزراء أو أي وزير أو مدير عام يعني وعداً بوظيفة، فحتى الوعد لم يعد ممكنا من أي مسؤول.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو