منذ انتخاب مجلس النواب الحالي، ظل الملك عبدالله الثاني يلح على النواب بطلب إجراء تعديلات جوهرية على نظامه الداخلي لتطوير عمل المجلس. وكان في تصريحاته ومقابلاته المتكررة يعتبر مثل هذه التعديلات خطوة إصلاحية ضرورية، يصعب من دونها تحقيق إصلاحات أوسع في الحياة البرلمانية والسياسية.
لكن في أوساط النخبة السياسية الأردنية من كان يشكك بالأثر المتوقع لهكذا خطوة، لا بل إن البعض اعتبرها مسألة هامشية، الهدف من إثارتها التهرب من استحقاقات الإصلاح الجوهرية.
جرب المجلس الجديد، خاصة بعد أن زاد عدده، العمل بالصيغة القديمة للنظام الداخلي. كانت الحالة مزرية؛ 'طوشات' ومشاحنات وفوضى تحت القبة، قوضت مصداقية النواب في فترة قياسية. عندها فقط أدرك النواب مغزى الإلحاح الملكي عليهم بتطوير أدواتهم التنظيمية، ولم يعد في النخبة من يجاهر بشكوكه حول القيمة الإصلاحية والمردود المتوقع من نبش النظام الداخلي وتطويره.
تيار عريض في مجلس النواب أخذ الأمر على محمل الجد. فبعد سنوات من المماطلة التي عطلت جهود فتح النظام الداخلي، تمكن المجلس في دورته الثانية من إنجاز حزمة من التعديلات الجذرية مست آليات العمل فيه؛ إذ أعطت، ولأول مرة، دورا للكتل النيابية، وعززت موقع اللجان الدائمة في صناعة التشريع، إضافة إلى سلسلة من عمليات التحديث بما يتواكب مع متطلبات العصر.
بيد أن مشكلة جوهرية ظلت بلا حل، وهي كيفية اختصار وقت النواب لتعظيم الإنجاز على حساب مناقشات عديمة الفائدة تحت القبة.
في الدورة البرلمانية الماضية، أعاد المجلس فتح الملف من جديد، وتقدم رئيسه بحزمة جديدة من التعديلات طالت بنودا رئيسة فيه، كان أهمها تنظيم مناقشة مشاريع القوانين تحت القبة، بحيث صار لزاما على النواب التقدم بمقترحاتهم مكتوبة عوضا على المقترحات الشفوية التي كانت تتطاير في سماء المجلس وتُغرق النواب في مناقشات طويلة. كما أصبح بمقدور النواب الإطلاع على جدول أعمال الجلسة قبل خمسة أيام من انعقادها، وليس يومين كما كانت الحال سابقا.
وافق المجلس على الحزمة الثانية، وقد ظهر أثرها سريعا على أداء المجلس. لم يكن ممكنا من قبل أن ينجز المجلس في دورة استثنائية قصيرة أكثر من قانون أو قانونين. بعد التعديلات الأخيرة، أصبح بمقدوره إقرار قانون كبير بحجم قانون الإستثمار في جلسة واحدة.
لغاية الآن، تمكن المجلس من إقرار ثلاثة قوانين وتعديلات قوانين في غضون ثلاثة أسابيع. إنها ثورة حقيقية في الأداء النيابي، ما كان لها أن حصل لو ظل النظام الداخلي على حاله. ببساطة، أصبحت لجان المجلس هي مطبخه الحقيقي، كما الحال في كل برلمانات العالم. ومن لديه ملاحظات أو اقتراحات على التشريعات المعروضة، يتعين عليه أن يقاتل من أجلها في اجتماعات اللجان وليس تحت القبة، مع أن المجال ما يزال مفتوحا لإبداء الاقتراحات، لكن بطريقة مدروسة ومنظمة لا تستهلك وقت المجلس.
من المتوقع أن تستمر الدورة الاستثنائية الحالية حتى نهاية الأسبوع الأول من الشهر المقبل، ما يمكّن النواب من إنجاز مزيد من التشريعات المدرجة على جدول أعماله، على أن يعود للانعقاد في دورة استثنائية ثانية منتصف أيلول (سبتمبر) المقبل لإقرار مجموعة جديدة من التشريعات.
كان المأخذ الشعبي على النواب أنهم يقضون دورة نيابية طويلة بلا إنجازات تذكر، وتتراكم التشريعات والقوانين في أدراجهم لسنوات. تعديلات النظام الداخلي غيرت الصورة تماما، وأصبح للنواب إنجازات يدافعون عنها، فلعل ذلك يساهم
في تحسين شعبيتهم.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو