مرّت الدولة «الاشتراكية الثورية العربية بعدة اطوار وتوزعت على عدة أنماط، رغم انها قامت على ثلاث كلمات هي «وحدة حرية اشتراكية» كما في النموذج البعثي السوري والعراقي. وعلى «حرية اشتراكية وحدة» كما في النموذج الناصري. واعتماد الماركسية اللينينية كما في صيغة اليمن الديمقراطي الجنوبي. واعتماد سلطة الشعب المرسّمة في الكتاب الأخضر كما في الجماهيرية الاشتراكية الليبية العظمى. وعلى الديمقراطية الشعبية كما في الجمهورية الجزائرية. ويلاحظ خلو اسماء العديد من الجمهوريات الاشتراكية من كلمة «العربية» كالعراق وليبيا والجزائر واليمن الديمقراطي والسودان.
قامت تلك الدول على «الشرعية الثورية» بدل الشرعية الدستورية والشرعية القانونية وشرعية صناديق الاقتراع. فتم تعطيل وسائل الرقابة الشعبية وتطويعها: النواب والكتاب والصحافة والإعلام والنخب التي اصبحت ابواق تطبيل وتجهيل وتضليل، لصالح النخبة الحاكمة التي كرّست سلطتها في الحزب الأوحد الذي تحول الى قبضة الزعيم الأوحد وهي صيغة دكتاتورية بالمطلق. وحلت دكتاتورية العسكر محل الدولة المدنية الديمقراطية.
وكانت اخطر جملة وشعار وممارسة، مرّ على الامة في كل عصورها هو تطبيق شعار: «لا صوت يعلو فوق صوت المعركة» الذي قمع التعددية والرأي الآخر واعتبر النقد تثبيطا للروح المعنوية للامة وتآمرا على نظام الحكم وعمالة للصهيونية والامبريالية. وقد مورست كل المحرمات تحت هذا الشعار الوحشي ابتداء من المعتقلات الى حبال المشانق. فارتكبت الانتهاكات والفظائع والجرائم والفساد وتكميم افواه وعزل اصحاب الرأي والعلماء والكتاب والصحافيين والاحزاب والطلاب والقضاة (مذبحة القضاء شباط 1954) وأساتذة الجامعات. وأصبح صلاح نصر في مصر وعبدالله السراج في سوريا وفاضل المهداوي في العراق اسماء تقشعر لها ابدان احرار الامة وطليعتها.
وعلا اسما محمد حسنين هيكل واحمد سعيد في سماء الاعلام العربي واصبحا يتلاعبان ويحركان الجماهير المتطلعة لتحرير فلسطين والتخلص من الفقر والامية، ضد أنظمتها عبر إذاعة صوت العرب فهوجمت بلا ضمير ولا صدق كل الدول العربية الملكية والجمهورية التي لم تصطف في الطابور الناصري.
كان عبد الناصر ايقونة الامل العربي خاصة انه كان صادقا مخلصا ولم يكن فاسدا. وكان طبيعيا ان تتكالب عليه قوى الاستعمار والصهيونية وان تورطه وتوجه اليه ضربة قاصمة بدأت في فصل سوريا عن الوحدة مع مصر وتوريط الجيش المصري في حرب اليمن التي انهكته وهزيمته المدمرة في عدوان حزيران 1967 الذي سمّاه الكاتب المصري لطفي الخولي «عام الانكسار في العالم الثالث» في كتابه الصادر عام 1975.
ويمكن اليوم استعراض ما انتهت اليه أنظمة الحكم «الجمهورية الثورية العربية الاشتراكية العظمى» التي انهارت وأورثتنا الفساد والاستبداد والفلول والطغاة والموت والدمار. وقد لخّص الكاتب التقدمي احمد بهاء الدين مقاله الأشهر «السداح مداح» خلاصة عشوائية سياسة الانفتاح الاقتصادي المتبعة في عهد السادات، التي خلقت القطط السمان التي انتقلت عدواها المدمرة الى كل الأقطار العربية وما كان لها ان تستفحل لولا القبض الكلي على النخبة العربية التي تقود الاعلام والمجالس النيابية والإدارة العليا.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو