الجمعة 2024-12-13 10:53 ص
 

حالة «مجتمعنا» صعبة

11:23 ص

ألهذه الدرجة يشعر «مجتمعنا» بالتعب والمرض والحزن والاحباط؟ 


لا اتحدث هنا عن انطباعات، ولا عن استطلاعات رأي لقياس اداء الحكومات يعترف اغلبية الناس فيها اننا لا نسير في الاتجاه الصحيح، وانما عن ارقام وبينات مفزعة تتعلق بصحة المجتمع وحيويته الطبيعية ( دعك من حيويته السياسية الان) ومزاجه العام.

اضافة اعلان


لدينا في الاردن - حسب مدير المركز الوطني للأمراض النفسية د. نائل العدوان، ودراسات اكاديمية اخرى، نحو مليون و 750 الف شخص يعانون من الاضطرابات النفسية، وهم يشكلون ما نسبته «25 %» من مجموع السكان، لدينا ايضا نحو (860) الف شخص «معاق» من ذوي الحاجات الخاصة يشكلون نحو 13% من عدد السكان، لدينا ايضا - حسب مدير مركز السكري، د .كامل العجلوني، ربع مليون مصابون بمرض السكري ( 30 % نسبة الإصابة بالسكري للفئة العمرية فوق سن الخامسة والعشرين)، ونصف مليون يعانون من ارتفاع ضغط الدم، وثلاثة أرباع مليون مواطن يعانون من مشكلة اختلاط في الدهنيات ومليون ونصف من زيادة بالوزن، لدينا ايضا نصف الرجال الاردنيين مصابون بالعجز الجنسي، لا تسأل ايضا عن قضية «مرضى السرطان» وتصاعد اعدادهم بصورة غريبة وغير مفهومة. 


الى جانب ذلك، ارتفعت نسبة «البطالة» المعلنة الى نحو 19 %» من مجموع عدد السكان القادرين على العمل، بما يعني ان لدينا «300» الف شخص عاطل عن العمل على الاقل، واذا اضفنا لذلك «ارقاما» اخرى حول معدلات الجرائم والعنف الذي شهده مجتمعنا في الاعوام الماضية، ومعدلات الفقر الحقيقية و»عمالة» الاطفال في الشوارع.. وكل ما يتغلغل داخل مجتمعنا من «مشكلات» اجتماعية.. فاننا سنكتشف عندئذ اننا امام «مجتمع» لا نعرفه كما يجب، ولا نقرأ «احواله» وما يحدث فيه بعيون مفتوحة، وبالتالي فاننا نتعامل معه بمنطق واحد وهو «كل شيء على ما يرام» وعليه لا داعي لكي نرهق انفسنا في الاجابة على اسئلة كثيرة اهمها: ماذا حدث لمجتمعنا؟ ولماذا حدث؟ وكيف يمكن ان نعالجه ونتجاوز ما يمكن ان يفرزه من محن وازمات؟.


استأذن - هنا - في اضافة قضية اخرى مهمة وهي تتعلق بتصاعد اعداد الشباب الصغار «المتمردين» على الدين، والمنحرفين نحو معتقدات «اخرى» غير «دينية»، كعبدة الشيطان ودعاة «الزندقة»، ومع انني كنت اظن ان «الحالة» لا تستأهل الاشارة اليها «لخفة» وزنها، لكن ما سمعته عن «امتدادها» وسط قطاعات في مدارسنا وجامعاتنا دفعني الى اثباتها والتنبيه اليها، لا من منطلق الدعوة الى اعادة «الوصاية» على عقول هؤلاء الشباب، وانما من منطلق دعوة مؤسساتنا الدينية والتربوية والاجتماعية الى القيام بواجباتها الثقافية لتوعية وارشاد هؤلاء وفتح «ابواب» الحوار معهم لا الاكتفاء «بجلدهم» وادانتهم فقط.


اذا اتفقنا على ان حالة «مجتمعنا» صعبة، وان الدولة تتحمل مسؤولية تشخيصها وعلاجها، فان من واجبنا ان نسأل عن الاسباب التي اوصلتنا الى ذلك، وعن «المسؤولين» عنه، وعن المراجعة الضرورية التي يتوجب ان نذهب اليها، لا في اطار «طيّ الصفحة» وفتح صفحة اخرى على قاعدة «عفا الله عما سلف» ولا على قاعدة «المصالحة» التي تنزل بالبرشوت، وانما على قاعدة الاعتراف بالخطأ اولا، والاعتذار عنه ثانيا، ومحاسبة المسؤولين عنه ثم اجراء ما يلزم –بعد ذلك- من جراحات تضمن لمجتمعنا ان يستعيد عافيته.. وان يستريح بعد سنوات التعب والخوف.. والانتظار.


لا اريد ان ازيد «همّ» الاردنيين، فلديهم ما يكفي من الهموم وزيادة، لكنني اتمنى ان ننتبه لما يحدث في مجتمعنا تحت السطح، وما حدث من تحولات في قيمه وبناه الاجتماعية، وما يستهدفه من محاولات «لضرب» نسيجه الاجتماعي، وهي كلها غير بريئة وليست صدفة ابداً، ويكفي ان ننظر لصورة مجتمعنا في «مرآة» انفسنا لنرى ما اصابه من تعب وارهاق .. وما يشعر به من حيرة وحزن وخوف وضياع.


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة