الأربعاء 2024-12-11 03:52 م
 

حتى نتفاءل بالعام 2015

10:00 ص

تقدر الحكومة نسبة النمو المتوقعة في العام 2015 بحوالي 3.5 %، فيما تبشّر المؤشرات، لاسيما تلك المرتبطة بأسعار النفط عالمياً، بإمكانية إنجاز نسبة أعلى تنعكس على مختلف القطاعات، شريطة أن تهيئ الحكومة البيئة المواتية لذلك.اضافة اعلان

إذ من الممكن تماماً، في حال تفهم الحكومة أهمية تحقيق نسب نمو أعلى، أن يتفوق الاقتصاد على إمكاناته المحدودة وصولاً إلى نسب نمو مرتفعة كنا نسمع بها خلال سنوات سابقة، وتصل لحدود 5 %.
ومن ثم، ترتبط النقطة الأهم لتحقيق القفزة الممكنة، وبشكل مباشر، بسياسات الحكومة وتوجهاتها المستقبلية. ومنها، مثلا، تلك المتعلقة بالمضي في زيادة أسعار الكهرباء مطلع العام المقبل، رغم أن كل المؤشرات تدعو إلى تثبيتها إن لم يكن تخفيضها.
فالإبقاء على تعرفة الكهرباء عند مستواها الحالي، يعطي دفعة قوية للعديد من القطاعات، خصوصا الصناعية والتجارية التي فقدت تنافسيتها نتيجة ارتفاع الكلف، والتي تعد الطاقة أحد مكوناتها الرئيسة.
اليوم، تملك الحكومة ترف التفكير في هذا الخيار، نتيجة تراجع أسعار النفط بنسب كبيرة، زادت على 40 %، خلال الأشهر القليلة الماضية، ويتوقع أن تستقر، استنادا لمعظم القراءات، عند هذا المستوى المنخفض.
هكذا، يبدو ممكنا للعام المقبل أن يكون أفضل اقتصاديا على الأقل، في حال تخلت الحكومة عن إصرارها غير المفهوم على الإبقاء على السياسة الجبائية، رغم تغير مختلف المعطيات التي ساقتها قبل نحو عامين لتبرير قراراتها القاسية بحق معيشة الناس. فاليوم، لن تدفع الحكومة 5 ملايين دولار يوميا لدعم الكهرباء، ولن تتكبد فلسا واحدا في تغطية تكلفة أسطوانة الغاز التي تؤكد المعلومات ضرورة تخفيض سعرها الآن، ليصبح عادلا للمستهلك.
كذلك، فإن المؤشرات الأخرى التي تقدمها الحكومة في إطار تسويق قراراتها، لم تعد قائمة. فالاحتياطي الأجنبي يعادل ثلاثة أضعاف ما كان متوفرا قبل عامين، كما ارتفع حجم المساعدات السنوية بشكل ملحوظ، مدعوما بالدور الكبير الذي يلعبه الأردن في الحرب على الإرهاب.
بالنتيجة، فإن لدى الحكومة فرصة لتنفيذ جزء من وعودها بتحسين المستوى المعيشي للمواطن الذي لم يلمس منها شيئآ، بل يواصل معاناته محترقاً بنار الفقر والبطالة والأسعار.
وفي حال أعادت الحكومة موضعة سياساتها تبعا للظروف القائمة، فإنها تحرز بذلك أيضا فرقا نحو تحقيق رؤية الملك الذي يؤكد أن التحدي الذي يشغل باله هو مشكلات الفقر والبطالة وتحسين المستوى المعيشي للناس.
فالالتزام بالرؤية الملكية، وكتاب التكليف السامي، يلزم الحكومة بمراجعة الوضع الحالي، واستقراء المستقبل القريب، بما يسمح بالتخطيط للاقتصاد بناءً على التطورات الحقيقية، والتخلي عن السيمفونية المكرورة بضرورة زيادة تعرفة الكهرباء، ولاسيما على القطاعات التي يقتل ارتفاع الكلف تنافسيتها.
طالما أنهكتنا الحكومات بالحديث عن الدعم باعتباره تشوها في الموازنة العامة. لكن حالياً لم يعد هناك تشوهات، كون حرب النفط العالمية تساعد الحكومة على التخلص من معظم فاتورة الدعم المتمثلة في دعم الكهرباء. ومن ثم، فإن على الحكومة قلب الصفحة، وأن تعرف أن قليلا من الإيرادات لا يساوي شيئا أمام منجز تنموي يستشعر الناس حسناته، لاسيما أن كل ما فعلته هذه الحكومة خلال العامين الماضيين قد أضر بحياة الناس.
وحتى تؤكد مصداقيتها، يبدو لزاما على الحكومة أيضاً مراجعة أرقام البطالة التي عجزت حكومات عن تخفيضها قبل بدء اللجوء السوري، فيما تفاخر حكومة د. النسور أنها حققت معجزة تخفيضها، وبما يناقض نتائج تقارير صادرة عنها هي ذاتها تؤكد أن السوريين حصدوا عشرات آلاف فرص العمل.
ويوقف التوقعات السلبية المصير المنتظر لقانون الضريبة الجديد بتجميده، بعد أن حلمت الحكومة بإقراره، ومضت في هذه الطريق، رغم تأثيره الكارثي على الاستثمار وبيئته.
يمكن للعام المقبل أن يشكل نقطة تحول في مسار الاقتصاد بعد سنوات من التباطؤ، شريطة أن تدرك الحكومة ذلك، وأن تسعى إلى تسجيل الهدف، فتفتح نافذة من الأمل والتفاؤل بالعام الجديد، بدلا من الإبقاء على التشاؤم وانحسار الأفق.


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة