السبت 2024-12-14 01:49 م
 

حرب المذاهب والدولة، والمستقبل!

05:45 م

.. ربما للصلة التاريخية العميقة، وربما لطبيعة الانتماء الهاشمي في المنظومات المذهبية الإسلامية، فإنّ الملك عبدالله وحده، من يفهم حقيقة الانقسام السني - الشيعي، ومحاولة استغلاله في المطامح السياسية المعاصرة. فالهواشم بقوا تاريخياً سُنّة من علي بن أبي طالب، وقد تشيّع الناس لعلي وخلافته وأبنائه، وجعلوا لهم إرثاً تاريخياً، من الصعب فرضه على العلاقات العربية القومية، واستغلال الدين والمذهب استغلالاً سياسيّاً يضعه في خدمة أحلام إمبراطورية في زمن لم تعد فيه امبراطوريات!.اضافة اعلان

بقي الهاشميون في مكة على ما كان أجدادهم، فلم يدخلوا مذابح التاريخ، ولم يخرجوا منها إلى الحرب المذهبية، وحين نهد أبناء عمهم أبناء العباس إلى وراثة الدولة بعد الأمويين، بقوا على مذهبهم السُنيّ، ولم يجدوا أن اتصالهم بالنبي الكريم يجعلهم من شيعة علي.
عبدالله بن الحسين، يضع أمام الجميع المعنى الكارثي لبعث الصراعات المذهبية: السُنّة والشيعة وتحويل الانقسام الذي فقد معناه إلى مطامح سياسية صغيرة، يعرف الجميع أنّ لا منتصر فيها، وكما يقول عبدالله بن الحسين: سيبقى السُنّة سُنّة، وسيبقى الشيعة شيعة إلى يوم الدين، ولا مخرج من هذه المذبحة المنهكة إلا بالإسلام الذي توحدنا فيه خلف النبي الكريم، وخلفائه الراشدين.. وبالتعبير الحديث للحياة المتحضرة: إقامة دولة المواطنية التي رفعت الدين إلى مستوى تشريف الحياة، وجعلت من الدولة المحطّ الآمن، المستقر، المزدهر للإنسان، على تنوّع أديانه، ومذاهبه، ومعتقداته.
لقد حذّر عبدالله بن الحسين مبكراً من الكارثة القادمة. وكان أقرب الناس إلى بشار الأسد بالنصيحة المخلصة والتحذير الدائم. وقد سمع سياسيون وصحفيون أكثر من مرّة كلاماً واضحاً بعد كل رحلة إلى دمشق: قلت لبشار وكانت هذه الكلمة تحمل الكثير من طيبة قلب الملك، وحميمية إيمانه بالوحدة وبالوطن الواحد.
وكانت كلمة: قلت لبشار، تكبر بالذاكرة منذ تم التبشيع بأطفال درعا، إلى يوم نسمع فيه أن طائرات سلاح الجو السوري تقصف الغوطة وإدلب بالغاز السام، وكأن المدافع والدبابات والقنابل العنقودية لم تعد تكفي!.
قد يقبل حكام طهران وغير طهران تحويل الاحتجاج الشعبي السوري إلى صراع دموي مسلّح، لكن أحداً منهم لن ينتصر. ولم يحدث أن الحرب حوّلت السُنّة إلى شيعة، أو الشيعة إلى سُنّة، ولكنها أوصلت الأُمّة إلى حكم ودول لا علاقة لها بالدين أو المذهب!
 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة