المسافة الزمنية بين ظهور زمزم ونشاطها العلني وقرارات الفصل لثلاثة من قياداتها تجاوزت العام، وهذه الفترة الطويلة تعود إلى أن الجماعة كانت محتارة في شكل التعامل، وفجأة تذكرت المحاكم والعقوبات، وكان واضحاً أن الوجبة الأولى لردع الآخرين، لأن قيادة الجماعة لا تريد الوصول إلى مرحلة عمليات فصل جماعي لمجموعات هم من النخبة الإخوانية، وكانت الفكرة تحويل زمزم إلى جسم خارج الجماعة، ومن أختار البقاء معه فسيواجه الفصل لكن كفرد ودون ضجيج إعلامي أو سياسي.
وخروج أفراد زمزم من الجماعة هو النهاية المرتقبة لأن الإنقسام أصبح كبيراً بين الطرفين، والمسافات تتسع، لكن الفصل أو الغاؤه من أدوات المعركة بين الطرفين وليس تعبيراً عن مصالحة، فالتباين أصبح أكبر من أي محاولات تقارب، ومن فكر بالفصل يحمل هذه القناعة، لكنه أراد القرارات ليقول أن الجماعة قوية، وأن زمزم مشكلة عارضة ستتحول إلى جسم خارج التنظيم حتى وإن خسرت الجماعة عدداً من الأفراد.
لكن ردود الفعل داخل الجماعة كانت أكبر مما توقعته قيادة الجماعة، وطريقة تعامل المفصولين كانت على أكثر من شكل لكنها مؤذية للقيادة، وحتى أولئك الذين لم يدعموا زمزم من القيادات الكبيرة أصابهم الحرج لأن الذهاب نحو هذه الأزمة تحولهم إلى جزء من ( القيادة ) وهم لا يريدون هذا وبخاصة أن الجماعة مقبلة على تعيينات جديدة في مواقع قيادة الحزب.
اليوم يبدو المشهد معقداً أمام قيادة الجماعة فاستمرار قرارات الفصل قد يعني تطور ردود الفعل الداخلية، ويمكن لقيادات زمزم التحول إلى نماذج لقمع القيادة وحربها على رموز التنوير.
فالخلاف على النهج وليس على مصلحة، وزمزم حتى وأن لم تحقق حضوراً متقدماً إلا أنها تملك أن تكون كذلك.
وعلى الصعيد الآخر فإن إلغاء القرار يحقق انتصاراً تنظيمياً لزمزم ولمن ناصروها، ويضعف المكتب التنفيذي، وسيفتح الباب أكبر لتكون ( زمزم ) تياراً قوياً داخل الجماعة والحزب، تيار ـ اذا توفرت له إدارة ذكية – يمكن أن يغير كثيراً من معادلات الإنتخابات الداخلية للجماعة وبخاصة بعد جرعة الجرأة والعلنية التي أكتسبها بعد قرارات الفصل.
قيادة الجماعة مثل ـ بالع الموس ـ فإلغاء الفصل له ثمنه والإصرار عليه له ثمن، وكانت تتمنى أن يقبل المفصولون بالإستئناف للمحكمة الداخلية لغايات تثبيت إنصياعهم، ولم يكن المنتظر إلغاء القرار بل أن تثبيت الفصل كان خياراً، لكن أن يتم التراجع عن القرار تحت ضغط ردود الفعل الداخلية فهذا كسر لإدارة المكتب التنفيذي الذي لن يأمن بعد ذلك أي تحرك في مجلس الشورى للذهاب لإنتخابات جديدة رغم المعيقات أمام هذا.
« زمزم « إن عادت للجماعة ستكون تياراً إصلاحياً مناقضاً للفكر والمسار للفريق الذي يقود الجماعة اليوم، وإن ذهبت خارج التنظيم فليس هناك ما يمنعها من أن تكون حزباً سياسياً يحمل أسم « حزب الإخوان المسلمين « يعمل تحت مظلة القانون ويتبنى المشروع الإسلامي على أرضية مراجعة للمسار الحالي للجماعة، علماً بأن قلقاً دولياً إخوانياً يسيطر خوفاً من إتساع دائرة قرارات الدول التي ترى في الإخوان تنظيماً إرهابياً، واللقاء الأخير بين قيادات إخوانية في فرع الأردن مع مسؤول ملف الإخوان في بريطانيا هو جزء من نشاط التنظيم الدولي، فالساحة الأردنية ما زالت – حتى اليوم – الرئة الإخوانية الهامة في التحرك العلني.
الفصل لم يحل مشكلة الجماعة، وربما لن يكون إلغاء الفصل بوابة للحل والمصالحة، وزمزم إذا تحركت برؤية وذكاء ستكون تحولاً حقيقياً في مسار الحركة في الأردن.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو