السبت 2024-12-14 12:23 م
 

حزيران .. واعتراف إسرائيل بـبـطـولات الجـيـش الـعـربـي

12:52 م

بمناسبة مرور خمسين عاماً على حرب حزيران (يونيو) 1967 رفعت إسرائيل السِّرية عن بعض وثائق هذه الحرب التي بقي الإسرائيليون يريدونها ويسعون إليها منذ عام 1948 على إعتبار أنهم يرون ولا زالوا، وهذا ما كان أعلنه أول رئيس وزراء إسرائيلي الذي هو ديفيد بن غوريون، أنَّ الحدود الآمنة لدولتهم التي تحدث عنها وزير خارجية بريطانيا آرثر جيمس بلفور في وعده المشؤوم بإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين في الرسالة التي كان وجهها إلى اللورد ليونيل وولتر دي روتشيلد في الثاني من تشرين الثاني (نوفمبر) عام 1917 وما جاء ضمناً في إتفاقية وزيري الخارجية البريطاني ووزير الخارجية الفرنسي «سايكس- بيكو».اضافة اعلان


وبالطبع فإن هذه الحدود التي إعتبرها «اليهود»، ومعهم بريطانيا وفرنسا، آمنة لـ «وطنهم القومي»، الذي وعدهم به آرثر جيمس بلفور، هي من الشرق نهر الأردن ومن الجنوب قناة السويس ومن الشمال هضبة الجولان.. ونهر الليطاني اللبناني وهذا هو الذي ما زالوا يتمسكون به ويصرون عليه وبخاصة بالنسبة للحدود الشرقية والشمالية ونظراً لأن إتفاقيات كامب ديفيد التي تم إغتيال الرئيس المصري الراحل أنور السادات، رحمه الله بسببها، على أيدي الذين نبت كل هذا الإرهاب الأرعن.. المشبوه الذي يضرب المنطقة في أحضانهم، قد أعادت سيناء كلها إلى مصر كإنجاز بطولي لحرب تشرين الأول (أكتوبر) عام 1973.

المهم.. أنه جاء في هذه الوثائق التي رفعت الحكومة الإسرائيلية السرية عنها أنَّ إسرائيل قد فقدت في حرب حزيران (يونيو)عام 1967، التي بحلول غدٍ الأثنين سيكون قد مرَّ عليها خمسون عاماً.. أي نصف قرن بأكمله، (779 ) عسكرياًّ على كل الجبهات مع مصر وسوريا.. والضفة الغربية، التي كانت الجزء الآخر من المملكة الأردنية الهاشمية، خلال ثلاثة أيام فقط، ربعهم أي (182) منهم، في القدس وحدها وذلك بينما فقد العرب على كل الجبهات (21500) جندي ليس في هذه الثلاثة أيام وإنما في هذه الحرب كلها التي إستمرت لستة أيام إنتهت بهزيمة تاريخية لهذه الأمة التي لا تزال تعاني منها.. وكثيراً حتى الآن.

إن خسارة إسرائيل لربع جنودها، الذين قتلوا في هذه الحرب وعلى كل الجهات أي 182 جندياًّ من أصل 779 خسرتهم في القدس تعني أن أبطال الجيش العربي البواسل فعلاً قد دافعوا عن هذه المدينة المقدسة دفاع إستشهاديين وكما كان فعله إخوتهم وزملاؤهم في عام 1948 الذين لا زال من بقي من أهل هذه المدينة المقدسة يتغنون ببطولاتهم وما شهدته الـ»نوتردام» وساحات وأسوار هذه العربية والتي ستبقى عربية إلى يوم القيامة من إستبسال حال دون تمكن الغزاة المعتدين من الوصول إلى شوارعها وأماكنها التاريخية ومن بينها المسجد الأقصى وقبة الصخرة المشرفة وحائط البراق وكنيسة القيامة ومسجد عمر بن الخطاب.

وحقيقة إن ما جاء في ما أُطلق من الوثائق الإسرائيلية ورُفعت السرية عنه هو الرد المفحم على الأبواق المأجورة التي إتهمت هذا البلد، الذي يعتبر القدس الشريف قلبه وبؤبؤ عين كل واحد من أبنائه، ولا تزال تتهمه بـ»تسليم» الضفة الغربية.. وهذا والكل يعرف أنَّ القنيطرة «هضبة الجولان» قد أُسقطت ببلاغ عسكري متعجل قبل سقوطها بثمان وأربعين ساعة في حين أن المفترض أن الإسرائيليين كان يجب أن يخسروا على هذه الجبهة عشرة أضعاف ما خسروا في القدس على الأقل لأنها كانت محصنة بالفعل بموقعها الجغرافي الذي يطل على بحيرة طبريا وكأنه يطل عليها من السماء وبـ «استحكاماتها» العسكرية المنيعة التي كان يتندر بها كبار جنرالات الجيش الأحمر السوفياتي وكل هذا في حين أن الفرقة العسكرية التي كانت ترابط فيها بقيادة الجنرال أحمد المير كانت بمثابة جيش كامل بضباطه وجنوده وعدته وعتاده.

كان الإسرائيليون قد حاولوا وأكثر من مرة إستدراج الأردن إلى حرب كيفية سريعة وعاجلة تكون مبرراً لإحتلال الضفة الغربية كلها حتى نهر الأردن الذي كانوا ولا زالوا يعتبرونه الخط الأمني لدولتهم على «حدودها الشرقية»!!.. إذ كانت هناك مذبحة «قبية» الشهيرة في عام 1953 ومذبحة كفر قاسم عام 1956..وكان ذلك الإستهداف المفتعل لبلدة السموع في الثالث عشر من تشرين الثاني (نوفمبر) عام 1966 وحيث كانت هناك معركة بطولية خاضها جنود وضباط وطيارو الجيش العربي أجبرت إسرائيل على تأجيل تلك الحرب التي نفذتها لاحقاً في الخامس من حزيران (يونيو) عام 1967 عندما أصبحت الظروف بالنسبة للإسرائيليين ملائمة لشن هذه الحرب التي كان الأردن يريد تجنبها لأن العرب كانوا غير مؤهلين لخوضها فالجيش المصري كان قد عاد تواًّ من حرب إستنزاف مكلفة من اليمن والجيش السوري كان قد أنهكته الإنقلابات العسكرية التي تجاوزت الـ 17 إنقلاباً أولها إنقلاب حسني الزعيم في عام 1949 وآخرها إنقلاب «الرفاق» على «الرفاق» في الثالث والعشرين من شباط (فبراير) عام 1966.

لم يكن الأردن يريد هذه الحرب لكنه إضطر إليها لأن معادلته كانت كما قال وصفي التل :» إنْ خضناها فإننا سنخسر الضفة الغربية» وكما قال الملك حسين رحمهما الله الرحمة الواسعة :»لكننا إذا لم نذهب إليها فإننا سنخسر الضفة الغربية والضفة الشرقية».. لكن عندما إضطررنا كان أداء الجيش العربي هو هذا الأداء الذي إعترفت به الوثائق الإسرائيلية المفرج عنها.. والتي اعترفت فيها إسرائيل بأنها خسرت ربع جنودها، الذين خسرتهم على الجهات كلها، في القدس وحدها .
 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة