في فجر ال16/6/2012 وافت المنية صديق لي حل عليّ خبر وفاته كالصاعقة.. فقد كانت وفاة العميد الطبيب محمد الفايز رحمه الله في فجر ذلك اليوم.. حتى هذا اليوم أمر ما في داخلي يحاول أن لا يصدق الحدث.. فحزين هو حزيران هذا العام..
في صباح ذلك اليوم ترى مركز القلب في المدينة الطبية مفجوعاً حزيناً يعج بالبكاء في بعض الوجوه وبعض الوجوه مفجوعة مدهوشة للخبر.. ويتوشح المدينة الطبية السواد لرحيله.. لكم هو حزين هذا الحزيران..
أربعون يوماً مضت..ولازال القلب حزين.. ولازالت العين تدمع.. فكما كان بيننا كالنسيم.. رحل كذلك برقة النسيم... من منا لا يعرف (ابا صخر) رحمه الله؟ من منا لم يره في ممرات المدينة الطبية في مركز القلب الذي كان يترأسه يقوم بجولته اليوميه على المرضى.. ويقوم بإجراء العمليات الجراحية لمرضى القلب.. بالرغم من أنه كان طبيب اختصاصه في أمراض وجراحة القلب... فقد توفى بنوبة قلبيّة.. هذا الطبيب الجراح الذي كان شعلة من النشاط.. ويدّب الحيوية في أي مكان يرتاده.. كان مشغولاً ومنهمكاً في شفاء الناس ونسي نفسه.. فأفنى نفسه في هذا المجال حتى قضى فيه بكل فخرٍ واعتزاز...
فهو الطبيب الانسان صاحب البسمة التي لا تفارقه ابداً وصاحب النظرة المتأملة والمتدبرة فلا يقول الا ما يجب قوله بكل دماثة أخلاق وأدب.. لا يتكلم كثيراً فمهنته كانت هي من تتحدث عنه وعن إنجازاته.. فقد عمل عملا دؤوباً لتطوير مركز القلب في المدينة الطبية بما فيه خير لهذه البلاد وخير لمرضى قلب هذا المركز، فلم تقتصر علاقته بمرضاه على علاقة طبيب بمريض فقط.. بل امتدت لأكثر من ذلك ، نستطيع أن نقول انها تمتد لعلاقة صداقة تمتد بين العائلات... فمرضاه يحبونه ويجلّونه.. ولاينقطعون عنه حتى بعد خروجهم من المتشفى... نعم يخرجون الا ان قلوبهم معلّقة بطبيب إنسان يتابعهم عن كثب..ويحبهم بشغف.. ويتواصل معهم تواصل الأب بإبنه المريض وتواصل الاخ بأخيه الصغير وتواصل الابن البار بوالده لينال رضاه..
فكما كان إنساناً مع مرضاه هو كذلك مع من يعملون معه.. تعلموا منه كيف تكون روح الفريق الواحده، لا يبخل على أحد باستشارة،ويأخذ برأي الجميع يستمع إليهم ويستمعون إليه.. بأسلوب لا يتقن مهاراته سواه.. فكل من حوله لا يدري كيف يمضي الوقت.. فما يلبثون البدء بالعمل حتى انتهى.. فساعة العمل معه تمضي كلحظات..
هو شعلة من العطاء بالعلم والعمل ، فلا تخلو عيادة من عيادات مركز القلب ولا ممر ولا غرف مرضى ولا غرف عمليات من خطواته وعملياته وتوجيهاته.. فكان يصول ويجول هنا وهناك متفقداً كل مريض.. مطمئناً على كل متألم.. يداً واحدة مع فريق عمله.. الذي يمد له يد العون والمساعدة في كل حالة مرضية مستفيدين من خبراته وابداعه في مهنته.. فقد أعطى وأعطى حتى فني في هذا المجال.. بكل كرم وشهامة البدوي الذي لا يبخل على صاحب كل حاجة.. فالذي معه من علم ومعرفة لم يكن له وحده فقط.. بل كرم به بكل جود وسخاء على كل من هم حوله..
فكما كان الطبيب الانسان هو كذلك العسكري الشجاع.. والاسد المغوار.. تربى في سلك العسكرية وخدم فيها حتى صار عميداً، يخدم وطنه بكل بسالة، بكل عشق للوطن وكل اخلاص وعطاء.. فكما عرف بالطبيب الانسان ، فقد عرف كذلك بالضابط العسكري المغوار..
وهو الصديق الذي لا يحب الشهرة وأضوائها، فكلما حاولت أن نستضيفه في برنامج يوم جديد –التلفزيون الاردني لنتحدث عن أهم انجازاته يعتذر لي بإنشغاله وأنا بداخلي أعلم انه يفضل أن يكون جندياً مجهولاً، ويقول لي: (يا تمارا خليني أرشح لك طبيب افضل مني يطلع معاكم باللقاء) وله ذلك بالعادة.. إلا أنني أحياناً أنجح بإقناعه فيأتي ضاحكا: (غلبتني أيتها العنيدة)!! فهو الصديق الذي أعجز عن الحديث عنه فلن توفيه الكلمات.. فهو دمث الاخلاق، واسع الصدر وسع الارض بعيد النظر بعد السماء، المحب لوطنه، والمخلص في عمله، والعاشق لآسرته، والمنتمي لعشيرته..
فهو للنزاهة والاخلاص عنوان وهو للمواطن العطاء والباني لوطنه خير مثال، وهو للصداقة أفضل صديق.. وهو خير الاب لأولاده والزوج الصديق لزوجته، والابن البار لعشيرته..
حزينَ حزيران هذا العام الذي فارقتنا به.. ونحن نحاول ان نصدق الحدث.. حزن يلفني من كل جانب ونفسي منقبضة لرحيلك ودمعتي لا تتوقف عن الانهمار..
(أبا صخر) تعلم أنني أكره الوداع.. الا أنه َ لا بد منه.. و انه لا راد لقضاء الله.. نعم حزين هو هذا الحزيران..
نعم قد توفاك الله يا (طبيب القلوب) ألا أن بصماتك في كل أنحاء قلب قد دوايته بإذن الله تعالى.. وإنا على فراقك يا ابا صخرٍ لمحزنون... لا أدري ماذا اقول فتختلط المشاعر الحزينة المكلومة بالكلمات.. ولكي لا تنقص كلماتي شيئاً من قدرك يا ابا صخر..أتوقف عن الكتابة وقلبي يدعو لك بالمغفرة..
فلكل من مر بمقالتي هذه أسئلكم أن تدعو الله له بالمغفرة والرحمة.. وأن يدخله فسيح جنانه..
حزين هو حزيران هذا العام..
تمارا النهار-معدّة التلفزيون الاردني
[email protected]
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو