الوكيل - بعد أن عاشت ربا سعيد طفولتها الأولى بين إخوتها، تلعب بينهم، وتخرج معهم، وتشاركهم كل لحظات اللهو بات من الصعب عليها الآن بعد أن كبرت قليلا، أن تندمج في حياة الفتيات الطبيعية، بعد أن تعودت لعب الكرة، والتايكواندو واللهو بالسيارات، وغيرها من ألعاب الذكور.
تقول ربا إنها مع الوقت بدأت تكبر لكنها ظلت تمارس هوايتها الذكورية، فلا تستهويها من الألعاب سوى المخصصة للذكور، ولا تشعر بأي هوى نحو ما يشغل الفتيات من اهتمامات، إذ ما انفكت تمارس هوايات الأولاد حتى صار إخوتها يطلقون عليها اسم 'حسن صبي'.
والحال أن ربا لم تكتف بألعاب الذكور بل حتى ملابسها صارت لا تحمل أثرا واحدا من آثار الأنوثة الناعمة، كما تغيرت طريقة مشيتها فصارت كمشية الذكور، خالية من أية أنوثة.
تقول ربا 'بعد دخولي الجامعة صادقت الفتيات، لكن ميولي ظلت تختلف عن ميولهن. وقد كنت أجمع في صداقاتي بين الشباب والفتيات، وأصبح زملائي الشباب يعاملونني كأنني واحدة، أو بالأحرى واحدا، منهم، فيستشيرونني في قصصهم ومغامراتهم مع الفتيات'.
وتضيف ربا أنها لا تستوعب قصص الفتيات واهتماماتهن وانشغالاتهن بأمور تحس أنها لا تعنيها على الإطلاق، وتعتبرها همًّا لا صلة له بهمومها.
في حين يقول الطالب الجامعي إبراهيم مسعود، إن من أكثر 'الأصدقاء' الذين يندمج معهم، و'يفضفض لهم' بكل شيء، ويرتاح لهم 'صديقة' يفضل أن يصفها بـ 'أخت رجال'.
مسعود لا يتعامل معها كفتاة على الإطلاق، والسبب هو أنها أعطته هذا الانطباع عن شخصيتها منذ البداية 'منذ البداية لاحظت أن طريقة لبسها، وتعاملها، ومزحها، لا تعكس أي صفة من صفات الفتيات وأسلوب تعاملهن في الحياة. وهو جعلني انظر إليها كصديق عادي. أتحدث إليها كما اتحدث لأي صديق شاب، إضافة إلى أنها كثيرا ما تساعدني في التقرب من أي فتاة أغرب في التحدث إليها'.
ويضيف إبراهيم أنه لا يفكر في هذه الشخصية إلا كونها صديقا من أصدقائه الشباب، مبينا أنه 'حتى عندما تنضم هذه الفتاة إلى مجموعته من الشباب فلا أحد منهم ينظر إليها كفتاة، بل يكمل الجميع حديثهم بشكل طبيعي، وكأنها 'واحد' منهم'.
ومن الأمثلة على هذا النمط من الفتيات اللواتي يرفضن شخصيتهن الأنثوية، هبة الطويل (28 عاما) التي كانت تلقب دائما بـ'حسن صبي'، لأنها كانت دائماً تعامل زملاءها في المدرسة والجامعة، والعمل، معاملة الأخ لإخوته، فتبادلهم بلا أي حرج أحاديثهم الذكورية.
لكن هبة ما لبثت أن باتت تشعر، كما تقول، بصعوبة جمة في محاولة العودة إلى طبيعتها، وتكون كباقي الفتيات، لكنها لم تستطع، بالرغم كل ما بذلته من جهد لكي تغيّر من شكلها قدر المستطاع، ومن اهتماماتها 'الذكورية'. وتؤكد هبة أن ما يتعبها ويزعجها أكثر أن أصدقاءها الذين تعودوا أن يروا فيها 'حسن صبي' لم يستطيعوا أن يغيروا نظرتهم عنها، وظلوا يعتبرونها 'الصديق'، وفي أفضل الحالات: الأخت المقربة.
هنالك الكثير من الفتيات اللواتي يملن إلى الذكورية، وكثيرا ما يطلق على الفتاة التي تتصف بهذا الميل اسم 'الفتاة المسترجلة'. وينعكس هذا الميل على الكثير من تصرفاتهن، وعلى طريقة المشي والملابس، وعبارات أحاديثهن، وحتى على أسلوب مزحهن وحركات اليدين أثناء الحديث.
وفي كثير من الأحيان يثير هذا التصرف استياء كثيرين لا يستلطفون هذه الصفات التي تقلل من شأن الفتاة في أعينهم، لأن الفتاة أنثى ويجب أن يطغى فيها الجانب الأنثوي، وليس العكس، إلى جانب أن ذكورة الفتاة ستنعكس لا محالة سلباً عليها، وقد تجد صعوبة في العودة إلى طبيعتها كفتاة تتصرف تصوف الأنثى.
في هذا الشأن يقول الاختصاصي الأسري، أحمد عبد الله، إن على الفتاة التي تخلت عن أنوثتها أن تغير السلوكيات الذكورية، التي اعتادتها، حفاظا على شخصيتها الطبيعية، وحتى لا تتوغل في تشويه شخصيتها هذه إلى أبعد مما يحق لها فتفقد الكثير من مزاياها، ومن مقوماتها الطبيعية التي لا غنى لها عنها للاستمرار في ممارسة الحياة بصورة طبيعية. لأن الاستمرار في تقمص شخصية الذكر ستدمر شخصيتها عاجلا أو آجلا.
ويضيف عبدالله أنها ستعاني كثيرا من 'التغيير الزائف الذي يتناقض مع شخصيتها الحقيقية'، وإن كان لتقمص الفتاة لشخصية الفتى وأدواره بدافع 'المساواة' مع الذكر فذاك 'منطق خاطئ لا طائل من ورائه'، لأن المساواة التي تطالب بها الأنثى'لا تتحقق إلا من خلال حفاظها على أنوثتها الطبيعية، وليس من خلال تقليد الرجل'.
ويرى عبد الله أنه لا بد من أن تربى الفتاة والشاب على الدور النابع من شخصيتهما الطبيعية الذي يجعل منهما 'شخصين سويّين، بعيدا عن توغل أي منهما فيتقمص شخصية الآخر'، وهو ما يؤدي إلى ظهور علامات الذكورة أو الأنوثة، جسدية كانت أو ذهنية، لا تليق بأي منهما، وتؤدي في النهاية إلى تشويه ملامحهما الطبيعية. لذلك 'يجب أن تنشأ الفتاة فتاة لأنها فتاة، وأن ينشأ الولد ولدا لأنه ولد'.
وفي ذلك يقول الاختصاصي النفسي د.جمال الخطيب، إن تقمص الفتاة لشخصية الذكر 'أمر خطير للغاية'، فهو 'مرض نفسي' قد لا يكون للفتاة إرادة واعية في اختباره، وهو 'ينعكس سلبا على نفسية الفتاة ولو بعد حين، فتضطرب شخصيتها وتتعرض هُويتها للتشوه والانتكاس'.
ولذلك ينصح الخطيب الأهل بأن ينتبهوا للأمر جيدا، وألا يشجعوا على التمادي فيه، وأن يحاولوا معالجته، لأن ترك الأمور دون علاجها ودون الانتباه إليها سيؤدي إلى عواقب سيئة، وربما وخيمة، على الأهل وعلى الفتاة على السواء، وقد يصعب معالجتها بعد فوات الأوان.
ويرى الخطيب أنه من الأفضل معاملة كل جنس، ذكرا كان أو أنثى، بالطريقة المفترض أن يعامل بها، حفاظا على استقراره النفسي ونمو شخصيته.
الغد
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو