الجمعة 2024-12-13 11:23 م
 

حول مناقشات «النواب» لقانون نقابة الصحفيين

07:00 ص

تعريف مهنة الصحافة ،وتوصيف من هو الصحفي لغايات الانتساب لنقابة الصحفيين،استهلك وقتا كبيرا من مناقشات مجلس النواب ، لتعديلات قانون نقابة الصحفيين،وهو نقاش مشوق تابعت جزءا كبيرا منه ،وبخاصة فيما يتعلق بالزملاء العاملين في الاعلام التلفزيوني والاذاعي، ومن يمكن وصفه بالصحفي ويحق له الانتساب للنقابة من بين هؤلاء، ورغم ان «النواب» أقر القانون، لكن لا يزال أمامه مرحلة النظر فيه من قبل مجلس الأعيان. ومن المصادفات أن عرض القانون على السلطة التشريعية ، يتزامن مع قرب اجراء انتخابات نقابة الصحفيين ! مهنة الصحافة كانت في الأصل، قلم وورقة ومنتج فكري ، يكتب على ورق وينشر في صحيفة ورقية لمنفعة الرأي العام ،والمنتج الفكري يكون على شكل «خبر ، تحقيق صحفي ، تقرير ، دراسة ، مقال ، وكاريكاتير»، وبعد اختراع الكاميرا ، أضيفت الصورة كأحد عناصر مهنة الصحافة الرئيسية، ولأهمية الصورة في إيصال الفكرة ،أصبح يقال «الصورة تعادل ألف كلمة « ،وبعد دخول عصر الكمبيوتر، تم استبدال القلم ب «الكيبورد « والورقة ب»الشاشة «، والآن قلة هم الصحفيون الذين لا يزالون يكتبون بالقلم والورقة، وهم الذين يشعرون بمتعة رومانسية في طقوس الكتابة بالقلم والورقة ،أو الذين ليس لديهم الاستعداد لتعلم استخدام الكمبيوتر ،لكن لا يمكن وقف مسيرة التطور في الحياة. مع الزمن صار للمهنة معايير وأخلاقيات ومواثيق شرف ،وما يتفق عليه أن الصحفي بالاضافة الى التزامه بهذه المعايير ، ينبغي أن يكون على مستوى ثقافي ومعرفي وتعليمي يؤهله لينقل الحقيقة ويؤثر في الرأي العام بنزاهة، وذلك يتطلب توفر مناخ حر للتعبير عن الرأي ،والحقيقة ان الحرص على الالتزام بهذه المعايير كان في السابق أكثر من صحافة اليوم ، فثمة تناسب عكسي بين التوسع الهائل في وسائل الاعلام وأساليب عملها ، وفي تضاعف أعداد الصحفيين والتطور التقني الحاصل في مهنة الصحافة ،وبين الالتزام بالمعايير المهنية ،الامر الذي بات أقرب الى فوضى مهنية، يتطلب تطوير التشريعات بصورة مستمرة،وهو أمر يشكل من جهة اخرى ، نافذة للحكومات لفرض قيود على حرية الصحافة. أعود الى تعريف الصحفي،فكما كان القلم والورقة أساس العمل الصحفي ، لا يمكن تجاهل حقيقة، ما أحدثته اختراع الاذاعة والتلفزيون ،ثم الصحافة الالكترونية من توسع وتطوير في العمل الصحفي. الصحافة المقروءة «الورقية والالكترونية « تنشر المنتج الصحفي والفكري،أما العمل الاذاعي والتلفزيوني في جزء كبير منه ،يعتمد أولا على الفكرة وكتابتها وبثها ، إما على شكل خبر أو تقرير أو برنامج حواري،او إعداد برامجي ، وبالتالي ثمة ضرورة للاعتراف بمهنية العاملين في هذا المجال، في دوائر الاخبار والبرامج،وحقهم في الانتساب لنقابة الصحفيين،لكن الإشكالية التي أثارت جدلا واسعا في مناقشات النواب ، تتعلق بحدود تصنيف العاملين في البرامج ، ضمن فئة « الصحفيين « لغاية الانتساب للنقابة ! وهي قضية جوهرية جديرة بالاهتمام. وأنا أقول من واقع خبرة طويلة في الصحافة الورقية ،ومشاركة جزئية في العمل التلفزيوني، أن من يعملون في انتاج ألافكار والإعداد وكتابة النصوص والتقديم والحوار ، في دوائر الأخبار والبرامج يقومون بعمل صحفي حقيقي ،وجديرون بالانتساب للنقابة. ولا يمكن اعتبار جميع العاملين في البرامج على اطلاقها صحفيين. فهناك عشرات من الفنيين والتقنيين يعملون في البرامج، ليس لهم علاقة في جوهر المهنة الصحفية ، فضلا عن العاملين في برامج ترفيهية واجتماعية وصحية ،تعتمد في الأساس على الاتصالات الهاتفية والكلام الشفهي ، أو تقديم النشرة الجوية وبرامج المسابقات، و» الطبخ « ،وهذه الأخيرة ذكرت من قبل بعض النواب على سبيل التندر ! فرغم ما لهؤلاء من أهمية في العمل التلفزيوني والاذاعي،ويستحقون كل احترام وتقدير، فإن تصنيفهم ضمن فئة الصحفيين وأحقيتهم في الانتساب للنقابة ، يعني إغراق النقابة بعشرات الالاف من الاعضاء، وذلك ليس عنصر قوة لبلد بحجم الأردن،فضلا عن الكلفة المالية الهائلة التي ستترتب على ذلك ، وهو أمر سيؤدي الى وضع النقابة في مأزق، فلا بد من ضوابط لكي لا نصل الى مرحلة تفتح فيها أبواب النقابة، لكل من له صفحة على الفيس بوك !

اضافة اعلان

 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة