بفخر الهابطين من مركبات الفضاء, أعلن أنه لا يستمتع إلا بأكل المانجا الإسرائيلية , وهو يغلظ القول لصاحب محل بيع الخضار والفواكه الذي يمنع دخول البضائع الإسرائيلية الى محلّه أصلا ومن ضمنها المانجا , وهاجمني ضمنا لأنني طلبت من البائع مانجا مصرية سيقوم البائع بالتوصية عليها غدا, معللا انحيازه للبضائع الإسرائيلية بأنها فاخرة وأن الإسرائيليين لا يمارسون الغش وكل بضائعهم ممتازة , بدوره أكد شاب يافع وفارع الطول أنه يؤيد ما قاله الأول بل واردف بقصة سأرويها كما هي “ كنت في محل لبيع الملابس الجاهزة , وارتبك البائع عندما مددت يدي لأتناول بلوزة , وهو يُسرع بإخفائها , ولما ألحت عليه واخرجتها من تحت الكاونتر, وجدته بضاعة اسرائيلية, فقلت له سأشتري اربعة , فأنا اثق بصناعتهم “ .
طول الشاب الثاني وجسمه الرياضي, وزهوة محاوري الأول بوجود نصير له , دفعتني الى عدم اكمال الحوار واكتفيت بشكر صاحب المحل على موقفه دون الالتفات اليهما , فالوقت قبيل آذان العصر وهو الوقت المناسب جدا لاستصدار الغضب الأردني وبروزه بأسوأ اشكاله, ولكن حديث سيدة من الخلف أعاد الاعتبار لكل المشهد , عندما أكدت بأنها ستدفع كل الجارات للشراء من “ عبد الخضرجي “ لموقفه الوطني بحسب قولها , وقالت بصوت مرتفع ولهجة فلاحية فيها نبرة بدوية “ يقطعهم ويقطع بضايعهم , اصلاً همّوا اهل الغش , بس يا حيف “ , جاء حديث السيدة بلسلا او ثلجا في حرارة يوم رمضاني , واعاد التوازن الى الخليقة الضائعة في اعماقي في تلك اللحظة .
غادرت السيدة , وأطلق عاشق المانجا الإسرائيلية سيلا من الشتائم بحقّ السيدة , ومن ثَمّ انطلق يشرح رؤيته في المرأة وكيف ان تلك السيدة لا يوجد خلفها رجل , ربّاها وكسر شوكتها بحسب حديثه , وأنها لو كانت زوجته لما بقيت على ذمته دقيقة واحدة , فكيف لها ان تشترك في نقاش داخل محل الخضار , وكيف لصوتها ان يرتفع في وجوه رجال , وكيف لو أنها رجل لمسح بها البلاط , وأظن العبارة الأخيرة كانت لي ان قلت حرفا واحدا , بعد ان قلت لها بعد موقفها “ الله محيّي أصلك “ وبأن الأمل في الأمهات اللاتي سينجبن ويُربين رجالا للزمن القادم .
استفاض عاشق المانجا في اساءته للمرأة بشكل عام , وكيف انها مجرد خادمة لزوجها وبأنها تتشرف بخدمة رجلها والوقوف على احتياجاته واحتياجات الأبناء , زَورتُ بكلمات عالقة في حَلقي واستعنت بالشيطان , وقلت له : اتفق معك تماما على ان هذه المرأة وشبيهاتها يجب ان يراعين احتياجات الأبناء , لأنني لا أثق برجال مثلك يشرفون على تربيتهم , فتلك السيدة ومن مثلها تحرص على عدم إطعام أبنائها طعام حرام , ومغموس بدماء الشهداء وسألته ان كان يعلم بأن الأسرى الأردنيين مضربون عن الطعام في السجون الاسرائيلية منذ تسعين يوما ويزيد , وأن أوروبا تقاطع بضائع المستوطنات وانا اشك أن هذا السيل الجارف من المانجا على الشوارع وبأسعار زهيدة نتيجة رفض أوروربا دخول بضائع المستوطنات , وكيف أن هذه المرأة تعرف اخطار شراء البضاعة الإسرائيلية اكثر منه الذي يفتخر أنه رجل صنديق يتحدث عنها بوصفها خادمة او جارية , وانهيت لو كُنت تحترم ذاتك لاحترمت وطنك ولكنت احترمت أمك ولكُنت احترمت زوجتك وقاطعت البضائع الإسرائيلية وقاطعت النظرة المشوهة والغبية للمرأة .
اشاح بوجهه ضدي ورأى ان مزاج الناس التي تحلقت في المحل لصالحي , فخرج وهو يصرخ شاتما المرأة وشاتما كل من يدعمها ويتحدث عنها بخير , بل واردف بحكمة بحسب رأيه أن الرجل إذا كان يخاف من زوجته , يتحدث عن المساواة والحديث الفاسخ الذي تحدثت به , ضحكت من القهر على حكمته التي أعجبتني نسبيا , وفي الوقت ذاته عرفت الفارق بين الحرص الصهيوني على منتجاتهم وسعيهم لشرائها وبين وعينا وحرصنا على أوطاننا , ورأيت قباب الأقصى تبتعد أكثر فأكثر .
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو