دون أية مقدمات، أشعر أحيانا بفرح غير محدود بالمشهد العام «لنا» في هذا البلد، الذي يكاد ينقسم أصحاب الرأي فيه إلى قسمين: الأول لا يرى من المشهد إلا الجانب المضيء المتلألئ، فيدَّعي أننا زمرة من الملائكة الأطهار، ، لا يأتينا الباطل من بين أيدينا ولا من خلفنا، وأن جميع «البُقع» السلبية في البلد «طارئة» أو «مندسَّة» على أخلاقنا العالية، وليست من طبيعتنا، أما الفريق الثاني فيرى في الأردن بلدا من الشياطين والعملاء والفاسدين، وأصحاب الأجندات الخاصة، العريقين في خدمة المصالح الأجنبية، الذين لا يهتمون بمصالح شعبهم، والحقيقة أننا لسنا على أي من الصورتين، وأنا انتمي شخصيا إلى معسكر ثالث، لا يسرف لا بمدح ولا قدح، معسكر واقعي يحاول أن يكون منصفا، منحازا للحقيقة أو على الأقل للجزء الممكن الإفصاح عنه منها، في ظل قوانين وعقليات لا تسمح كثيرا بقولها!
بعضنا لا يعترف بفحولة الكاتب ورجولته إلا إذا سب وشتم، ومارس نقدا جارحا بمناسبة وبغيرها، وفي الوقت الذي يعترف فيه بمناقب وزير ما، او يمتدح مسلكا أو قرارا حكوميا، يسألك مستنكرا عن «سرِّ» تخفيضك الطوعي لسقفك! لكأن عليك على الدوام أن تنفث سموما، لا أن تضيء عتما!!
ومثلما يوجد هذا الصنف في الجانب «الآخر»، ثمة من يضيق صدره بأي نقد حتى ولو كان ناعما لأي مؤسسة أو جهاز حكومي، فهو يفترض أن على الكاتب أن يحرق البخور للحكومات المتعاقبة، ، على اعتبار أنها معصومة من الخطأ، وبين هذا وذاك، متَّسع من الكلام وفسحة من المصارحة، لا بد أن يمارسها أحرار، يقيمون في النصف الثالث من الكأس، يستعدون لحمل أعباء صراحتهم، من كلا الطرفين: المدَّاحين والذمَّامين،!
ننسى في غفلة منا، أننا نعيش في بلد يقع بين نيران، يستعر أوارها على نحو متزايد، وكلما وقعت ضحية شرقا وغربا، أتساءل فيما بيني وبيني، وأنا اشتعل ألما وقهرا: ما الذي يمنع ان يكون بيتي أو ابني هو الضحية القادمة لا سمح الله؟ كيف نجا هذا البلد من الشرر المتطاير من كل الجهات في عالم يحكمه الأشرار والحمقى، وقليل جدا من العقلاء؟!
الأردن بلد متنوع، آمن، ويعيش أجواء محتملة في حدها الأدنى ومسؤوليتنا جميعا أن نحافظ عليه، شأننا شأن راكبي المركب، الذين يضربون على يد كل من يحاول خرقه أو حرقه!
أنا لا أريد بيع القارئ أفكارا مدفوعة الأجر، فقد اتخذت قرارا منذ زمن، أن أبقى صحفيا، لا أتطلع إلا إلى مهنتي، فليست لدي أية نوايا لخيانتها واتخاذها قنطرة للقفز إلى «أعلى!»، ولا أخطط أبدا للانتقال إلى مقاعد يحلم بها ثلثا الأردنيين على الأقل، أعني منصبا حكوميا ما، ونمرة حمراء تتكون من أربع أو ثلاث خانات، أو أقل، ولهذا حين أتحدث عن روعة هذا البلد، فأنا لا أرجو من أحد أن يكافئني، فقط هي عملية تصالح مع الذات، ليس أكثر، يصدّقها البعض، والبعض الآخر يعمد إلى تأويلها، هذا لا يهمني، ما يهم أن على المرء حين يُحبَّ ألا يعتذر عن حبه، أو يداريه!
قد يبدو الكلام لغزا بعض الشيء، ما يهمني هنا، أنني أعيش حالة تصالح واقعية مع الذات، وسأعبر عنها بالطريقة التي أراها مناسبة، وربما لا ترضي البعض، فالنقد البناء جزء من اشتراطات سلامة المسير، حتى ولو كان قاسيا ومؤلما جدا، شأنه في ذلك شأن مبضع الجراح، الذي يسبب الكثير من الألم، كي يقضي عليه!
قرأت بالأمس على تويتر: يتحدثون عن الاستقرار والتنمية في دول الخليج الغنية وكأنه إنجاز فريد، وغاب عنهم الأردن البلد الفقير المستقر الذي يُعالج ويُدرِّس مواطني الخليج!
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو