السبت 2024-12-14 09:55 م
 

درويش الأردن

09:29 ص

لو أن حبيب الزيودي اختار الرفض دربا في شعره لأوجع الدولة كثيرا ولكنه إختار الناس والوطن والتراب ، فأوجعته الدولة.اضافة اعلان

ماذا ساكتب لك يا صديق العمر المتعب والدمع...والقصائد التي تولد في (العالوك) على النار والحب ؟..هل أقول أن العالوك أنتجت شاعرا بمستوى بدر شاكر السياب.... بمستوى درويش ولا أظن أن البر الأردني قادر على إنجاب من هو أشعر منك ؟....
هل اقول أنه لو أتيحت لك يا صديق العمر المتعب ماكنات إعلامية كتلك التي تتاح للشعراء في مصر ولبنان والعالم العربي لكنت رمزا عربيا ولأسست للشعر مدرسة ونهجا جديدا.
ولكنه العمر الذي قرر أن يختطفك مبكرا..من أهلك ومن أصدقائك ومن الشعر...
في بلادنا يغادر الكبار مبكرا..هزاع غادر على مشارف الأربعين وعرار مات مبكرا ووصفي لم يصل الخمسين بعد حتى تيسير السبول هو الاخر ترك الدنيا على عجل....وهذا قدر الكبار وقدرنا نحن...وانت صدقني مثلهم....غادرت العمر ولم تصل الخمسين بعد..ولكنك يا صديقي ستترك للناس قريتك (العالوك)....في حواف القصائد وستترك إبداعات الفلاحين في القوافي...وستترك حقيقة دامغة للمنظرين والكاذبين وبعض من أثخنوا هذا الوطن باتهامات حاقدة...وهي أن فتى من (بني حسن) اسمه حبيب الزيودي...أقام للقصيدة مجدا لم يقمه أي شاعر اردني مر على هذا التراب
أتذكر ذات يوم حين جئتني في ليلة مطر..وذهبنا للعالوك , كنت تبني منزلك هناك وأوقدنا النار وجلسنا حولها...كنت مرتديا فروه لونها (كحلي) وأنا تدثرت بفروتي ذات اللون (الخمري)...أنت يومها يا حبيب لم تعرف مسارب البستان جيدا ولم تحضر الحطب أما أنا فكنت أعرف المسارب كلها في العالوك وغبت نصف ساعة وأحضرت مؤونه حطب تكفينا لاخر الليل..
وقتها قال لي حبيب :- (انت في النهار كاتب وتعبر عن وجدان شعب كامل ولكن مشكلتك أنك في الليل تتحول لقاطع طرق).... لو ذكرت (السواليف) التي بيننا لما كفتنا أوراق الجرائد هذا الوجع....
ولكنك مت...قررت الرحيل هكذا دون أن تخطر أحدا بذلك وأنا ماذا سأكتب في المقال هذا....وماذا سأسرد من الذكريات.
لست ادري ؟..ولكني أريد أن اقول للناس أمرا مهما..أن هناك ثلاثة أشخاص أحبوا حبيب الزيودي من القلب ولم ينقلبوا عليه بالرغم من أن الذين انقلبوا كثر..أولهم كان نضال الحديد الذي منحه الدفء وكل شيء في أمانة العاصمة وكان كلام حبيب وقتها لايرد...وثانيهم أمجد العضايلة الذي ظل يسمع لحبيب ويحمي حبيب من سهام الحساد وكان يدرك أن الأردن لن ينتج شاعرا بمستوى حبيب...وثالثهم هو سالم الخزاعلة..رفيق دربه وصديقه الذي ما تركه لحظة ابدا...
رحمك الله كنت درويش الأردن...ولا أظن أن هذا البر سينتج شاعرا مثلك أبدا.


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة