الجمعة 2024-12-13 11:07 ص
 

دور فعال للمدنيين في انتصارات الحرب العالمية الثانية

01:03 م

الوكيل - آرثر هيرمان أستاذ جامعي وأكاديمي متفرغ يعمل مؤرخا مقيما في واحد من المجامع الفكرية ومؤسسات البحث العلمي الشهيرة في الولايات المتحدة الأميركية، وهو «معهد أميركان انتربرايز»، ويعرف عنه شغفه بتدقيق وتمحيص الوقائع التاريخية وخاصة على مستوي أحداث التاريخ الحديث أو القريب.اضافة اعلان


وقد أصدر عددا من الكتب التاريخية في مقدمتها دراسته الشهيرة بعنوان « كيف اخترع الاسكتلنديون العالم الحديث» وقد بلغ من رواج هذا الكتاب كما يقول النقاد- أن بيع منه أكثر من نصف مليون نسخة مرة واحدة في مختلف أنحاء العالم.

وقد رشحت كتاباته أكثر من مرة للفوز بجائزة «بولتزر» الأميركية الرفيعة، وجاء في مقدمتها أحدث إصداراته وهو كتاب «غاندي وتشرشل» الذي يدقق في تفاصيل ومسارات ومآلات العلاقة السياسية الملتبسة بين الاستعماري البريطاني العتيد سير ونستون تشرتشل وبين المهاتما غاندي الزعيم الروحي الكبير الذي ألهم حركة الاستقلال في الهند وقاد بلاده نحو تحقيق هذا الاستقلال في عام 1947.

أما كتابه الصادر أخيرا عن دور القطاع المدني في إحراز نصر الحلفاء، وفي مقدمتهم أميركا، بالطبع، خلال الحرب العالمية الثانية فما زال يحوز اهتمام ومتابعة النقاد والمحللين الذين وصفوه بأنه توخى ردم ثغرة المعلومات التي ظلت فاصلة بين ما عرفه الناس بإسهاب ملحوظ عن إنجازات القطاع العسكري في الحرب وبين معلوماتهم المحدودة عن إسهامات القطاع المدني.



للفشل كما يقولون أب واحد، ولكن للنجاح كما يقولون أيضاأكثر من أب يدعي نسبته ويتيه بذلك عجبا على الناس. فما بالنا ونحن بإزاء النصر المؤزر الذي تحقق عقب الحرب العالمية الثانية في مثل هذا الصيف القائظ من عام 1945.

كثيرون توزعت بينهم جائزة النجاح الذي خرج به الحلفاء منتصرين على عدوهم الثلاثي الذي حمل يومها الوصف الشهير: دول المحور، وكان المحور مؤلفا من ألمانيا النازية بزعامة أدولف هتلر وإيطاليا الفاشستية بزعامة بنيتو موسوليني ثم اليابان الامبراطورية وكان على رأسها الامبراطور هيروهيتو.

على جانب الحلفاء كان معسكرهم يضم سائر دول أوروبا الغربية وعلى رأسها انجلترا بقيادة ونستون تشرشل، وكانت هناك أيضا الولايات المتحدة الأميركية بقيادة رئيسها وقتئذ فرانكلين روزفلت، الذي لم يقدر له ان يقطف ثمار الانتصار في منتصف الاربعينات من القرن الماضي وإنما شاءت أقداره أن يرحل في عام 1945 وأن يخلفه، كما هو معروف، الرئيس هاري ترومان. ثم أضيف إلى هذا الرهط من المحاربين روسيا السوفييتية بزعامة رجل الكرملين الشيوعي القوي جوزيف ستالين.

من جانبها كانت فرنسا شريكا متضامنا- كما يمكن أن نصفه في ملحمة الحرب العالمية الثانية، وبمعنى أن بدأت مراحل الحرب الأولى باحتلال عاصمتها باريس في عام 1940، ويومها دخل إلى «مدينة النور» شخصيا هتلر في أوج بل وهج الفوز، حيث عمد الى استعراض قواته المحتلة تحت قوس النصر المعروف وسط العاصمة باريس، وإذ وقعت فرنسا تحت سنابك الاحتلال، وإذ استسلم قائدها التاريخي المارشال بيتان أمام سطوة المحتل الألماني، بزغ من صفوف المقاومة الرافضة لهذا الاحتلال ضابط لم يكن له شأن كبير وقتها، يشغل موقع وكيل وزارة الحربية الفرنسية.

ولكنه ما لبث ان قاد المقاومة الوطنية ضد الاحتلال وظل طيلة سنوات الحرب، وتحت نير أتونها المتقد جمرا وخطرا ويأسا ودمارا- ظل يؤكد لمواطنيه جدوى المقاومة ومجد فرنسا وعظمة ميراثها التاريخي وإسهامها الحضاري.

وبعدها قيض لهذا الضابط الفرنسي الشجاع أن يشارك في اقتطاف ثمار النصر على المحور وأن يتولى مقاليد الزعامة التاريخية بدورها- من الإليزيه قصر الرئاسة في باريس وأن يسمع العالم باسمه على امتداد عقدي الخمسينات والستينات وهو: الجنرال شارل ديجول.

تلك كانت الصورة التي آلت إليها أحوال عالمنا من خلال الزحف التاريخي المشهود الذي عاينته قارة اوروبا، وكان زحفا ثنائي المسار.

.. وتحقق الانتصار

من الغرب زحفت قوات الجنرال الأميركي دوايت ايزنهاور من سواحل النورماندي في أقصى غرب فرنسا في طريقها عبر التخوم الفرنسية باتجاه الشرق إلى وسط المانيا.

ومن الشرق زحفت قوات المارشال الروسي زوكوف على متن فيالق المدرعات والدبابات إلى، حيث شاء حسن طالعها أن تسبق سائر الحلفاء الغربيين في دخول، بل اقتحام، العاصمة الالمانية برلين، وأن تدمر حصون المقاومة النازية، وأن تدفع هتلر وعصابته من قادة الرايخ الثالث إلى التراجع، بل والانتحار داخل الوكر الذي كان قد اختاره زعيم النازية لإقامته في قلب برلين.

ثم كان طبيعيا، وهذه قوانين وأعراف الصراع السياسي العالمي، أن يسفر الصراع الفكري عن تغيير في خارطة القوى والنفوذ في أوضاع عالمنا.

الدبابات ليست الحل

وبالنسبة لنتائج هذه الحرب الكونية الثانية، أسفرت النتائج عن تسلّم أميركا زمام القيادة وسّدة النفوذ في العالم.

هذا هو الجانب الذي يتعرض له بالذات الكتاب الذي نعايش صفحاته وطروحاته في هذه السطور. الكتاب ينطلق من مقولة بديهية ولكنها مهمة في رصد وتحليل أي صراعات مسلحة من وقائع التاريخ البشري، فضلاً عن أن تندلع هذه الصراعات لتشمل قوى دولية متعددة ومتباينة، سواء من حيث البنى الحربية أو التوجهات العقائدية أو المسارات الايديولوجية أو حتى المصالح الوطنية التي قد تختلف، ولكن يقدر لها ان تأتلف في لحظة معينة من مسار التاريخ.

ومن تداعيات هذه المقولة التي تشكل منطلقا لهذا الكتاب، يحرص المؤلف آرثر هيرمان على أن يؤكد لنا أن الصراع العسكري لا يحكمه هدير الدبابات أو قصف المدافع أو طلقات الرصاص وحسب.

تلك مقولات العصور الكلاسيكية التي كان المدفع يحسم فيه أمر الهزيمة أو الانتصار، وكان فيه رماة النبال أو حملة السهام أو فرسان الجياد يحسمون فيه مصائر الحروب والشعوب. الحرب في زماننا الحاضر تحسمها أمور تعلو وتتجاوز بكثير مجرد أسباب الاستعداد العسكري أو المنعة الحربية.

الحرب شيء خطير

أخطر من أن تُترك في أيدي الجنرالات على نحو ما قالها يوماً السياسي الفرنسي الشهير، جورج كليمنصو (1841-1929) لهذا يستخدمون مصطلح «المجهود الحربي». وهو عملية متشابكة لا تقتصر فقط على جوانب التسليح والذخائر والمتفجرات، وبمعنى عدم اقتصارها على العسكريين بقدر ما تستند في الاساس إلى ما يقوم به القطاع المدني بالدرجة الاولى.

يطالع النقاد فصول كتابنا ويسترجعون أحداثا وسلوكيات وقرارات من أيام الحرب العالمية الثانية، ومنها الحدث الذي تلخصه عبارات تقول بما يلي: كانت أياما لا تنسى، فقد حدث يوما أن رفع رئيس الولايات المتحدة سماعة الهاتف في البيت الابيض وكان على الخط الآخر رئيس مؤسسة «جنرال موتورز» العملاقة وساعتها طلب منه رئيس الدولة أن يستقيل من منصبه وأن يتحول الى حيث يتولى قيادة مؤسسة قومية عملاقة بدورها، ولكنها مستجدة على المشهد العام في أميركا وساعتها يستجيب رجل الادارة والاقتصاد لفوره لا يسأل سؤالاً ولا يراجع أمراً، لماذا؟ لأن المسألة كانت تتعلق بواجبه الوطني بالدرجة الأولى.

انطلاقة الحرية

تلك هي القصة التي أراد مؤلفنا أن يسردها في كتابه الذي اختار له العنوان التالي: انطلاقة الحرية، وكالعادة يأتي العنوان الفرعي ليكشف عن موضوع الكتاب حيث يقول: كيف أدت دوائر البيزنس إلى انتصار الحرب العالمية الثانية. والمعنى كما نراه من سياق هذا العنوان يمكن أن يصبح كما يلي: كيف أنتجت دوائر العمل والإنتاج والتجارة ثمرة الانتصار (للحلفاء) في الحرب العالمية الثانية.

المهم ان المؤلف يبني مقولات كتابه على اساس دعامة مزدوجة تجمع بين عنصرين جوهريين هما:

الديمقراطية العسكرية

ويصفهما المؤلف بأنهما «ترسانة الديمقراطية». هي الجهد العسكري الذي انطلق مستندا إلى الجهد المدني متمثلاً في عمليات التصنيع والإنتاج وإدارة عجلة الاقتصاد وإشعار المقاتلين عبر ميادين القتال بأن ثمة جديلة صلبة ودينامية مضفورة من جهود آلاف، ملايين المدنيين، رجالاً ونساء، تتكامل جهودهم وكدحهم في المصانع والإدارات والمزارع والشواطئ وعنابر الإنتاج مع جهود الجنود والضباط في ساحات الاشتباك المسلح عبر خارطة العالم كله.

من عناصر هذه الضفيرة المدنية يحكي كتابنا عن شخصية أخرى من عمالقة صناعة بناء السفن في الولايات المتحدة خلال تلك الايام الحاسمة من ثلاثينات وأربعينات القرن العشرين اسمه: هنري كايزر.

من رواد تلك الصناعة في ولاية كاليفورنيا، اشتهر بين أقرانه بعقليته الابتكارية وكفاءته المبهرة في إدارة المشروعات الصناعية، رن هاتفه بدوره ذات صباح، ورفع السماعة ليصغي إلى كلمات فرانكلين روزفلت رئيس الولايات المتحدة : أريدك في واشنطن.. وبسرعة

هي المكالمة نفسها التي أشرنا اليها حين تلقاها مسؤول آخر من أركان صناعة السيارات أيامها هو ويليام نودسون او «بيل» الذي طلب منه روزفلت أن يتخلى عن مشاريعه وخططه في السيطرة علي سوق إنتاج وبيع السيارات في أميركا، وربما في العالم.

وأن يلتحق لفوره في صفوف الجيش الأميركي ليحمل رتبة الجنرال ويترأس فريقا من أكبر وأكفأ خبراء الصناعة والإدارة في البلاد، ممن أوكلت اليهم مهمة تزويد المجهود العسكري بكل ما يسعهم من ابتكارات وإبداعات تدفع هذا المجهود إلى الامام وتزود قاطرته بمزيد من وقود الاستكشاف والاختراع وسبل الاجتهاد الانساني بشكل عام.

مواطن من كاليفورنيا

من جانبه كان روزفلت في غاية الإعجاب برجل الصناعة «كايزر» القادم، كما ألمحنا، من كاليفورنيا والذي عمد إلى تحويل عدد من اكبر المصانع في أميركا إلى مواقع لإنتاج السفن الحربية والطائرات العسكرية، بل إلى مواقع نابضة بالحياة لإنتاج الاحتياجات المدنية للجنود الناشطين في ميادين القتال وساحات العمليات. كانوا جيشا آخر مقاتلاً بحق، مناضلاً بحق، ولكن في جنبات القطاع المدني داخل الولايات المتحدة.

يصفهم مؤلف كتابنا قائلًا: بفضل هذه الجهود التي حولوا بها مصانعهم المدنية الى خدمة المجهود الحربي استطاع هؤلاء الصناعيون ومن كان معهم من أكفأ الاداريين والمخططين أن يزودوا مواطنيهم الأميركيين المقاتلين في ساحات أوروبا وآسيا (وشمال افريقيا) بالأدوات التي كانوا يحتاجونها من أجل هزيمة المحور.

وفي غضون أربع سنوات فقط (يقصد سنوات مشاركة أميركا في الحرب العالمية الثانية بين عامي (1941 و1945) استطاعوا أن يحولوا الجيش الأميركي من كيان فارغ إلى حيث اصبح قوة عالمية، وبهذا أرسوا الأسس التي قامت عليها من بعد، وهي «أميركا الصناعية» في صورتها الجديدة المحدثة، مما أسهم بالتالي في بزوغ مكانتها بوصفها قوة عظمى مستجدة على خارطة العالم صعد نجمها بفضل ما أنجزته اقتصاديا وصناعيا وعسكريا على حد سواء.

في إيجاز بليغ يقول نقاد الكتاب: لقد أصدر المؤلف هذا الكتاب في محاولة بارعة لمعايشة ما كان يدور خلف الكواليس في تلك الفترة المفصلية من تاريخ أميركا وتاريخ عالمنا، وتم ذلك في اطار جهد محمود للإشادة بالعديد من شخصيات الأبطال المجهولين من رجال ونساء بذلوا قصارى جهدهم لدعم المجهود الصناعي خصوصا خلال سنوات الحرب.

وخاصة أن الكتاب يعرض بالتفصيل اللحظة الفارقة بحق، حين اختارت النخبة من قادة الصناعة في أميركا أن تنحّي جانبا سعيها نحو الربح المادي، وتختار بدلاً من ذلك أن توظف قدراتها وإمكاناتها في خدمة الانتصار في الحرب على العنصرية النازية والفاشية الايطالية والنعرة الامبراطورية في اليابان.

عن الكتاب والإنصاف التاريخي

يضيف النقاد في السياق نفسه موضحين كيف التزم مؤلف الكتاب ما يصفونه بأنه «جادة الحق» أو فلنقل «سبيل الإنصاف». ونحن نتصور من جانبنا أن تلك من مهام الكاتب والباحث والمؤرخ المدقق: أن يفتش بنهج الموضوعية في ثنايا تاريخ بلاده وزوايا ثقافته القومية، كي ينصف من تعرضوا لقدر من غبن الإهمال أو آفة النسيان، دع عنك جانبا فرية التشويه خلال مسيرة التاريخ.

من هنا أفادت المؤلف مهنته العلمية الاصلية بوصفه مؤرخا مقيما في أحد المجامع الفكرية الشهيرة بالولايات المتحدة، وفي هذا الخصوص يذهب المؤلف إلى القول إن دوائر الصناعة ودنيا التجارة والمشاريع والاعمال عالم «البيزنس» كما يسميه في كتابنا- قد كسبت «الحرب» ولكنها لم تكسب جائزة العرفان والتقدير والذكْر الحسن كما قد نقول.

وغير خافٍ أن ثمة شعوراً من التوجس أو التشكك، إن لم يكن التباغض، أحيانا يساور الكثيرين في أي مجتمع إزاء دوائر «البيزنس»، حيث شاع تصوير أهل هذه الدوائر في إهاب الهوامير الاقتصادية- الصناعية او المالية او ما في حكمها الذين لا يتورعون عن سحق منافسيهم وعن احتكار قدرات مجتمعاتهم، بل واستغلال إمكاناتها ، وهدفهم في هذا كله هو الربح، اكبر قدر من الربح والنجاح والغلبة ولا شيء غير الربح والفوز والانتصار.

هنالك تصدق المقولة الشائعة بأن رأس المال لا وطن له، ولا ولاء له إلا للمال والكسب بغير حدود.

ولكن تأتي هذه النوعية من الكتب الصادرة ضمن تصنيف علم التاريخ، فإذا بها تجهد، كما فعل مؤلفنا، في تدقيق وتكديس آلاف التفاصيل وكشف الأسرار الدقيقة كي ترسم الصورة المغايرة لدائرة البيزنس نفسها، وهي صورة « الأنا العليا» كما قد نسميها حيث يتسامى رجال الاعمال، بارونات صناعة السيارات أو السفن أو الطائرات أو الثلاجات وما إليها.

إلى حيث يصغون إلى نداء الوطن ومتطلبات الواجب، وهو ما اجاد المؤلف تجسيده من خلال النموذجين اللذين اختارهما لتسود حكايتهما فصول هذا الكتاب وهما نموذج «نودسون» المهاجر الدنماركي الذي أصبح من عمالقة صناعة السيارات في أميركا، و «كايزر» ابن ولاية كاليفورنيا الذي بلغ من الكفاءة والتضحية الحد الذي فكر الرئيس الاسبق روزفلت عام 1944 في ان يختاره نائبا لرئيس الجمهورية.

ويحسب للرجلين أن بدأ كل منهما من مستوى الصفر، حيث بدأ نودسون كما يوضح المؤلف- عاملاً شاباً من عنبر تصنيع وتجميع السيارات في مؤسسة هنري فورد العملاقة إلى حيث استطاع في جهد عصامي خارق أن يبني مؤسسة جنرال موتورز العملاقة بدورها.

اما كايزر فقد بدأ سياسيا من قاعدة الحزب الديمقراطي، وأكد شخصيته وكفاءته حين شارك في تشييد الصروح المعمارية العملاقة التي دعا اليها الرئيس روزفلت لإخراج أميركا خلال الثلاثينات- من أزمة «الكساد الكبير»، ومن هنا ارتبط اسم بيل كايزر ببناء واحد من هذه الصروح وهو «سد هوفر». وهكذا دارت عجلة التحول من عالم البيزنس من اجل الربح الى عالم البيزنس من أجل النصر.

وهنا يطرح المؤلف إحصاءات مدققة تقول إن هذا الجهد المدني الذي ظل يرفد آلة الحرب بكل احتياجاتها بدأ في عام 1941 بنحو 4 آلاف عامل لصناعة بناء السفن، وما ان حانت نهاية عام 1942 حتى اصبح هذا الجهد يضم 80 ألف عامل بالتمام والكمال، ومن ثم أمكن بناء نحو 2700 من السفن الحربية العملاقة التي كان لها الفضل في أن مالت إلى حيث النصر كفّة الحلفاء.

باختصار شديد يقول مؤلف كتابنا: وقتها كان إيقاع التغيير مذهلاً في طول أميركا وعرضها: ففي نهاية 1942 زاد حجم العاملين في هذا الجهد المدني من 80 ألفاً من الرجال والنساء ليصبح في مدى قصير 3 ملايين إنسان أنتجوا ثلثي ما كان الحلفاء يحتاجونه لتحقيق الانتصار.



المؤلف في سطور



يمثل هذا الكتاب نوعا فريدا من جنس الكتابات التاريخية، فهو لا ينتمي إلى الأعمال التي تنتمي إلى أسلوب السرد أو حتى الاستقصاء التاريخي عرضا للأحداث أو تحليلاً لدلالاتها.

ولكنه يعمد من خلال الجهد المتميز الذي بذله مؤلفه البروفيسور آرثر هيرمان في النفاذ إلى كواليس الأحداث التي بدأت خيوطها في بيت الرئاسة الأميركي عندما بدأت اتصالات الرئيس الأسبق فرانكلين روزفلت بعدد من كبار رجال الصناعة والأعمال في الولايات المتحدة كي يتحولوا بجهودهم ومصانعهم من مجال تجميع الثروة وتأكيد الهيمنة والنفوذ في عالم «البيزنس» إلى حيث يسهمون في دعم المجهود الحربي ومؤازرة مواطنيهم من المقاتلين في غمار الحرب العالمية الثانية عبر ساحات في أوروبا وآسيا وشمال افريقيا ومن هنا.

ومن أواخر عام 1941 بالذات، دارت على نحو ما يوضح بتفاصيل غزيرة وحميمة في كثير من جوانبها- ما يمكن وصفه بأنه ملحمة نضالات المدنيين، ملايين المدنيين من رجال ونساء أميركا الذين واصلوا العمل الجاد في صناعات وبناء احدث السفن والطائرات وسائر احتياجات العتاد والمتطلبات اللوجستية للجنود والضباط المقاتلين.

وهو ما شكل بادرة لايزال يحمدها المهتمون بهذا الجانب من جوانب مساهمة المدنيين في تحقيق الانتصار العسكري، وهو ما يؤكد أيضا من خلال طروحات هذا الكتاب مقولة السياسي الفرنسي الشهير كليمنصو بأن الحرب أمر خطير، وأخطر من أن تترك للجنرالات بمفردهم.



عدد الصفحات: 432 صفحة

تأليف: آرثر هيرمان

عرض ومناقشة: محمد الخولي

الناشر: راندوم هاوس- نيويورك-


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة