الأربعاء 2024-12-11 06:34 م
 

دولة الرئيس: حبذا لو تعلم وزراءك

10:50 ص

يهمس الوزير في أذن أحدهم: 'لماذا تلجأون للإعلام؟'؛ في رسالة تحمل في طياتها تهديدا بأن الشكوى للإعلام لن تنفع، وتعبر بشكل مباشر عن عدم تقدير الإعلام كسلطة رابعة تُعنى بالرقابة على السلطات الأخرى.اضافة اعلان

ليست هي المرة الأولى، ولن تكون الأخيرة التي تصلنا فيها مثل هذه الرسائل. لكنها تكشف استمرار فهم مغلوط لدور الإعلام على صعيد القضايا العامة التي تمسّ حياة الناس وتؤثر فيها؛ إذ ما يزال المسؤول يعتقد أن بإمكانه اتخاذ أي قرار، بعيداً عن النقد والمساءلة.
الإعلام أيضا يدرك أن ليس كل ما يكتبه أو يتحدث عنه سيلقى اهتماما واستجابة رسميين، ينحازان للحق والمنطق. بل وتقتصر ردة الفعل الحكومية في كثير من الأحيان على 'تطريز' رد يتضمن نفي كل ما نشر، مع علم المسؤولين العميق بصحة كل حرف.
ليس جديداً، وإن كان قاسيا، الاعتراف بأن الإعلام يدرك أن تأثيره محدود؛ باستثناء القضايا الإنسانية التي يبادر المسؤولون إلى التعاطف معها، في إطار العلاقات العامة. لكن يبقى الدور الأساس متمثلاً في إحداث تغيير جوهري، يعيد متخذ القرار إلى الطريق الصحيحة.
كثير من الزملاء، أنا أحدهم، نؤمن أن تناول ومعالجة أي قضية، لا يعني بالضرورة تغيير الواقع والعودة عن الخطأ. لكنه الشعور بالمسؤولية الأخلاقية الذي يدفعنا إلى المضي قدماً في مهنتنا، دفاعا عن الناس وحقوقهم، وخدمة لقضايا وطنية نظن أن المسؤول يخطئ بشأنها؛ وما أكثر أخطاء الحكومات التي نعرفها مع مراجعة سنوات قليلة ماضية، أوصلتنا إلى كثير مما نحن فيه الآن!
الحكومة الحالية، وتحديدا رئيسها د. عبدالله النسور، لا يمارس الضغوط على الإعلام. ونعلم أنه يهتم بكل ما يكتب وينشر في وسائل الإعلام المختلفة؛ فهو قارئ ومتابع. كما أن تجربة العمل الإعلامي في عهد حكومته مختلفة عن تلك التي عرفتها عهود رؤساء حكومات آخرين؛ طالما ضغطوا على الصحف لتمرير أجنداتهم والحد من حريات بعضها. وهذه شهادة حق، فالنقد الذي يمارس لم يدفع الرئيس النسور يوما إلى التدخل في الإعلام المستقل.
لكن الواضح أن قناعات الرئيس لم تؤثّر في فريقه، الذي لا يدرك كثير من أعضائه، حتى اللحظة، أهمية الإعلام في عملهم؛ لناحية الفشل أو النجاح. إذ لا يؤمن بعض وزراء د. النسور، فلا أعمم، بضرورة وجود قنوات مفتوحة مع الإعلام، توفيرا للمعلومات، ولتقديم الإجابات الشافية والمقنعة بشأن بعض الملفات، على اختلاف أنواعها.
للأسف، ما يحسنه بعض الوزراء في العلاقة مع الإعلام هو سياسة الرد. وهذه مسألة مقبولة خضوعا للقانون. لكن المستهجن هو الاكتفاء بهذه السياسة كأسلوب في التعامل مع الإعلام، لتكون القاعدة لدى هؤلاء هي غلق الأبواب وحجب المعلومة، متناسين أن دورهم هو خدمة عامة، تتضمن حكماً التواصل مع الإعلام والمجتمع.
وعلى سبيل المثال، فإن وزيرا تشغل مشاكل وزارته الأردن بكل أطيافه، وتدفع الخزينة كما المواطن كلفها، هذا الوزير لم يعقد مؤتمرا صحفيا واحدا للحديث عن مشاريع وزارته، مع أن معظمها، للأسف، بطيء ومتأخر. كما رفض إجراء مقابلة صحفية طُلبت منه أكثر من مرة، للاستفسار عن أسباب القصور في تلك المشاريع. ومع ذلك، لا نرى أو نسمع منه في النهاية إلا عبارة 'عملا بحق الرد'، فيما الحق في الحصول على المعلومة ليس في حساباته!
دولة الرئيس، حبذا لو تعلّم بعض وزرائك كيفية التعامل مع الإعلام، وتشرح لهم حق الصحفي في الحصول على المعلومة.


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة