السبت 2024-12-14 09:01 م
 

"دير الزور" بعد "مضايا" .. أو لا حدود للأضاليل !

08:51 ص

كتب : محمد خروب اضافة اعلان


يستعد المُتاجِرون بدم الشعب السوري واستثمار معاناته الانسانية التي فاقت كل حدود التحمل، لِطرح موضوع «المجاعة» التي تعانيها بعض احياء مدينة دير الزور، بعد ان ظنوا ان حملتهم المُبرمَجة التي تفوح منها رائحة النفاق والمبالغة حدود التزوير، في مسألة بلدة مضايا، انها نجحت، ما منحهم (او ظنوا ذلك) الفرصة للظهور بمظهر انساني ينتصِر لحقوق الانسان ويُكرس جهوده لخدمة البشرية، فيما هم انفسهم الذين اشعلوا الحريق في سوريا وصبّوا عليها المزيد من الزيوت والوقود, كي تتحول الى كتلة لهب لا تنطفئ، وقودها في سوريا فقط هم... الناس والحجارة.


الحملة المُبرمجة والمُضلِلّة – كما يجب التنويه - التي سلطت الاضواء على مجاعة «مضايا»، يبدو اصحابها وكأن مسّاً أصابهم، بعد ان انكشفت لعبتهم وبانت حقيقة تُرَهاتهم وتهافتهم، اذ ان مضايا التي ستدخلها «اليوم الاثنين» قافلة مساعدات، لن تكون وحدها التي تتلقى مساعدات اغاثية وانسانية وطبية، بل يتزامن ذلك مع قوافل مساعدات تأخذ صفة الاستعجال لبلدتي فوعة وكفريا في ريف ادلب الشمالي، بعد ان حوصرتا من قبل ارهابيي جيش الفتح (بما هو خليط من مجموعات وفصائل إرهابية) مباشرة بعد اجتياح هذا الجيش الارهابي مدينة ادلب في ربيع العام الماضي، بمساعدة مُباشِرة وميدانية ولوجستية من الجيش التركي ومدفعيته الثقيلة وامداداته التي لا تتوقف للارهابيين، عبر الحدود التي تربط محافظة ادلب بإقليم اسكندرون السوري المُحتل، الذي يحمل اسم هاتاي بالتركية وعاصمته انطاكيا.


بلدة مضايا على قسوة ما تعيشه من ظروف صعبة، ليست وحدها إذاً التي تُواجه مجاعة وحصاراً نظرا لِإصرار الارهابيين فيها والذين هربوا من مدينة الزبداني بعد تنظيفها من رِجسهم (يصل عددهم الى 600 ارهابي)، كي يتخذوا من اهلها (مضايا)، دروعا بشرية، بل ثمة بلدات اخرى تعيش اوضاعا لا تقل مأساوية عما حدث لاهالي مضايا المُرتهَنين لقرار الارهابيين، بل كان قبلهم اهالي مخيم اليرموك الذين فاقت معاناتهم أضعاف ما عاناه اهالي مضايا ولم تجد من المُتاجِرين «الجدد» بمعاناة أهل مضايا الاهتمام او مجرد الاشارة، لأن حلفاءهم من الارهابيين، هم الذين حالوا دون اهالي مخيم اليرموك (من الفلسطينيين والسوريين على حد سواء) والخروج من المخيم او انسحابهم هم (الارهابيون) من المخيم، كي يَبقى منطقة «محايدة» وخارج اطار الصراع مع الحكومة السورية الشرعية.


قبل ان تقع مضايا واهاليها ضحية للارهابيين الذين يرفضون خروجهم ويسرقون ما لديهم من اغذية قليلة ويستولون على المساعدات التي تصلهم، كانت هناك بلدتا كفر نُبُّل والزهراء (في ريف حلب الشمالي) تخضعان لحصار زاد على سنتين ونيف، وجاءت بعدهما منذ عام تقريبا بلدتا كفريا والفوعة، وقد كشف الجزء «الثاني» من اتفاق الزبداني الذي نص على مغادرة الجرحى من الزبداني مقابل جرحى البلدتين، حجم المأساة التي عاشها اهاليهما الذين اضطروا للمغادرة الى تركيا ثم عبر مطار بيروت الى سوريا، فيما جرحى الزبداني وبعض مُسلّحِيها، سلكوا طريق المصنع مطار بيروت وصولا الى تركيا بالطائرة.


آن الأوان لأن يُدرك المُتاجرون بمعاناة اهالي مضايا وجوعهم ، ضحايا الارهابيين وابتزازهم، ان لكل رواية، رواية مضادة، وان محاولتهم تغييب الرواية الاخرى والطمس عليها عبر التزوير والتضليل والاستخدام المكثف لل»فوتوشوب»، محكومة بالانكشاف والفشل، ليس فقط في انهم عجزوا عن اظهار «مضايا» وكأنها الضحية الوحيدة (واهاليهما بالطبع)، بل وايضا لان في ظروف الحرب التي تُشن في سوريا وعليها، يصعب تبرئة المُسبّبين في ادامة هذه المأساة التي تعصِف بدولة مركزية كسوريا، وتأخذ شعبها الى المجازر والمنافي وويلات الحروب بما فيها من مجاعة ومعاناة وآلام ودماء ودمار.


وكي لا تتكرر مأساة اهالي مضايا وكفريا والفوعة وكفر نُبُّل والزهراء، بل ما يعانيه السوريون في غالبيتهم العظمى، يجب ان يتوقف النافخون في كير الفتنة السورية عن ارتكاباتهم ومقارفاتهم التي ترقى وفق القانون الدولي وقوانين الحرب وشرعة حقوق الانسان الى جريمة ضد الانسانية، ولن تنفع دموع التماسيح التي يذرفونها فيصرف النظر عن ادانتهم ووسمهم بمجرمي الحرب، لان السنوات الخمس الدموية والمأساوية التي انقضت على الحرب الاجرامية التي تشنها اطراف عديدة على سوريا وشعبها، قد اثبتت ان حلا عسكريا للازمة بات مستحيلا وان تحولات الميدان السوري، هي التي تدفع رهط الداعمين للارهاب والمُتاجِرين بمعاناة مضايا (ودير الزور بعدها – والحبل على جرار اكاذيبهم) لفبركة المزيد من الاكاذيب واساليب التضليل عبر وسائل الاعلام المختلفة وهاشتاغات مواقع التواصل الاجتماعي وغيرها من الارتكابات المُشينة، التي يعلمون انها لن تخدع الباحثين عن الحقيقة والساعين بجدية ومسؤولية اخلاقية وانسانية، لفضح المُنخرِطين في الحرب على سوريا والرافضين لاي حلول سياسية لازمة . لن ينجو احد في المنطقة دولها والشعوب من آثارها السلبية التي باتت مكتوبة (بالدماء والاشلاء) على جدار المشهد الاقليمي النازف.


ستسقط همروجة «مجاعة» بعض احياء دير الزور، تماما كما انكشفت اكاذيب واضاليل وفبركات مجاعة اهالي مضايا، المُبالغ فيها والمُتسبب بها اصلا الارهابيون الذين يتخذون منهم دروعاً بشرية، ولينظر العقلاء ويشاهدوا القوافل الاغاثية «الدولية» التي تدخل في تزامن بلدة مضايا وبلدتي كفريا والفوعة، ليتساءل المرء في حياد: لماذا كل هذا التركيز على مضايا والطمس المقصود واللئيم على معاناة ومجاعة كفريا والفوعة اللتين تعرّضتا، وبمدة اطول بكثير، مما تعرضت له مضايا؟؟.


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة