صحيح أن أوضاع الأردن المالية، كما تُظهر المؤشرات ذات العلاقة، لم تسؤ لدرجة تمنع اقتراضه من الأسواق العالمية، حتى من دون الكفالة الأميركية. وفي هذا دليل على الثقة القائمة بالأردن، ولاسيما باقتصاده القادر على الاقتراض.
وواضح أيضا أن الحكومة خفّضت اقتراضها الداخلي، استجابة لمطالب القطاع الخاص. لكنها، في المقابل، تحاول طرح سندات في الأسواق الدولية بقيمة 500 مليون دولار من دون الكفالة الأميركية، بخلاف المرات الثلاث السابقة. والغاية هي سداد قرض قديم حصلت عليه حكومة سابقة بقيمة 750 مليون دولار، بموجب سندات تم إصدارها في العام 2010؛ ما يعني أمرا في غاية السوء، هو أن الخزينة باتت تقترض لسداد ديون سابقة.
حتى اللحظة، لا نعلم عن وجود خطة وسياسة واضحتين لإدارة ملف الدين الذي يتعقد بمرور الوقت. فمثلا، لم تنشئ الحكومات المتعاقبة صندوقا لهذه الغاية، ترصد فيه مبالغ مالية سنويا ويتم توجيهها لسداد الدين، وذلك بدلا من اللجوء لاقتراض جديد ضخم يزيد من حجم الدين العام.
بصراحة، خطوة الحصول على قرض جديد قبل أشهر من استحقاق 'القديم'، تشي بأنه لا وجود لخطة ولا ما يحزنون! فلو وجدت هكذا خطة، لما لجأت الحكومة لاقتراض ثلثي القرض القديم قبل فترة وجيزة من استحقاقه.
القصة كلها تحكي لنا كم تستخف الحكومات بفكرة الحصول على قروض؛ ولم لا طالما أنها لن تكون في 'الدوار الرابع' عند حلول موعد الاستحقاق! وأكثر من ذلك أنها ستكون جالسة على مقاعد الجمهور، ولنراها مثلا تنتقد بشدة سياسة الاقتراض، وتحذر من فوضاه، متناسية أنها لعبت دورا في هذا الملف! فالسندات الدولية التي تصدرها حكومة د. عبدالله النسور الآن، تأتي لسداد دين سندات أُصدرت في عهد حكومة رئيس الوزراء الأسبق سمير الرفاعي، قبل نصف عقد.
لكن ما يجري لا يعفي حكومة د. النسور من المسؤولية عن غياب استراتيجية واضحة لإدارة الدين، كونها تمضي في ارتكاب الأخطاء ذاتها؛ فتبالغ بالاقتراض، تحديدا الخارجي منه، بعد أن خفّضت الاقتراض الداخلي بنسبة تصل النصف، حتى لا تنافس القطاع الخاص على السيولة المتوفرة لدى البنوك العاملة في السوق المحلية. فصوابية الخطوة داخلياً، لا تلغي عيب الإفراط في الاقتراض الخارجي.
إذ إن الأخير له تبعات سلبية على البلد. فإذا كانت الخزينة عاجزة عن توفير سيولة بحجم دين قديم، فما عسى تكون خطتها لسداد 30 مليار دولار يقترب منها الدين العام مع نهاية السنة الحالية؟! أما إذا كانت الحكومة الحالية تمتلك رؤية بهذا الشأن، فيكون من حقنا عليها أن نعرف بم تفكر وكيف تخطط. فهل لديها، مثلا، مخطط لإلغاء قرار سابق اتخذ في عهد حكومة الرفاعي بإيقاف العمل بالمادتين 22 و23 من قانون الدين العام، لاسيما أن المادة 23 نصّت على أنه يجب عدم تجاوز نسبة الدين العام القائم للناتج المحلي الإجمالي حاجز 60 %؟ وما هي الخطة للعودة إلى هذا الحد من حجم الدين؟ هل تكفي أرقام النمو المتوقعة لتحقيق زيادة تقلل من حجم المديونية نسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي؟
الدين تتحمل كلفه الأجيال الشابة وتلك المقبلة التي سيصحو وعيها على بلد غارق في الدين حتى أذنيه. وهذه المسؤولية تحتاج مراجعة كل الأسباب التي تسهم في زيادة الدين، ومنها حجم الإيرادات المحلية وبنود الإنفاق؛ بحيث تزيد الأولى من قنوات لا تفرض أعباء جديدة على الطبقة الوسطى، لكنها تحقق العدالة وتحصّل حقوق الدولة، فيما تتم أيضا معالجة الاختلالات الكبيرة في بنود الإنفاق لضبطها، وبما يوفر أموالا تخصص لمعالجة الدين.
أما بقاء الإنفاق وفق الوتيرة القائمة، فهو يبرر الخشية من أن يأتي يوم لا تتوفر فيه أموال كافية للإنفاق العام، بما في ذلك سداد الدين، القديم منه والجديد.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو