الجمعة 2024-12-13 08:05 م
 

ذاكرة الأردنيين المثقوبة!

07:10 ص

يتسع الحديث والجدل حول إزالة الدوار السابع، لمدى محدود ومتوقع!.
حاليا، يتبادل الناس النكات، والانتقادات، والتحريض ضد الفكرة، ونقرأ كتابات النعي للدوار وكأنه أقيم مع تأسيس المملكة، لكن ما تلبث أن تنتهي القصة، التي يحسب المتتبع أنها لن تفقد بريقها لكثرة انتشارها.اضافة اعلان

المؤكد أن قصة الدوار ستنتهي، ومصيرها لن يختلف عن ما آلت اليه إشارات شارع مكة، التي تعرضت هي الأخرى لانتقادات شديدة، واعتراضات لم تتوقف حتى اعتادها الناس، وصارت جزءا من حياتهم اليومية، وسرعان ما انتهت الزوبعة الجماهيرية، ونفّذ صانع القرار قراره دون أن يرمش له جفن!.
قبلها صعدت قصة ابن الوزير الذي أغاظ الأردنيين واستفزهم، وتناقلها الناشطون والمتابعون عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بشكل غير مسبوق، لتتبخر بعد ذلك وكأن شيئا لم يكن.
أما الحيز الذي حصده قرار منع الأرجيلة، فربما زاد عن كل القضايا السابقة؛ حيث انشغل الأردنيون بها، وأشبعوها بحثا، كأن قرار حظرها كان آخر الدنيا.
الملاحظ ان تحولا أصاب اهتمامات العامة، لتتركز حول القضايا الخدمية والاجتماعية، فلم تعد القضايا السياسية الحساسة ذات بال، ولا تتلقى الاهتمام الذي تستحقه، فمثلا التعليقات التي لم تتوقف على سؤال منع الأرجيلة على موقع 'الغد' الالكتروني، قابلها أربعة تعليقات فقط على قضية مفصلية في مستقبل البلد والإقليم، والمتعلقة باستفسار فحواه هل تعتقد أن وزير الخارجية الأميركي جون كيري سيستسلم وينعى مفاوضات السلام؟.
حتى الموضوع السوري لم يعد يلقى ذات الاهتمام من قبل العامة، وكذلك الصراع في العراق، وحجم الاهتمام بالموضوع المصري والارتباك الكبير الذي تمر به مصر لا يختلف كثيرا عن ما سبق.
محليا، لم تعد القضايا الاستراتيجية هي المهمة، فالحديث والاهتمام بالإصلاح أيا كان نوعه، تراجع كثيرا وتضاءل لمستويات واضحة، وصار ما يعني الناس بالدرجة الأولى القضايا الحياتية التي تمسهم مباشرة، فيما تغيب عن أجندتهم وأذهانهم الملفات المصيرية الأخرى، خصوصا السياسية منها.
التبدل، ليس العارض الوحيد الذي يدلل على التغيير الذي أصاب قائمة الأولويات والوعي العام وأسلوب التفكير، فحتى القضايا الخدمية وغيرها ما تكاد تظهر حتى تتبخر، وتسقط من الحساب، وقصة الشهيد رائد زعيتر التي أقامت الدنيا ولم تقعدها، بدأ صداها يخبو ويرتد مداها.
المشهد يبدو مريحا للحكومات؛ إذ تبدو ذاكرة الأردنيين مثقوبة، وتنتقل برشاقة من قضية إلى أخرى، وفقا للقراءة السطحية للحالة، ما يعطي شعورا بالراحة ربما، لكن الخطر الحقيقي الذي يحتاج إلى دراسات معمقة يتعلق بالتأثير التراكمي لتكرار الحالات على العقل الجمعي، الذي يراكم الشعور بعدم الرضا والاحتقان، وسط شعور عام بعدم اكتراث الحكومات، لرغباتهم وتطلعاتهم.
أسباب التحول عميقة، وربما يكون أحد أركانها مرتبطا بما شهدته دول الربيع من انتكاسات، بدءا من مصر وليبيا، وانتهاء بحمام الدم السوري الذي لا يبدو انه سيتوقف قريبا، تزامن هذا الإدراك مع احباطات محلية من إفرازات قانون الانتخاب وماهية تركيبة مجلس النواب، مضافا إلى ما سبق قسوة الإصلاح الاقتصادي المطبق وما رافقه من قرارات صعبة، عقّدت حياة الناس، وبالكاد تمكنهم من إبداء الاهتمام بالقضايا الكبرى والمفصلية.
يقول صديق 'أكبر قصة في الأردن مدتها بمقدار أيام تقبل العزاء' (أي 3 أيام) تنتهي بعد ذلك لتصعد قصة أخرى، أي ردة فعل (او فشة خلق)، والنهاية واحدة تتمثل بدفن الموضوع.
لكن السؤال الحساس إلى متى سيستمر هذا الحال؟ وما مدة صلاحية هذه الوصفة؟


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة