ذكريات عابرة (حكاية وزير مسكين)

باسل حمدان يوسف العبادي - يعيش الانسان في هذه الدنيا كلحظات صغيرة تختزل فيها الذاكرة الى ما يستطاع ان يتذكره من الذكريات العابرة، اما الجميلة منها او الحزينة نعم لا زلت اذكر ذلك اليوم الذي كنت اساعد ابي في شبح اخواني الثلاث عندما كانوا يرتكبوا خطأ او اشتكي منهم كوني كنت اخر العنقود في ذلك الوقت ، فيأمر بهم ابي للأمثال امامه وعند تنفيذ العقوبة بحق احد. اضافة اعلان


المتهمين يقوم ووجهه متجها نحو الحائط وارفعا رجله ويديه ويأتي وقت المتعة هنا يأتي دوري انا من الخلف ومعي قشاط 'وبشمطو على قد ما الله اعطاني من القوة ' وهنا يراودني شعور النشوة بالقوة والسلطة التي منحني اياها ابي وفعليا كنت استمتع جدا.

وتمر السنين وإذا الحال بي يختلف اخر العنقود لم يصبح اخر للعنقود فجاء بعنقود اخر، وهنا تبدأ رحلة التغيير وتمر السنين ويكبر اخر العنقود الجديد ، وهنا تبدأ رحلة جديدة من رحلات سحب البساط والسلطات والمسؤوليات من اخر العنقود القديم ليتولى اخر العنقود الجديد سلطاته الدستوريه.

لا اخفي عليكم باني شعرت باستياء شديد وامتعاض ايضا فلا اخفي عليكم لا استطيع ان اقوم بثورة شعبيه على سلطات ابي الدستوريه لأنه الملك هنا والأمر الناهي كم تمنيت ان تكون بيدي عصا سحرية لأستبراق عقل ابي واجعله يمدد لي بسلطاتي ومسؤولياتي انذاك , او اكون احد المقربين له بحيث لا يسلب مني ما كنت اتمتع به ، لا بل اصبحت من عامة الشعب والكأس الذي كنت اذيق اخواني منه اصبحت اذوقه بامتياز فكثر عقابي وكثر 'شمطي بالقشاط' هذا الحال والتجريد من السلطات والشعور معه

، يوازي ما يمر به الوزراء المخلوعين ، فلمتابع للساحة السياسيه اليوم على مستوى الرسمي في الاردن فجميعنا نترقب بان هناك تعديل على الحكومة سوف يقوم بها رئيس الوزراء فشعور الوزير الذي سوف يتم خلعه واستبداله بوزير جديد هو شعوري عندما كنت اخر العنقود .

فيسحب منه سلطاته ويسحب منه امتيازاته ولكنه يتقاعد براتب جيد ومحترم وابن ناس فلتكلفة تلك الرواتب على الدولة الفقيرة المعدومة المفلسة اصلاً وعلى لسان احد المختصين أن فاتورة رؤساء الوزارات والوزراء والأعيان والنواب تبلغ 14,1 مليون دينار سنويا،بحسب وزير المالية حيث أن مجموع رؤساء الوزراء والوزراء الذين يتقاضون رواتب تقاعدية يبلغ 346 وزيرا وأن تكلفتهم السنوية تبلغ 8,5 مليون دينار سنويا. بالمقابل فإن أعداد المتقاعدين والمنتفعين، بلغ 199,5 ألف متقاعد، بتكلفة سنوية تبلغ 70,8 مليون دينار. وهو أن عدد الوزراء الذين يتقاضون رواتب تقاعدية هو 346 فقط، وأن تكلفة رواتبهم التقاعدية محدودة مقارنة، مع مجمل الفاتورة التقاعدية التي تبلغ أقل من عشرة أضعاف ولم يذكر على أي نحو وبأي صورة كانت أعداد المنتفعين من ورثة أصحاب الرواتب التقاعدية ضمن هذه الفئة، كما فصل في أعداد المنتفعين من الورثة في عموم الفــــــــاتورة التقاعدية لسائر الموظفين، الذين يبلغ عددهم 86 ألف مستفيد. للاســـــتزادة نضيف المعلومة التالية: إن مجمـــــوع رؤســاء الوزراء والوزراء فــــي الحكومات الأردنية المتعاقبة ، مــــنذ الحكومة الأولى بلغ 647 وزيرا ورئيس وزراء،
بمعنى أن عدد الوزراء الذين انتقلوا إلى رحمة الله تعالي بلغ 301 وزير

وتكلفة الفاتورة السنوية.: قرابة 800 من أصحاب الدولة والمعالي رؤساء وزراء ووزراء ونواب وأعيان، يتـــقاضون في أسوأ الأحوال 25 % من مجموع مــــــــا يتقاضاه 199,5 ألف متقاعد. والسؤال القوي والذي يطرح نفسه بامتياز هل جاء احد العباقرة السابقين من الوزراء بخطة عشرينية او حتى ثلاثنية لكي يتم تطبيقها لخروج الاردن من اي ازمة تعيشه هل تكلفتهم توازي الخدمات التي قدمها سؤال راودني بشدة ولم اجد له جواب .

وتستمر معه عناقيد كثر على وطني ولا زال وطني يذبح بسكين الولاء ولانتماء والتسحيج والمحاصصة وسرق الشعب المنعى فيه في جميع الجرائد والمواقع الالكترونية سئمنا دعوات الاصلاح التي سمعها الاطرش وشاهدها الاعمى لكن النظام الرسمي لم يعيرنا انتباه اصلا بهذه القضايا .

فالناظر جيدا في حياة الشعب الاردني من كثر اعبائه الاقتصاديه لم يعد احد يطيق اخيه فكرة المشاكل والقتل فأصبحنا نسمع فلان قتل فلان لأسباب تافة جدا والمشاجرات الجامعية التي اود ان انبها له من احد اسبابها الاهل ايضا فالعنف منذ الصغر يولد لدينا نزعة 'خذ حقك بأيدك ولا تسكت عليه' ، عدى عن مسالة العشائرية القاتلة في جامعاتنا والعنصرية المفرطة والتي تناسينا قول الله تعال في محكم كتابه (يا أيها الناس إنّا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير ) الحجرات/13.

فلم اجد مسوغ حقيقي لكثرة مشاكلنا الاقتصادية هل هي الفساد؟ ام السرقة ؟ام البعد عن الخالق والبعد عن الدين الحنيف ؟.