الجمعة 2024-12-13 11:36 ص
 

روح البلديات وجسدها

10:40 ص

رأينا كل شيء في التجييش للانتخابات البلدية واللامركزية: صراعات في العشيرة الواحدة، وكيف ابتلع الفخذ الأكبر أفخاذها الصغرى. إقصاءات مقيتة للمرأة، وتهميشها عبر مهزلة الصندوق الداخلي. اصطفافات وتحالفات عشائرية وصلت مرحلة كسر العظم. تعصب أعمى ورغبة جامحة بإلغاء الآخرين وطمسهم. جاهلية أن الدم هو الرابطة الأقوى. والشيء الوحيد المغيب عن المعركة ومتاريسها برنامج عمل يقدمه ويتبناه مرشح من المرشحين، أو كتلة من الكتل. اضافة اعلان

قبل أيام دخلنا (جمرة القيظ)، وهي ظاهرة مناخية موسمية ستستمر حتى نهاية شهر آب، حيث الإرتفاعات القياسية في الحرارة، بغية إنضاج العنب والتين والتمور، كما يراها الموروث الشعبي. ولكنها جمرة ستكوينا وتشوينا، مثلما كوتنا مجامر الانتخابات ومكائدها ومهازلها. مع أنها صورة ديمقراطية للذين يتمثلون وجهها الصحيح الداعي لكل خير وحق وجمال.
البلدية ليست مشيخة، أو فرصة عمل متاحة، وليست (مضباً) للضجرين النزقين، أو فسحة للهرب من (مناقرات أم العيال). البلدية هيئة حكم محلية تدير شؤون الحياة من مهد الإنسان إلى لحده.
في التسجيل للترشح أبكاني وأضحكني أحدهم حين سأله الموظف: أين تريد الترشح. في المجالس البلدية أم في اللامركزية؟. فقال: مش فارقة معي. سجلني في الأحسن، وللي قروشها أكثر.
نعرف أن بلدياتنا من شمالنا إلى جنوبنا تختزن أكبر رصيد من الفساد وتراكماته وطياته المسكوت عنها، والمتواطأ بحقها من الجميع. ومع هذا لم نرَ يوماً رئيس بلدية نال عقابا رسميا أو شعبيا، بل نراهم يعودون للترشح معتمدين على ذاكرة الناس (الذبابية)، التي تنسى كل شيء بعد ثوان معدودة، مهما حصل لها، ولهذا تعود الذبابة لتقف في الموضع الذي كان سيكون فيه مقتلها.
قبل سنوات تمنيت عبر هذه الزاوية لو أن شاعراً أو أديبا يصبح عمدة لعمان وأخواتها، شاعرا يؤنسها ويجعلنا ندرك أن المدن كائنات حية لها روح تتنفس وتنتعش وترتعش، وتحلم وتتطلع وتفكر وتحنو.
لن أقول الساعة أننا بحاجة إلى شعراء في بلدياتنا، ليس لأنهم يرفضون الدخول في معمعيات هذا الخراب، إن كانوا شعراء حقيقيين. بل ما أريده مرشحين من صميم معاناتنا اليومية. نريدها أن يجدوا حلا للقمامة التي تخنقنا، ويعيدوا ثقافة النظافة للحارات، ويجدوا حلولا للزحامات المروية التي ترهقنا، وكيف أن الاعتداءات على الشوارع تمحقنا وتهدر المال العام، وكيف صارت ميزة هذا البلد رمي الأنقاض في اي مكان.
نريد أن نعيد للبلديات دورها الحقيقي في الحياة. أن تهتم ليس فقد بالشارع المسفلت والرصيف المبلط فقط، بل تهتم وتسعى لمكتبة للاطفال، وحديقة للعائلات وملاعب للشباب. فالبلدية إنسان قبل كل شيء.
 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة