الوكيل - روى وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري حكايته مع الملك الراحل الحسين، ومجيئه إلى الأردن مطلع السبيعنيات هرباً من العراق عن طريق إيران.
ويقول في الحلقة الأخيرة من حواره الموسع في صحيفة 'الحياة' اللندنية وأجراه رئيس تحريرها غسان شربل، 'تابعت دراستي الجامعية في الأردن مدعياً أنني إيراني من عرب الأهواز'.
كما يروي كيف زاره رئيس الديوان الملكي آنذاك عامر خماش، وكيف تصرف أثناء دراسته في الجامعة الأردنية التي قال عنها إنها ' جامعة عريقة جداً'.
وفيما يأتي نص ما رواه زيباري:
ما قصتك مع الملك حسين؟
- أعود الآن إلى قصتي مع الملك حسين. بعد مسألة «قصر النهاية» تقدمت إلى الكلية العسكرية ولم تفد «كوتا» الوزارة وذهبت إلى الملا مصطفى وكتب والدي رسالة بأنني لا أستطيع أن أعيش في العراق فقد أُعتقل. قال إن الطريقة الوحيدة أن نرسلك إلى الأردن مع ثلاثة آخرين: أحدهم ابن أحد الضباط العراقيين المشهورين اللواء كمال مصطفى الذي توفي في لندن وكان لاجئاً لدى الثورة الكردية واسم ابنه رعد حسب ما أذكر واثنان أكراد: أحد أعضاء البشمركة وابن عمي. وأبلغونا أننا سنرسل لنكون في ضيافة جلالة الملك حسين. وكَوْن هذه أول بادرة لعلاقتنا كثورة كردية مع الأردن عليكم أن تحسنوا التصرف. خروجنا ودخولنا كان سراً من كردستان عن طريق إيران وليس عن طريق بغداد وكانت الدروب شبه محررة وتحت سيطرة الثورة. الأردنيون ساعدونا في حينها والسفير الأردني في طهران كان قائد القوة الجوية الأردنية في حرب حزيران 1967 وكان كردياً هو اللواء صالح الكردي.
أتينا إلى عمّان وكنا ضيوف الديوان الملكي في أواخر 1972 – 1973 وجاءنا رئيس الديوان شخصياً عامر خمّاش ورحب بنا وشرح لنا الظروف الأمنية وفي حينها كانت الثورة الفلسطينية مشتعلة والجامعة الأردنية فيها مشاكل فقال عليكم تقديم أنفسكم باعتبار أنكم إيرانيون من عرب الأهواز للتمويه وتحكون اللهجة العراقية العربية وكان هذا الغطاء المطلوب. وسيتم إسكانكم في كلية الشهيد فيصل الثاني التي هي مدرسة ثانوية نموذجية بسيطة لأبناء الشهداء المقربين وأبناء العشائر فلا أقسام داخلية بل مثل معسكر، من جهة للناحية الأمنية ومن ناحية أخرى لا نريد أن تجلبوا انتباهاً. وكنا أربعة شبان ننام في غرفة واحدة والأكل حسب البروتوكول العسكري الأردني حتى لا نلفت انتباه السفارة العراقية.
وهل تم تزويدكم بجوازات سفر؟
- تم إعطاؤنا جوازات سفر أردنية سرية. عند توجهنا إلى الجامعة كان مرافقونا من الديوان الملكي أو من رئاسة الأركان الأردنية وتم تقديمنا كضيوف إيرانيين وقدمنا أوراقاً وشهادات ثانوية وكان وضعاً صعباً. كان زملاؤنا الطلاب يعتقدون أننا ايرانيون. أكملت دراستي الجامعية في الأردن أربع سنوات حيث درست علم اجتماع وسياسة دولية في الجامعة الأردنية وهي جامعة عريقة جداً. خلال دراستي الجامعية في 1975 انهارت الثورة وأنا في السنة الثالثة. كنا في وقتها نتابع «الحياة» و «الحوادث» وإذاعة إسرائيل والـ «بي بي سي» وتابعنا حرب أكتوبر. وخلال تلك الفترة أصبحت لديّ صداقات واسعة جداً مع الجو السياسي الفلسطيني ومع الطلاب الفلسطينيين لناحية متابعة الأخبار والنقاشات واستفدت من وجودي هناك للإطلالة على الوضع العربي والوضع الفلسطيني ولم أكن معزولاً كما في أربيل أو في بغداد، وكنا نزور سورية وبيروت وجماعة جلال طالباني بدأوا في حينه تأسيس الاتحاد الوطني.
سنة 1975 انهارت الثورة وكانت صدمة رهيبة بالنسبة لي ولا أعرف هل أعود إلى إيران عن هذا الطريق؟ هل الترتيبات مستمرة؟ ومسعود والملا مصطفى وآخرون شبه معتقلين في إيران (وتم توزيعهم) وتحت المراقبة الشديدة، هل أعود إلى بغداد؟ بعد انهيار الثورة بقي بعض أشقائي الكبار في العراق، والبعض انتقل إلى إيران، وبدأ الأمن يضغط عليهم والاستخبارات وقالوا لهم أن عليهم إعادتي إلى بغداد بأي ثمن فأرسلوا إليّ مبعوثين ورسائل وأنا كنت من المعاندين بعد تجربة «قصر النهاية» قلت لن أرجع مهما كان. ثم أرسل إليّ شقيقي الأكبر رسالة تأثرت بها كثيراً قال فيها إنني رزقت بطفل (زوجتي من العمادية، مدينة تاريخية في كردستان العراق، ومن عائلة معروفة جداً) اسمه عبدالكريم سمّاه والدي تيمناً بعبدالكريم قاسم الذي كان معجباً به. فذكر في رسالته أنني أصبحت مسؤولاً أمام ابني وزوجتي وإخوتي الصغار فمن الضروري جداً أن أعود، وقال كلنا أردنا أن تنجح الثورة لكنها فشلت فإلى متى تبقى؟. أرسلت رسالة إلى مسعود قلت له أنني سأرجع، وهو يعرف ظروفنا، فقال عُدْ، لا مشكلة، ولكن انتبه إلى نفسك.
وكان عليّ أن أراجع السفارة العراقية في عمّان وهم يبحثون عني في عمّان، إذ إن الأمن العراقي كان يعتقد أننا في تدريب عسكري في الأردن في كلية عسكرية. وهم يتساءلون هل وصل الأردن إلى هذه المرحلة للتآمر على عراق البعث وعراق الثورة. توجهت إلى السفارة واستقبلت بالترحاب وقالوا لي سوف نساعدك قلت لهم أنني سأرجع بشرط أن أعود لإكمال دراستي إذ بقيت لي سنة للتخرج من الجامعة. قالوا نعطيك جواز سفر وتستطيع العودة فانت ابن هذا البلد ولا مشكلة. وكانت كذبة من مسؤول محطة المخابرات العراقية. قال أيضاً لدينا موافقات لإعطائك جواز سفر من السيد النائب (صدام حسين) في وقتها وهو «الكل في الكل» وكان مسؤول لجنة شؤون الشمال. قال نعطيك جوازاً وفي المطار مسؤول من السفارة سيسلمك الجوازات، ذهبت أنا وابن عمي إلى المطار، في حين أن صديقينا الآخرين قررا عدم العودة وبقيا في الأردن، فوجدنا «إذن سفر لسفرة واحدة». عند قراءتي لهذه الورقة قلت إن هذه هي النهاية. مسؤول الجوازات الأردني لن يسمح لي بالمرور سيسأل كيف دخلت الأردن، ما خلفيتك، الخ فماذا أفعل. اتصلت بمدير الأمن العام الأردني الذي كان أيضاً كردياً وشرحت له حالتي وقلت: أريدك أن تتصل بالمطار أرجوك، أر
يد أن أرجع إلى بغداد. تأثر الرجل وقال: خير ولماذا؟ فحكيت له القصة فاتصل بالمطار وسمحوا لي بالدخول للعودة إلى بغداد.عدت لاحقاً إلى عمان وأكملت دراستي ثم التحقت بالثورة وبدأت قصة طويلة انتهت مع إسقاط نظام صدام.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو