إسرائيل قوية ومتمكنة بين ثلاث قوى في الشرق الأوسط. الانهيار المريع في العالم العربي، يضيف إلى قوتها شعورا بالغطرسة. لكن دولة الاحتلال ليست بمثل تركيا وإيران؛ وهما قوتان إقليميتان لهما امتدادات في كل الاتجاهات، ومناطق نفوذ.
إسرائيل دولة معزولة خلف الجدران، ومحاطة بالأسوار الشائكة والمكهربة. الجدار الأخير الذي شرعت حكومة بنيامين نتنياهو في تشييده مع الأردن، يكمل طوق عزلتها، لتتحول بالفعل لا القول إلى قلعة منبوذة في الإقليم.
صحيح أن إقامة الجدار على الحدود مع الأردن ينطوي على تشكيك بقدرات الأردن على ضبط حدوده، وقلق إسرائيلي خبيث من سيناريو الفوضى في المملكة. لكن ليس ذلك هو مبرر حكومة نتنياهو لبناء الجدار، إنما حجة يتقنها اليمين.
إسرائيل تعلم علم اليقين أن الأردن تجاوز مرحلة الخطر، وبرهن بالممارسة العملية أنه بلد مستقر وآمن، ويستطيع أن يحمي حدوده، حتى عندما تكون الحرب مشتعلة على الجانب الآخر. الحدود مع سورية والعراق يشهدان على ذلك.
الجبهة الغربية مستقرة، قبل وبعد 'الربيع العربي'. وسجل الحوادث على طرفي الحدود لا يشير إلى زيادة في محاولات اختراق الحدود من طرف المتسللين أو المهربين. هي على الأقل لا تُقارن مع ما يحصل من عمليات تهريب وتسلل على الحدود الأميركية مع المكسيك. هل تكون الولايات المتحدة بالمفهوم الإسرائيلي دولة غير مستقرة ومعرضة للانهيار؟!
إسرائيل محكومة بعقدة الخوف. ونتنياهو بنى شعبيته وفوزه في الانتخابات على هذه النظرية. يحرص دائما على خلق الأعداء وصناعة المخاطر، ليجعل الإسرائيليين أسرى لمقاربته في الحكم.
تارة يخيف الجمهور من خطر إيران، وتارة أخرى من الجماعات الإرهابية. وعلى الدوام، يوهم الإسرائيليين بأن الدول العربية من حولهم تتحفز لرميهم في البحر.
إسرائيل في العقد الأخير مسكونة بالخوف. ولهذا، لم يعد مستغربا أن تستبدل نظرية الجسور المفتوحة مع 'الجيران'، بالجدران العازلة؛ جدار عنصري في قلب فلسطين، وجدار مع مصر، وآخر على الحدود مع لبنان وهضبة الجولان المحتلة.
لكن التاريخ يثبت أن الجدران العازلة والأسوار العالية لم تحم الدول ولا حتى الإمبراطوريات، ولم تجلب لها الأمن. وقائع التاريخ تحمل في طياتها عشرات الأمثلة على انهيار القلاع المحصنة.
إسرائيل باعتمادها هذه السياسة، تؤكد من جديد هويتها العنصرية، وأيديولوجيتها كدولة 'غيتو' لا تستطيع التعايش مع الآخرين، وهي لن تستطيع ما دامت دولة احتلال.
المشكلة أن بعضنا يأخذ فرضيات إسرائيل لبناء الجدار على الحدود مع الأردن على أنها مسلمات؛ فيصدق تلك الهرطقات عن فوضى وشيكة في الأردن وتدفق الإرهابيين من كل صوب، ويتعاطى مع السيناريوهات الإسرائيلية بوصفها قدرا لا مناص منه.
ينسى هؤلاء أن دولة الاحتلال التي تبني جدارا عازلا مع الأردن لا يستطيع طير أن يخترقه، كانت تتبنى في عقود مضت خيار 'الترانسفير'، وإقامة وطن بديل في الأردن. وقد طالعتنا مراكز الدراسات الإسرائيلية بسيل من الخطط لتنفيذ هذا السيناريو.
الجدار العازل مع الأردن ينسف نظرية 'الترانسفير' التي آمن بها الكثيرون هنا. وبعد سنين قليلة، سيتأكد للجميع أيضا أن الفرضيات التي بنت عليها إسرائيل سياسة الجدران ستنهار هي الأخرى.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو