الوكيل - دوامة من إشكاليات الغربة ومذاقها المرير، يعيشها قرابة 4200 طالب وطالبة سعوديين يدرسون في 18 جامعة أردنية، اجتمعت عليهم من كل صوب، بعضها أكاديمي وبعضها أمني والآخر معيشي. هناك من يرد تلك المشكلات إلى أن الأردن ليست من دول الابتعاث، وأن الطلاب الذين يختارون الدراسة فيها يدرسون على نفقتهم الخاصة، وبعضهم يردها لتكلفة المعيشة هناك، التي قفزت إلى مستوى ثلاثة أضعاف منذ تدفق السوريين اللاجئين على الأردن مع بداية الاقتتال في بلدهم. وبين «رحى» الفقر الظاهري الذي يعيشه هؤلاء الطلبة، والاضطهاد الواقع عليهم بفعل الجريمة التي تستهدفهم، فضلاً عن مزاجية أساتذتهم، يعيش هؤلاء الطلبة حالة تفكير دائم بين إكمال المسيرة وتحمل توابعها، أو العودة وإعادة اكتشاف المستقبل. «الشرق» التقت بعضهم، واطلعت على أصناف من المعاناة، رأت أن تنقلها بحيادية، ويبقى القرار بيد الجهات المعنية.
تحدي الأساتذة
يعتبر طالب بن فداع الشريم، طالب الدكتوراة في الجامعة الأردنية بـ «عمان»، أن من الصعوبات الأكاديمية الشائعة التي تواجه الطلاب وتنعكس بشكل كبير على قدراتهم التحصيلية، صعوبة حصول الطلبة السعوديين على درجة الامتياز التي يستحقونها، كون الجامعات الأردنية تميل للصعوبة في منح الدرجات ولديها فكرة تريد إيصالها للطلاب السعوديين بأنه ليس بمقدورهم الحصول على التفوق. وقال إن أحد أعضاء هيئة التدريس في الجامعة تحدث بذلك صراحة، حين استبعد أن ينال الطالب السعودي تقدير ممتاز، وأن تقدير «جيد جداً» درجة عالية، معللاً ذلك بأن الطالب قد لا يكون متخصصاً في القسم نفسه في دراسته السابقة، وحتى لو كان لديه من القدرات ما يفوق من تخصص فيها من بداياته. واعتبر أن هذا الأمر فيه كثير من التحدي، فإما أن يرضى مجبراً أو يضحي ويقع في خضم التشتت والتغيير والترحال من جديد. وأثنى على الملحقية الثقافية السعودية في الأردن، لسلاسة الإجراءات، والاهتمام الذي توليه للطلاب.
ويعتبر عبدالله البلوي، الطالب في كلية الهندسة، جامعة مؤتة، الوضع الأمني من الأمور المقلقة نفسياً لكثير من الطلاب الذين يدرسون في الجامعات الأردنية، في ظل تكرار مسلسل الاعتداءات والسرقات التي يتعرض لها السعوديون، مستشهداً بقصة حصلت معه حينما تفاجأ هو وأحد زملاؤه أثناء عودتهما من صلاة الفجر في المسجد المجاور لسكنهما بسرقة سيارته، كامري 2008، وسيارة زميله، جيب لكزس، وبداخلهما محافظهما ونقود وأغراض شخصية أخرى. وحينما دخلا الشقة التي يسكنان فيها، اكتشفا تعرضها للسرقة أيضاً، حيث سرق جهاز «لابتوب» وجوال ونقود وأغراض شخصية. وتوجها على الفور إلى دوريات أمن الكرك والمباحث وقدما بلاغاً رسمياً بالواقعة وتم تسجيل أقوالهما، وجرى التعميم على السيارات المسروقة.
وذكر البلوي أن سيارته المسروقة نفسها تعرضت لمحاولة سرقة في العام الماضي، وقام بعمل محضر لدى الجهات الأمنية الأردنية، التي رفضت رفع البصمات إلا بعد تسديد مبلغ 70 دينارا أي ما يقارب 400 ريال، ليكتشف لاحقاً أن من بين أفراد العصابة التي سرقت سيارتيهما أحد الطلاب الذين يدرسون معهم في الجامعة نفسها. وبيّن أن بعض العصابات تفاوض السعوديين بعد سرقتهم على إعادة السيارة المسروقة بعد دفع مبالغ مالية، ما يضطر بعضهم إلى الدفع لأنه قد يكون الحل الوحيد أمامهم في سبيل استعادة سياراتهم.
التجسير ومعادلاته الظالمة
ويعتبر عليان عيد البلوي، الطالب في كلية الهندسة، جامعة مؤتة، أن «التجسير» من المشكلات التي يعاني منها الطلاب الراغبين في إكمال دراستهم بالأردن، ويقصد بالتجسير معادلة الساعات التي يختلف احتسابها في الجامعة نفسها على الطلاب الذين يدرسون فيها وعدم احتساب كثير من الساعات التي درسوها. وذكر أن هناك اختلافاً في معادلة المواد بين الطلاب في الجامعة نفسها، وأن معادلة المواد تختلف من جامعة لأخرى، ففي الوقت الذي تقوم فيه بعض الجامعات مثل الجامعة الأهلية الأردنية بمعادلة 45 ساعة، فإن جامعة مؤتة تعادل 30 ساعة فقط من بينها 18 ساعة من مواد التخصص و12 ساعة للمواد العامة بينما من المفترض، حسب ما يراه، أن لا تقل الساعات التي تمت معادلتها عن 36 ساعة. واعتبر أن المعادلة بهذه الطريقة ستجعل فترة الدراسة تتراوح ما بين 4 إلى 5 سنوات بينما كان من المفترض أن تكون 3.5 سنوات. واستغرب أن تقوم الجامعة بمعادلة بعض المواد لبعض الطلاب في الوقت الذي ترفض فيه معادلتها للبعض الآخر. وأرجع هذا الاختلاف إلى مزاجية بعض أعضاء هيئة التدريس وطالب بأن تكون هناك آلية موحدة لمعادلة مواد التجسير.
تمديد البعثة
ويرى نايف عايش، الطالب في جامعة مؤتة، أن تمديد البعثة، هي من المشكلات التي يعاني منها الطلاب الذين يدرسون في الأردن. وقال إنه عانى من هذه المشكلة حيث تم إلحاقه بالبعثة بعد الدراسة لمدة عام ونصف العام وإيقاف بعثته، وبعد حصوله على معدل 88% تقدم للملحقية أكثر من مرة لتمديد البعثة ولم تتم الموافقة، ما اضطره للرفع إلى وزارة التعليم العالي، حيث تمت الموافقة على منحه 6 أشهر لتصل بعثته إلى سنتين، والآن لديه عدة طلبات لتمديد البعثة تم رفعها للملحقية لم يتم الرد عليها حتى الآن، بينما حصل بعض زملائه ممن يسكنون معه في السكن نفسه على البعثة لمدة 5 سنوات. وقال إنه في فترة منعه من البعثة واجه صعوبات مالية اضطر بسببها إلى بيع سيارته ليتمكن من إكمال دراسته.
معاناة الطالبات في الغربة
وتؤكد الطالبة دانية باعشن، المنسقة في نادي الطلبة بـ «إربد»، أن الطالبات السعوديات اللواتي يدرسن في الأردن يتعرضن دون غيرهن لمشكلات ترجع إلى طبيعة المرأة السعودية وخصوصيتها، تبدأ قبل الغربة، لعدم موافقة الأهل كون فكرة الاغتراب مرفوضة لدى كثير من العائلات. وقالت إنها عانت من هذه المشكلة لولا قناعة والدتها ومساندتها في إقناع والدها وبقية الأسرة التي كانت ترفض هذه الفكرة. وذكرت أن من أبرز المشكلات التي تواجه الطالبات، عدم توفر السكن المناسب خصوصاً في ظل محدودية الخيارات، التي عادة ما تكون عبارة عن مجمعات سكنية تضم طالبات من دول خليجية لكن هذه النوعية من السكن لا تميل إليها الطالبات حرصاً على الخصوصية ورغبة في تهيئة الجو الدراسي المناسب البعيد عن زحام السكن بل يبحثن عن السكن المستقل ويقمن بالسكن فيه كمجموعات. وأكدت أنهن كعضوات في نادي الطلبة استطعن التغلب على هاتين المشكلتين بالتواصل مع بعض العائلات الأردنية المعروفة التي لديها مساكن آمنة ترغب في تأجيرها والتعامل مع بعض سائقي سيارات الأجرة الثقات وتوزيع أرقامهم على الطالبات. وأكدت أن ثمة مشكلات بسيطة تنشب بين الطالبات أنفسهن في السكن ولكن يسهل علينا حلها.
صورة ذهنية سلبية
وترى الطالبة سمر الفهد، أن هناك صورة ذهنية سلبية لدى عديد من أعضاء هيئة التدريس في الجامعة عن الطالبة السعودية، مؤداها أنها غير مؤهلة للدراسة وليست جادة في التعليم، وتحول هذه الصورة دون منحها الدرجات العليا المستحقة لها، مهما اجتهدت.
ولفتت سمر العنزي، طالبة ماجستير تدرس القانون في جامعة اليرموك ومنسقة في نادي الطلبة بـ «إربد»، إلى معاناة بعض الطالبات من قرار وزارة التعليم العالي بعدم الاعتراف بسنوات دراستهن السابقة على إلحاقهن بالبعثة، بحجة عدم فتح ملف إلكتروني عن طريق الوزارة، إما لجهل بعضهن أو لعدم حصول بعضهن على المعدل المفترض للالتحاق بالبعثة. وقالت إن القرار تسبب في إجبار كثير من الطالبات على الدراسة على حسابهن الخاص. وأفادت بأنه تم الرفع للملحقية الثقافية بهذا الخصوص وطلبوا منهن فتح ملف وتم ذلك ولكن لم يصلهن رد حتى الآن، ما يتسبب لهن في أعباء مالية، حيث تدفع طالبة الدراسات العليا مبلغ 225 دولارا مقابل كل ساعة بما يصل إلى قرابة 15 ألف ريال عن كل فصل عدا مصاريف السكن والمعيشة. وذكرت العنزي أنها تعمل متطوعة وبعض زميلاتها في نادي الطلبة السعوديين وتقوم بتنظيم الفعاليات والدورات التدريبية ومساعدة الطالبات السعوديات في حل بعض المشكلات التي قد يتعرضن لها، لكنها لم تجد أي تقدير من الملحقية على هذه الجهود.
الشرق السعودية
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو