السبت 2024-12-14 02:13 ص
 

سمراء .. تلهم الحرف، وتعدل المزاج

01:55 م

الوكيل - مساء مثقل بالتقارير والتكاليف تنتظر إنجازها للغد، أوراق تكاد لا تثبت باليد حتى تلقى على المكتب من ضجر وتشتت فكر.اضافة اعلان

يتسرب عبق القهوة من خلف الجدران لأستنفر قواي منطلقة للمطبخ، لأكسب غنيمة تفّتِح أفكاري لأنثر بدفء كوب القهوة على مساحات خيالي الحالمة بعض الانتعاش لتتجدد الهمم ولتلتقط يدي الأوراق ولا تتركها إلا بعد الإنجاز.

حروف يخطها عبق القهوة منذ أمد بعيد فوراء كل كاتب عظيم فنجان قهوة معد بإتقان فمن اشعال النار والبدء بدفء الماء يبدأ جمود الأفكار بالانسياب حتى وضع القهوة في الماء توضع أساسات للانطلاق وبأول رشفة من ذاك الكوب الشفاف الذي يُظهر لون القهوة البني يتم إنجاز المطلوب.

'القهوة كيف تكتب يد لا تبدع القهوة' هكذا رسمها درويش في رائعته ذاكرة للنسيان، أما الصحفية علا عطالله صاحبة القلم السيال بالجمال والأناقة، فتقول: 'القهوة مفتاح الحياة، هي الصديقة والرفيقة، فقد بدأت أسترق رشفاتها وأنا صغيرة أتلذذ بمذاقها المر الذي يجمل الحياة بروعته'.

لم يقتصر حب القهوة على الكتاب ، بل الكثير من زميلاتنا وزملائنا في الميدان الصحفي يتغزلون بالقهوة فالصحفي علاء الحلو يقول: 'لا أربط بين عملي والقهوة، بل أربط بين إنسانيتي والقهوة لأني حين أتناولها أشعر وكأن هناك تجردا من كل الأفكار والأحاسيس أمام نكهتها المرة..والحلوة في الوقت ذاته'.

ولكن كل شيء يزيد عن حده ينقلب إلى ضده، فليس كل من يكتب هو مولع بتلك الدرجة بالقهوة، فالصحفي داوود موسى يقول:' لا أحبها وكرهتها من كثر ما يتحدثون عنها'.

نعم، فحُق له أن يكرهها فالقهوة كالناجح المحبوب مهما كان له سيط واسع إلا ويكون له أعداء وحساد!

فلم تعد القهوة مجرد حب وعشق يتغنى به الأدباء والشعراء، فحب الصحفي للقهوة جعله يسعى لإدخالها إلى عالمه المهني، 'لولا الخوف من الفصل لكنت دمجتها في تقاريري وأخباري' هكذا يمازح علاء الحلو واقعه مع القهوة.

فالقهوة بلا مبالغة،،هي السحر الهادئ الذي يهدئ من ضجيج الأفكار وزحام الحياة، فهي تشعرك بالإكتفاء من ذاتك برائحة السفر في عبقها.

'هي كافيين القلب،،فالإبداع الصباحي يبدأ بها وينتصر على كل صداع وضجر'، تتلذذ علا بنطقها لوصف القهوة وهي ترتشف بعض رشفات من فنجانها.

فأمازحها قائلة: ' يااه كل هذا إدمان!'، فترد مباشرة:' أتعلمي...لو لم يكتشفوا القهوة، كنت سأكتشفها فهي نعمة اشكر الله على وجودها'.

فالقهوة باختصار هي مفتاح التفاصيل الصغيرة، تذيب بمرارتها مرارة الحياة، فالقهوة مع نسمات الصباح الباكر تعيدك إلى الأول، حيث النقاء والطبيعة تمحو الذي سبق وتضعك على شرفات الحلم، لتنطلق نحوها...

فسحابات البخار المتسربة من فنجان القهوة تجعل المرء يفكر بالمنتج الأول لها ومكان صناعتها وأنواعها وكل شيء قد يختص بها.

بجوار ذاك الأثيوبي الأسمر..يقع المكان الأم لزراعة المعشوقة السمراء 'القهوة'، ولكن تعد بلاد السامبا هي من أكثر الدول المنتجة لها، ثم تتلوها كولومبيا وفيتنام في المرتبة الثانية.

بعيدا عن لغة الأحاسيس والمشاعر التي تثيرها القهوة عند احتسائها، فبلغة المال والاقتصاد فهي تأتي بعد البترول مباشرة كأكثر سلعة يتم المتاجرة بها. هذا ما جعل المهتمين، يقومون بتشكيل 'منظمة القهوة الدولية'، حيث تهتم بكل ما بتعلق بشؤونها الاقتصادية عالميا.

فعندما قال درويش:' القهوة لمن أدمنها مثلي هي مفتاح النهار'، فقد صدق، ففي فنلندا وصل استهلاك الفرد للقهوة 11000غرام سنويا.

يتواجد حوالي 25نوعا من نباتات القهوة في العالم ولكن هناك نوعين فقط ينتجان القهوة المتوفرة في الأسواق، إذ حوالي 70% من الإنتاج العالمي هو النوع 'العربي' الأعلى جودة والأغنى مذاقا، و30% من النوع الذي يطلق عليه 'روبستا' أو ما يعني 'النوع الخشن' بتعبير أهل زراعته.

ولو تطرقنا إلى أنواع القهوة لوجدنا الكثير منها في هذه الأيام، فقد بات المختصون بصنعها، يتفننون بإذكائها بمذاقات وطرق إعداد مختلفة، لتجذب أكبر قدر ممكن من المستهلكين ، منها القهوة التركية وهي قهوة ناعمة مع هال مطحون، والقهوة العربية أيضا قهوة ناعمة قد تكون سوداء أو بيضاء أو خليط من الاثنين، قهوة الاسبرسو وهي قهوة إيطالية سادة ذات مذاق قوي، وقهوة الموكا وهي قهوة فرنسية مزيج من الاسبرسو والشوكولاتة مع البن المبخر، وهناك الكابتشينو وهو مزيج من الاسبرسو يخفق مع كميات متساوية من البن المبخر ورغوة الشكولاتة الحلوة.

للقهوة أنواع كثيرة، وطرق إعدادها تختلف من بلد إلى آخر، والحقيقة ان تناول مشروب القهوة هو غاية في الامتاع ووصول المرء إلى الذوق الرفيع حيالها وهو من رفاهية العقلاء المميزة التي تبلغ بهم درجات عالية من الاستمتاع.

فاطمة ماهر - الجزيرة توك - غزة


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة