الجمعة 2024-12-13 01:07 م
 

سمير الرفاعي يتناول المنسف في اربد ويتحدث عن الانتخابات والوضع السوري - صور

03:35 م

اربد – احمد الهامي - تناول رئيس الوزراء الأسبق سمير زيد الرفاعي طعام الإفطار 'المنسف' بقاعة الشرق في اربد، تلبية لدعوة نادي الحسين الرياضي، وقام الرفاعي بالتبرع بمبلغ 5 آلاف دينار للنادي.

وألقى الرفاعي كلمة حول الأوضاع في سورية والانتخابات النيابية، دعا فيها إلى الابتعاد عن الاستنكاف السياسي في الانتخابات في إشارة منه إلى مقاطعة حزب الإخوان المسلمين للانتخابات المقبلة.

وتاليا نص كلمته:

بسم الله الرحمن الرحيم

السيّدات والسّادة،

أيّها الجمع الكريم،

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وتقبّل الله طاعاتكم، وبعد؛

فأرجو أن تسمحوا، لي، ابتداءً، أن أتقدّم بالشكر الجزيل، للأخوة القائمين على هذا النشاط الخيري، لإتاحتهم المجال أمامي للقاء هذه النخبة الكريمة، من أبناء الوطن، الغيارى على مصالحه العليا، المنتمين لمسيرته المؤزرة، والمؤمنين برسالة قيادته التاريخيّة الحكيمة، في تجسيد معاني التكافل والخير والعطاء، والسموّ بالأردن الغالي إلى حيثُ يليق به، وطناً أنموذجاً، للنهضة والاستقرار والإنجاز وصون كبرياء الإنسان وكرامته.

الأخوات والأخوة،

في هذه الظروف الإقليميّة الصعبة، وما تشهده من تحوّلات تاريخيّة، ومنعطفات مفصليّة، يؤكد الأردن، بحكمة قيادته الشجاعة، والتفاف أبنائه الشرفاء حول الراية الهاشميّة؛ أنه الأقوى، بمبادئه وثوابته الراسخة وبقِيَم الدولة ورسالتها..

وهاهو الأردنُ يواصل مسيرته الإصلاحيّة الشاملة، بهمّة لا تلين، وبإرادة سياسيّة حاسمة، لا تقبل أنصاف الحلول ولا تعرف التراخي، ولا التراجع.. تصدر عن رؤية واضحة، وتؤمن بالعمل والإنجاز؛ وتنحاز، دائماً وأبداً، للمواطن، وقضاياه وآماله ومستقبل أبنائه.

وتبرهن الأحداث أن خيار الاعتدال، والذي أرادته القيادة الهاشميّة الحكيمة عنواناً رئيساً للدولة الأردنيّة منذ نشأتها، مقروناً بامتلاك زمام المبادرة، والقدرة على الاستشراف؛ هو خيار مَن ينظر إلى الحكم على أنه رسالة. وقد عبّرت كلمات صاحب الجلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين إلى وليّ عهده الأمين عن هذه المعاني بوضوح، عندما أكد جلالته أن الهاشميين لا ينظرون إلى الحكم إلا من حيثُ أنه خدمة للوطن والأمّة.. وهو منهجٌ يشهد به التاريخ ونعرفه بالوقائع والبراهين والشواهد الماثلة.


أيّها الجمع الكريم،

وعلى هذا الأساس الصلب المتين، كانت مواقف الدولة الأردنيّة في كل الأحداث والتطوّرات الإقليميّة، مستندةً إلى مفهوم الرسالة، ومنذورة لخدمة الأمّة ومصالح الأردن العليا.

ولعلّ الموقف الأردنيّ الواضح من الأزمة السوريّة، تعبير دقيق عن هذه الثوابت وعن نهج الاعتدال والتوازن؛ بحيث أوضح الأردن، ومنذ اللحظة الأولى، أن الحلَّ الأمثل هو باللجوء إلى السلم الأهلي كضمانة وحيدة للاستقرار السياسي والأمني، وبالابتعاد التامّ عن كلّ وسائل العنف واستخدام القوّة؛ فالقوّة الحقيقيّة هي قوّة الحوار والتوافق، وليست قوّة السلاح ولا المواجهات الدامية، ولا ترويع الآمنين، وسفك دماء الأطفال والنساء، وتدمير المنجزات.

وقد تمسّك الأردن، وفي كل المناسبات، بهذا الموقف المتوازن المعتدل من الأزمة السوريّة، مؤكداً أن الحسم الميداني، لصالح أيّ طرف من الأطراف، لا يعني النهاية، وإنما المزيد من الدمار والأخطار، مع تعدّد السيناريوهات وتعقيدات المشهد وتداخلاته، ومع ما نعلمه جميعاً من أبعاد دولية وإقليميّة، تتحوّل معها سوريا، بتاريخها واستقرارها وحياة مواطنيها، إلى ساحة صراع مفتوح ، يكون وقودها دماء السوريين واستقرار وطنهم.


أيّها الجمع الكريم،

إن الأزمة في سوريا، بالنسبة لنا في الأردن، تحمل أبعاداً وتحدّيات واحتمالات مفتوحة. وقد تصبح، لا قدّر الله، في لحظة من اللحظات، مسألة أمن قومي أردني، أكثر منها أزمة خارجيّة، يعيشها بلد عربيّ مجاور.

وغنيٌّ عن التفصيل هنا، الحديث في تداخلات العلاقة الأردنيّة السوريّة، اجتماعيّاً واقتصاديّاً وحتى بالأبعاد العائليّة، فضلاً عن الانعكاسات الاقتصاديّة الجسيمة، وقضايا المياه والحدود والتحدّيات الأمنيّة، وما تعرفونه جميعاً؛ ما يعني أن تطوّرات الأحداث في سوريا، وفي حال اتجهت نحو الاحتمالات الأسوأ، ستفرض المزيد والمزيد من التحدّيات علينا جميعاً، مهما كانت مواقعنا أو مواقفنا من الأحداث.

وبكل وضوح وصراحة؛ فإن الاحتمال الأسوأ بالنسبة لنا في الأردن، هو استمرار الوضع السوري على ما هو عليه، وتطوّره تالياً إلى حرب أهليّة لا سمح الله ، بدأت مقدّماتها بالبروز على الأرض، مع وجود حالة ملموسة من الانقسام الأهلي، بين مؤيّدي النظام ومناصري الثوّار، ولكل طرف من الأطراف قاعدته الاجتماعيّة وشبكة المستفيدين والحلفاء والقوّة الميدانيّة.

ومثل هذا الاحتمال يعني أن حالة عدم الاستقرار التي تعيشها سوريا، لا يمكن أن تبقى ضمن نطاق حدودها السياسيّة، وإنما ستسعى للتمدّد إقليميّاً، وعلى كلّ صعيد، وستكون لها انعكاسات مباشرة وغير مباشرة علينا في الأردن.

وأمام هذا التحدّي البارز، لا نستطيع أن نتجاهل التحدّيات، ولا أن نهرب من الحقائق.

والواجب علينا كنخب وكمواطنين، أن نلتفت أوّلاً، إلى المصالح الوطنيّة العليا، والتي تستدعي ابتداء، أن نمتلك القدرة على مواجهة التحديات. وهو ما يعني حتميّة تحصين وتمتين الجبهة الداخليّة الأردنيّة، لأنها صمّام الأمان الرئيس في التعاطي مع التطوّرات، بحيث يكون الأردن قادراً على مواصلة طريقه نحو الإصلاح الشامل، السياسي والاقتصادي والاجتماعي، في بيئة آمنة، تضمن تحقيق النتائج المنشودة، بعيداً عن التخندق والاصطفافات المسبقة، والتعنّت غير المبرّر.

أيّها الجمع الكريم،

إن المشاركة الفاعلة في مسيرة الإصلاح، والروح الإيجابيّة في التعامل مع الاستحقاقات الوطنيّة؛ هما السبيل الرئيس لصون الجبهة الداخليّة، وحماية المؤسّسات الدستوريّة وفي مقدّمتها المؤسّسة البرلمانيّة.

ومع كل الاحترام للآراء والاجتهادات السياسيّة ومنطلقاتها؛ فإن مصلحة الأردن هي الأساس الذي يجدر أن تُبنى عليه كل حساباتنا ومواقفنا؛ بالتقدّم خطوات إلى الأمام، والحرص على التوافق الوطني، والابتعاد عن السلبيّة والاستنكاف السياسي.. فالمطلوب اليوم هو أن نكون جميعاً على اختلاف آرائنا واتجاهاتنا في خندق الأردن، وأن نسعى لنقل الحوار الوطني إلى مكانه الوحيد والأنسب، تحت قبّة البرلمان، بالمشاركة والتفاعل والإيجابيّة، وتأكيد الحرص على أولويّة استقرار الأردن بوصفه أمانة ومسؤوليّة كبرى نتحمّلها جميعاً أمام الله والتاريخ وأمام أجيالنا القادمة.

الأخوة الحضور،

إن الاستقرار الاقتصادي، من خلال تكريس مبدأ الاعتماد على الذات، وتصحيح الاختلالات، وإزالة التشوّهات التي تراكمت على مرّ السنين، هو أحد أبرز عناصر منظومة الأمن الوطني الشامل. ولقد سعيت، وزملائي الوزراء، خلال فترة تشرّفي برئاسة الحكومة، لتحديد المحاور الرئيسيّة، للخطة الوطنيّة التي من شأنها أن تمكن الأردن الغالي من مجابهة التحدّيات، والسير وفق برنامج عمل قابل للقياس والمساءلة، في خطوات عمليّة تكفل تحقيق النقلة المطلوبة والضروريّة في الأداء العام، ورفع كفاءة وإعادة بناء قدرات القطاع العامّ، مع توفير البيئة الأمثل لشراكة القطاع الخاص وتحفيز الاستثمار النوعيّ المفيد.

وقد استندت الخطة التي اعتمدتها حكومتي، على ضرورة الموازنة بين الأولويّات الوطنيّة، وتمتين الجبهة الداخليّة، من خلال تعزيز منظومة النزاهة الوطنيّة، ومجابهة الفساد، ليس فقط بإجراءات علاجيّة قانونيّة، ولكن أيضاً بإجراءات وقائيّة، تبدأ من إعادة الاعتبار للآليّات الرقابيّة الحكوميّة ودعمها وتعزيزها، وإنهاء حالة غياب المساءلة والرقابة عن الهيئات الحكوميّة المستقلة، وبالأساس؛ البدء بدمج المؤسّسات والهيئات الحكوميّة وشبه الحكوميّة، ذات المهام والمسؤوليّات المتشابهة، لإيقاف النزف المالي، وإنهاء حالة التشتّت والتشرذم، وتحقيق العدالة بين الموظفين.

وكما يعلم الجميع، فقد بدأت حكومتي عهدها بمواجهة قانونيّة مع ملفات الفساد الشائكة، وأحالت عدداً منها إلى القضاء، للسير في الإجراءات بكل نزاهة وحياديّة واستقلاليّة. بعيدا عن الحسابات الشخصيّة وسياسات الاسترضاء والمجاملة، على حساب المصالح الوطنيّة العليا.


أيّها الجمع الكريم،

إننا اليوم، وفي كافة مواقعنا، معنيّون باستعادة المُثُل والمعاني السّامية التي قام عليها الأردن المنيع. وواجبنا التاريخي هو الالتفاف حول راية الإصلاح الشامل، التي تجسّدها رؤية وتوجيهات جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين؛ بعيداً عن محاولات التشكيك وبثّ الروح السلبيّة ودعوات الاستنكاف وجلد الذات، والمبالغات التي تضرّ بمسيرتنا ولا تعطي الصورة الحقيقيّة الصادقة عن منجزاتنا وما حقّقه الأردن من نهضة ومكتسبات ومكانة إقليميّة ودوليّة.

أكرّر الشكر للأخوة القائمين على هذا اللقاء، وأسأل الله تعالى أن يديم علينا نعمة الحكم الهاشميّ الرشيد، في ظل ملك الخير، عبدالله الثاني ابن الحسين حفظه الله ورعاه، وكلّ عام وأنتم بكل الخير، وتقبّل الله طاعاتكم.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اضافة اعلان


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة