سندات لتمويل الصناعة

ليس صحيحا أن الصناعة كلها تعاني، مع إقرارنا بكل التحديات والمصاعب، لكن ثمة صناعات تغلبت على ظروفها وحققت ولا تزال نجاحات ملحوظة، والفرق يكمن في إدارة الموارد وتكييف التحديات.اضافة اعلان

خذ مثلا قطاع الاسمنت، ثمة مصانع تعاني وهذا صحيح لكن هناك أخرى ناجحة وأرباحها الى زيادة، وفي مثال اخر حافظت شركات تعدينية على أدائها المميز بينما سجلت أخرى إخفاقات، ولا يمكن مقارنة صناعات إخترقت أسواق صعبة وأخرى لم تستطع تسويق إنتاجها في ملعبها.
أول تحديات الصناعة هي كلف التشغيل، طاقة وقوى بشرية ومواد أولية، لكن كيف تمكنت بعض الشركات من تحويل هذه التحديات الى عوامل نجاح، في الطاقة مثلا حدثني مدير أحدى المصانع بأنه قد تغلب على هذه المعضلة عبر الاستهلاك المكافيء للوقود، أما القوى البشرية فكان يكفي منح التدريب فرصته للاكتفاء بالمنتج، وقد ساهم التشغيل بنظام الورديات في زيادة الانتاج ورفع كفاءته وزاد من قاعدة التشغيل ولم ينقصها.
بدلا من مواجهة التحديات بعوامل ذاتية كثير من الصناعيين وجدوا أن هذا الميدان مضيعة للوقت فتحولوا الى الاستثمار العقاري والى خدمات أخرى مثل الوساطة المالية والفنادق والمطاعم وغيرها.
صحيح أنه بعد تحويل بنك الإنماء الصناعي الى بنك إسلامي، لم يعد للصناعة نافذة تمويلية خاصة بها، فلجأت الى البنوك التجارية التي لا تراعي في شروط التمويل خصوصية الصناعة، كما أنها لا تقبل بمعدات والآلات كضمان للقروض لكن الصحيح كذلك أن الاستخدام الأمثل للموارد المالية كان ولا يزال أفضل الطرق للتغلب على معضلة التمويل، وهناك من المصانع من إسترد رأسماله وهناك من إستنزفه وإقترض فوقه، والفرق هنا هو التوسع المحسوب سواء في الانتاج والتحديث المستمر وتطويع التكنولوجيا على قاعدة دراسة واقعية للأسواق.
نقر بصعوبة حصول الصناعة على رأسمال تشغيلي نتيجة المشاكل التي تواجه تدفقاتها النقدية الناجمة عن تراجع التصدير وضعف الطلب المحلي والمنافسة القوية من الخارج وارتفاع الفوائد على القروض التي تتجاوز في كثير من الأحيان العائد وأن البنوك تطلب ضمانات عقارية وغيرها تأمينا للقرض الصناعي بدلا من الألات كما يحدث في دول كثيرة من العالم، لكن البديل هنا هو طرح الأدوات المالية اللازمة لتمويل الاستثمارات الصناعية مثل السندات والأوراق المالية والصكوك.