الجمعة 2024-12-13 03:53 م
 

شرشف الطاولة!

09:11 ص

في بيوتنا قديماُ وحديثاُ هنالك استخدام (لشيء) عند تناول الطعام، قديماً كان المشمع (الأصلي) الذي تضعه ست البيت على الأرض أو على (الطبلية) وتضع عليه الطعام، ولأن هذا المشمع كان مطلوباً منه الخدمة الطويلة فقد كان يتم تحصينه بقماش حول محيطه، وكان هذا المشمع يخضع للتنظيف أو إعادة الإنتاج بعد كل إستعمال، ليعود للعمل في الوجبة التالية.اضافة اعلان

ومع تطور الأزمان، دخلت أوراق الصحف إلى الخدمة العامة حيث يتم فرشها وهي تشع سياسة وثقافة وعلماً، وبعد دقائق يختفي كل هذا لنجد عليها زيتا ولبنا وفتات الخبز وبقايا الملوخية أو اللون الأحمر القادم من صلصة الفاصوليا أو البامية، وعظاماً تدل على مرور دجاجة أو قطع من اللحم بغض النظر عن تصنيفه.
ومع السرعة التي فرضتها التكنولوجيا هنالك اليوم البلاستيك القادم للإستعمال مرة واحدة، يظهر في المناسبات والبيوت، وهذه (المفارش) جزء من أغراض البيوت الشهرية بعد كل راتب.
ما سبق ليس موضوعنا بل مقدمة للحديث حول (الشراشف) من الفئة العليا، وهي شراشف الطاولات التي يتم إستعمالها في المطاعم، شراشف من قماش أبيض جميل يعطي القادم انطباعاً بنظافة المكان وأناقته، ومع الإستعمال وبخاصة في (المراحل الصعبة) و(الظروف الدقيقة) التي يجسدها زبائن غير منظمين يبدأ هذا الشرشف بالتعرض للبقع المختلفة، وربما يقوم أهل الخدمة في المطعم بتنظيفه جزئياً بين كل (مرحلة) من مراحل (الاستعمال)، لكن دون تغيير، وهنالك اليوم ماكينات تنظيف صغيرة تقوم بما تستطيع من جهد (لشفط) ما على الطاولة من بقايا، لكنها تعجز عن إزالة البقع بألوانها المختلفة ومصادرها العديدة، ويبقى صاحب المطعم مصراً على إبقاء الشرشف حتى نهاية المرحلة الدقيقة، وقد يكون الشرشف عاجزاً عن رؤية نفسه بكل ما لحق به من أوساخ وألوان وضياع للونه، لكنه يرضى بهذا مقابل رفاهية (نظرية) وهي استقباله لما يطلبه الناس من طعام وحلويات وفواكه، دون أن يأكل منها، لكن ما يلحق به هو البقايا من الألوان والأوساخ، ويبقى صاحب المطعم مصراً على بقاء الشرشف حتى آخر نوع من البقايا، وآخر لون يلحق به وقد يكون من فنجان قهوة أو شاي...
ومع مغادرة المرحلة وتفاصيلها لا يتردد الجرسون لحظة في جمع الشرشف بكل أوساخه ورميه إما للغسيل أو للتخلص منه فلا يمكن أن يبقى هذا الشرشف مع زبون جديد أو مرحلة مختلفة، وعليه الذهاب وعلى وجهه كل مخلفات الزبون (السابق)، ولن يتوقف صاحب المطعم وكل (السفرجيه) عند مصير هذا الشرشف، ولن يذكره هؤلاء إلا بوجهه الأخير، وربما لو جاء ذكر هذا الشرشف سنسمع من كل من استعمله أو وضع عليه صحنا حديثاً عن هذه البقايا وصورة الشرشف الأخيرة هي مع الجرسون الذي يجمعه ويرميه بعيداً.
 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة